أدانت جماعة "الإخوان المسلمين"، ما وصفتها ب "الأحكام القاسية" التي صدرت أمس الأول بحق المتهمين فيما تعرف ب "قضية التنظيم الدولي"، التي لا يمكن الاستئناف عليها والتي قضت بالسجن المشدد خمس سنوات على كل منهم. وأصدرت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ مساء السبت حكمها في القضية رقم 404 لسنة 2009 حصر أمن الدولة عليا المعروفة إعلاميًا باسم قضية "التنظيم الدولي" للإخوان المسلمين، بمعاقبة كل من الدكتور أشرف محمد عبد الحليم عبد الغفار، والداعية السعودي عوض القرني، والداعية الدكتور وجدي عبد الحميد محمد غنيم وإبراهيم منير احمد مصطفى بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات لكل منهم، وحضوريا معاقبة الطبيب أسامة محمد سليمان بالسجن المشدد ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 5 ملايين و600 ألف يورو ومصادرة المبلغ المضبوط وقدره 2 مليون و700 ألف يورو. وأكد الدكتور محمد سعد الكتاتنى عضو مكتب الإرشاد والمتحدث الإعلامى بإسم الجماعة، أن المحكمة التى أصدرت الحكم هى محكمة طوارء إستثثنائية بموجب قانون الطوارئ ولا يجوز استئناف أحكامها أو نقضها, والإجراء الوحيد المتبقى أمام الذين صدر ضدهم الحكم هو تقديم التماس لرئيس الجمهورية، لكن السوابق في قضايا مشابهة تشير إلى أن رئيس الجمهورية لا يستجيب لهذه الالتماسات. وأضاف "وبالتالي فإنه ليس أمام إخواننا المحكوم عليهم من هذه المحكمة الاستثنائية إلا الحصول على حقوقهم من الله الذى سيقضى بعدله بين الجميع يوم القيامة، خاصة وأن الله لا تخفى عليه خافية". وتابع قائلا "إذا كان الحكم فيه ظلم لهؤلاء فإن الله سيقتص من الظالمين يوم القيامة". من جانبه، وصف الدكتور محمد جمال حشمت القيادي الإخواني البارز في تصريح ل "المصريون" الأحكام الصادرة بأنها "سياسية" بالدرجة الأولي وليست أحكامًا جنائية أو قانونية، معتبرا أن تلك المحاكم الاستثنائية التي شرع النظام في إنشائها منذ أن بدأ يفسد الحياة في مصر هي أحكام سياسية وليست أحكامًا قضائية بالمرة. وأكد أن هؤلاء الذين صدرت أحكام بحقهم أبرياء برأتهم كل الأدلة، وأموالهم ليس بها أي شبه غسيل وليس هناك ما يثبت ذلك، واصفا القضية بالسياسية بامتياز والحكم بالسياسي الظالم الجائر. وقال إنه لا أمل في أي إجراءات قانونية أخري تقوم بها الجماعة حيال هذا الملف، طالما أن الخصومة السياسية قائمة بين النظام والجماعة، وطالما وجدت تلك المحاكم الاستثنائية والعسكرية التي تصدر الأحكام السياسية ولا تعير للقانون أي اهتمام. بدوره، وصف المحامي مختار نوح محاكم أمن الدولة طوارئ بأنها محاكم استثنائية وليست قضائية ولا تخضع للرقابة وبالأخص رقابة محكمة النقض، وبالتالي فأنها معتاد منها وكغيرها من المحاكم التي علي شاكلتها أن تصدر أحكاما ذات طابع سياسي. وقال إنه لا يعرف في تاريخ القضاء المصري أن محكمة عادية تابعة لرقابة محكمة النقض فصلت في قضايا "الإخوان" فقد اعتاد النظام على مدار 30 عاما أن يستخدم في مواجهة المعارضة و"الإخوان" بصفة خاصة، ثلاث طرق هي: الطريقة التشريعية بإصدار التشريعات المعيبة التي تحمي نظام الحكم، والطريقة الإعلامية لتشويه صورة المعارضة لدي الرأي العام، أما الثالثة فهي طريقة ذات شكل قضائي وهي المعروفة بالمحاكم العسكرية والمحاكم الاستثنائية. وأبدى سخريته من أن أصحاب قضايا الاستيلاء علي المال العام والقتلة والسفاحين يقفون أمام محاكم عادية تعاقبهم المحكمة بالإعدام وتقوم محكمة