أكد الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية، أن كل من يسعى لخلق فوضى اجتماعية مخالف لتعاليم الدين الإسلامى الحنيف والفطرة الإنسانية، مشددا على أن الإسلام ينهى عن الاعتداء على المسلم وغير المسلم سواء بسواء، وأن ما لا يجوز لنا أن نفعله بمسلم، لا يجوز أن نفعله بغير المسلم، مشيرا إلى أن الإسلام أرسى دعائم حضارة أخلاقية وبشرية، حوت بداخلها واستوعب تعددية الديانات والفلسفات والحضارات التي ساهمت إلى حد كبير فى بناء الحضارة الإسلامية. وقال جمعة خلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر الإسلامي بكيرالا جنوب الهند الاثنين "إننا كمسلمين لا نكره الحياة، ولا نسعى لخلق فوضى اجتماعية، وأن من يعمل أو يسعى على ذلك فهو مخالف لتعاليم ديننا الإسلامى الحنيف ومخالف لما تعلمناه عن طبيعة الشخصية الأخلاقية الخيرة، وإن الإسلام هو دين العمل و دين الحركة الدؤوبة الرامية إلى تحسين جودة الحياة كى ينعم كل من حولنا بالخير والأمن والسلام". وأوضح أن الحضارة الإسلامية تضع الناس والعباد بمختلف انتماءاتهم فى رتبة أعلى من مواطن العبادة ذاتها، وأن تلك النظرة العالمية الإنسانية لاتسمح لنا نحن المسلمين أن نرى أنفسنا فوق الآخرين، وتؤكد أننا فى الوقت الذى نفخر بحضارتنا لا نرفض غيرها من الحضارات و الثقافات بل نقدرهم جميع، ونعتبر من يسعون إلى تحقيق التنمية البناءة فى العالم شركاء لنا . وحذر من أخذ المعلقين على الأحداث فى الدول غير الإسلامية بأنها أفعال أقلية مخربة، مشيرا إلى أنها وإن كانت صغيرة لكن لها تواجد يمكن ملاحظته بوضوح ويحكموا من خلالها على مبادئ الأغلبية المعتدلة المسلمة السمحة، مدعين أن الإسلام دين عنف منذ نشأته وأنه للأسف تأكدت هذه النظرة خلال عرض الإسلام فى معظم وسائل الإعلام الغربية، وأن تلك المغالطات الصارخة تعد بعيدة تماما عن الصحة والصواب . وطالب جمعة طلاب (جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية) وخريجيها تحمل مسئولياتهم تجاه دينهم، وأن يكونوا سفراء الإسلام وأن يقوموا بعرض الإسلام واسسه ومبادئه بصورة أعمق وطريقة أشمل وبموضوعية فى كل من وسائل الإعلام ومناهج التعليم، مؤكدا أن خريجى تلك الجامعات العريقة ذات المنهج العلمى المعتدل بإمكانهم أن يلعبوا دورا بارزا ومهما فى نشر الوعى بدين الإسلام الذى يمثل التعايش السلمى جوهر رسالته . وناشد القيادات الإسلامية فى بلاد غير المسلمين فى جميع العالم إلى بذل مزيد من الجهد فى فتح آفاق جديدة جادة للتواصل والعمل لإعادة بناء الثقة القائمة على استمرار الحوار النابع من الاعتراف بالهويات والخصوصيات، وبما يحفظ احترام الآخر ولايسعى للسيطرة عليه أو إثاراة العداوات معه وأن يكون الحوار مبنيا على احترام التعددية الدينية والتنوع الثقافى. وشدد على ضرورة إرساء مفهوم الثقة والفهم بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى، مؤكدا أن هذه العملية تستلزم وجود شركاء من الجانبين لديهم الرغبة فى الحوار، مشيرا إلى أن القرآن الكريم ذكر أن جمال الكون يكمن فى التعددية الدينية والعرقية والثقافية وغيرها. وقال جمعة "إن الإسلام لم يأمر أتباعه بالتنكر لثقافاتهم ليصيروا عربا، وهذا الأمر يفسر الزخم الذى نراه اليوم من إنجازات ثقافية وفنية وعلمية وحضارية والتى يصح أن نضفى عليها الصفة الإسلامية والتى نفخر بها نحن المسلمين، والتى تشمل (تاج محل) فى الهند والذى يعتبر علامة على جزالة النظم وعلى جمال الروحانية الإسلامية . وأعرب عن شكره وامتنانه للهند حكومة وشعبا على حفاوة الاستقبال والتقدير وللقائمين على رعاية أمور المسلمين بها وللشيخ أحمد أبو بكر رئيس (جامعة مركز الثقافة السنية) الذى استطاع أن يعبر بمسلمى الهند من خلال مشروعه التنويرى العظيم بعيدا عن التطرف والغلو والتشدد، متمنيا أن يستمر ويكتب لها النجاح وأن تؤتى ثمارها حتى يعم السلام فى الهند والعالم بأسره. ومن المقرر أن يصل الدكتور على جمعة إلى نيودلهى فى وقت لاحق مساء الاثنين، حيث يلتقى بكل من نائب رئيس جمهورية الهند الدكتور حامد أنصارى، ونائب رئيس مجلس الشيوخ (راجيا سابها) الدكتور رحمان خان، ووزير الطاقة الجديدة والمتجددة الدكتور فاروق عبد الله .