النقض بإعادة النظر في تلك الأحكام، متسائلا: إذا كان هو حال القتلة والسفاحين فلماذا لا يستوي "الإخوان" علي الأقل في أسلوب المحاكمة مع هؤلاء؟. وأضاف نوح إنه على مدار 30 عاما الماضية أجريت آلاف التحقيقات مع "الإخوان" وكلها كانت تتم في مبنى نيابة أمن الدولة، فإذا ما وصل الأمر إلى تجديد الحبس يصدر القضاء العادي حكمًا بالإفراج الفوري عن المتهمين. واعتبر أنه من اجل ذلك رأت الدولة أن تواجه "الإخوان" بغير أسلوب القانون الصحيح فكانت المحاكم العسكرية والاستثنائية، وقال إن محكمة امن الدولة طوارئ ليس لها درجة أعلى، وإنما الدرجة الأعلى لها هي "الحاكم العسكري". من جانبه، قال عبد المنعم عبد المقصود محامي الجماعة إن قانون الطوارئ يحرم الإخوان من أية محاكمة عادلة حيث يتم إحالتهم دائما إلى المحاكم الاستثنائية, وأكد أنه تم حرمان المتهمين من المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي ولم يعد أمامهم سوى تقديم إلتماس لرئيس الجمهورية وهى التماسات ثبت أنه لا يتم الاستجابة لها. وأعرب عن اعتقاده بأن الحكم يعكس تصميم النظام الحاكم على السير فى نهجه الإقصائي ضد الإخوان واستمرار فى سياسة مصادرة الحريات والإعتداء على حرمة الملكية الخاصة. وأصدرت الجماعة بيانا استنكرت فيه الأحكام الصادرة، وقالت إنه "مرة تلو أخرى يفجر النظام المصري بأمنه وحزبه في الخصومة السياسية مع المخلصين من أبناء مصر الذين يحبونها ويضحون من أجلها"، مشيرين إلى أن كل منصف "قد صدم عند سماع هذه الأحكام القاسية والتي صدرت من محكمة استثنائية ليس فيها أي درجة من درجات التقاضي التي يوجبها القضاء الطبيعي". وأشارت إلى أنه مما زاد صدمتهم أنهم لم يجدوا حكمًا مثله قط صدر في التاريخ الحديث لمن نهبوا ثروات مصر وكانوا سببا في قتل وتشريد الآلاف من أبنائها ومن عذبوا شعبها وباعوا مقدراتها وأهدروا تاريخها ومقدراتها ومكانتها. وأوضحوا أنه "كان حري بهذا النظام العابث بمقدرات البلاد أن يحميها وشعبها من المؤامرات والدسائس والفساد والإفساد وأن يحمي أمنها القومي ويغلب مصالح الوطن والمواطنين على مصالح المنتفعين من أركانه العابثين بمقدرات الوطن، وأن يغلب أمن الوطن والمواطن على أمنه وأمن سدنته، وأن يشيع روح الأمن والأمان في الوطن لا أن يتعقب المصلحين ويصادر أموالهم ويحبسهم ظلمًا وعدوانًا، ولكن أنَّى له هذا وهو الممارس للظلم والتزوير ويقف أمام إرادة الأمة معارضا للشعب كله". من جهتها، طالبت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بإعادة محاكمة المتهمين أمام قاضيهم الطبيعي، وضمان تمتعهم بكامل حقوقهم القانونية في التدرج أمام المحاكم، والطعن على الأحكام بمقتضى القانون، وبرفع حالة الطوارئ المفروضة منذ عام 1981 والتي بموجبها تنتهك الحقوق والحريات العامة المكفولة بمقتضى الدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، ولاسيما الحق في المحاكمة العادلة والمنصفة. وأوضحت المنظمة أن الإحالة إلى محاكم أمن الدولة طوارئ "وهي محاكم تنشأ بموجب قانون الطوارئ وبمناسبة فرض حالة الطوارئ في البلاد" وهو انتهاك قائم بذاته نظرًا لانعدام إمكانية الطعن على مثل تلك الأحكام هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يعتبر التوسع في إحالة المتهمين إلى القضاء الاستثنائي المشكل بموجب قانون الطوارئ "162" لسنة 1958 انتزاعا لحق الأفراد في المثول أمام قاضيهم الطبيعي وحرمانهم من الحق في استئناف الأحكام الصادرة ضدهم أمام محكمة أعلى.