لسنا فى هذا العالم وحدنا بالتأكيد ولا يعقل أن نأتي نحن لنفسر الماء بعد الجهد بالماء وألا نكون خارج السياق الطبيعي للزمن فنحن الآن نجد أن بلدنا الغالية تديرها حكومة انتقالية فما معنى انتقالية أي أنها حكومة مؤقتة لتسيير الأعمال حتى تأتى حكومة منتخبة ديمقراطيا تمثل مالك البلاد الذي هو الشعب وهذه هي الديمقراطية التي يسير على نهجها العالم المتحضر كله فلا تجد فى هذا العالم ولاية لمعين على منتخب وإنما الولاية للمنتخب على المعين على اعتبار انه ممثل الشعب الذي هو رمانة الميزان فهو المالك وإرادته فوق الجميع. من هذا المنظور إذا عكسناه على ما يجرى على ارض المحروسة نجد العجب العجاب فالحكومة المؤقتة و الرئيس المؤقت ينخرطان فى قرارات لا تتواءم إطلاقا مع مفهوم إدارة الدولة ديمقراطيا فنجد الرئيس المؤقت يصدر مرسوما بقوانين الذي هو من صلب تخصص السلطة التشريعية المنتخبة بالرغم انه قاضى ورئيس سابق للمحكمة الدستورية وكان أولى أن يربأ بنفسه عن السقوط فى ذلك التعدي على سلطة لا يملكها مؤثرا عدم التورط فى عمل تختص به سلطة أخرى ولكن وجدنا ذلك يتم بكل أريحية فى ظل غابة من الإعلام السفيه الموجه آذانه إلى شفاه من يديرون المشهد توافقا مع رغباتهم و إرادتهم دون أي اهتمام بسلطة هذا الشعب أو بإرادته بعد أن استسلم الكثيرون لمبدأ ولاية المتمكن وتنفيذ ما يريد بالتسويق الإعلامي للشعب دون تحرى الرغبة الحقيقية لكل طوائف هذا الشعب لتصبح كلمة الأغلبية شعارا يتردد على فضائياتنا دائما دون وعى فمن جمع 300 فرد لغرض معين أطلق عليهم مليونية ومن تفتق ذهنه عن التوقيع على وثائق لخدمة غرض دون آخر من عينة كمل جميلك أو السيسي رئيسا وجدنا منهم من يقول انه جمع 30 مليون طلب موقع وأصبح السجال مفتوحا دون أي مسائلة فالكذب وعدم الموضوعية هم شعار المرحلة والكل يدعى انه يملك الأغلبية الشعبية التي تبرر ما يدعيه. إذا أعدنا التأمل فى بعض القضايا المصيرية و السيادية التي تخص اى بلد لوجدنا أن كل تلك الأمور السيادية لا ينخرط فى اتخاذ قرار بشأنها إلا حكومة منتخبة بينما لدينا على سبيل المثال وليس الحصر توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص بعد ما أثاره بعض المخلصون من تجنى أطراف سواء قبرص أو إسرائيل على حق مصري فى اكبر حقول الغاز المكتشفة وقد ذكر ذلك تفصيلا السيد بلال فضل مستندا إلى آراء متخصصين يحذرون من ضياع حق مصر فى هذه الاكتشافات فإذا نعلم أن الرئيس القبرصي زار القاهرة للتوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود التي من المفروض أنها عملا سياديا لا يمكن أن يتصدى له إلا سلطة منتخبة ممثلة لهذا الشعب وبدلا من ذلك وجدنا تعاميا تاما عن الموضوع ولم يكلف مسئول نفسه أن يخرج علينا سواء من الخارجية أو رئاسة الوزراء أو الرئاسة ببيان تفصيلي لما حدث و مبرراته ولماذا لم يتم تأجيل ذلك لحين وجود حكومة منتخبة تملك حق التوقيع عن الشعب بدلا من اتخاذ هكذا قرارات من حكومة تعلن أنها ليست إلا لتسيير الأمور فإذا بها تغتصب حقا ليس لها ودون أن يكلف أحدا نفسه بمواجهة الشعب وتفسير سر العجلة فى ذلك. ما سبق ليس إلا مثالا واحدا يعكس سلوكا معوجا من حكومة مؤقتة لأنه يتكرر دون مسائلة فمشروع تنمية محور قناة السويس هو مشروع هام وحيوي جدا لمصر وعرض هذا المشروع أيام الرئيس مرسى وقوبل بهجوم و اعتراضات ما انزل بها من سلطان من جهات سيادية وصلت إلى ادعاء أن مثل هذا المشروع مساس بالأمن القومي وان هذا المشروع خطوة من خطوات أخونة الدولة إلى غيرها من اتهامات لهذا المشروع بالرغم أن هذا المشروع كان من خلال موافقة برلمان منتخب ديمقراطيا سواء اتفقنا من فيه أو اختلفنا فقد كانوا ممثلين حقيقيين للشعب يحق لهم أن ينوبوا عنه فى مثل تلك الأمور ثم بقدرة قادر تحول خلال اشهر المشروع الذي كان خطرا على الأمن القومي إلى مشروع حيوي تتولاه الحكومة التي لم نرى لها أثرا لنجاح على اى مستوى ربما إلا العنف وانعدام الأمن فوجدنا كراسة الشروط تجهز و تقدم والاجتماعات تجرى لمناقشة الضمانات التي تقدمها مصر و التسهيلات المتاحة لهذا المشروع فى غباء منقطع النظير لقرارات تتخذها حكومة مؤقتة تخص مشروعا حيويا مثل هذا تبلغ تكلفته مئات المليارات دون وجود ممثل لهذا الشعب يعلم أو يطلع على مجريات الأمور وتلك مصيبة أن تشعر حكومة مؤقتة فاشلة على كافة الأصعدة ثم تقدم على الدخول فى قرارات مصيرية سيدفع ثمنها لسنا فقط نحن وإنما يمتد أثرها إلى أولادنا وأحفادنا دون أن يقدم تفسيرا لذلك لهذا الشعب الذي للأسف لا يشعر به من يديرون المرحلة معتبرين أن الشعب فوضهم وانتهى فهم لا يحتاجون إليه إلا ساعة الحشد و الانتخابات فيخرجون عليه بكلمات جياشة مبالغ فيها حتى ينتهي ما يريدون فتنتهي الحاجة للشعب متناسين أو متغافلين أن هذا الشعب هو المالك و الكل نخبة وحكومة وجيشا وداخلية هم من يعملون لحسابه وليس العكس. وإذا أتينا إلى سلوك مثير لتلك الحكومة فى معالجة موضوع سد النهضة فنجد عجبا عندما أثير أيام الرئيس الاخوانى من نقاش للأسف تم بصورة عبثية ولكن ما يهمنا انه كان يطرح ضرورة التصعيد و اللجوء إلى كل الاحتمالات فخرجت النكات و السخرية التي كان بعضها فى محله واستنكر الكثير ذلك على اعتبار أن الموضوع اخطر من ذلك فإذا بنا نجد الأعجب فى تصريحات مسجلة لرئيس الوزراء المؤقت يثنى فيها على إثيوبيا ويصل إلى القول أن سد النهضة لا يؤثر سلبا على مصر بينما إذا استمعنا إلى تصريحات وزير الري فى نفس الحكومة المؤقتة الفاشلة دائما تحدثنا عن 15 % عجز فى نصيب مصر من المياه وهو ما يدخلنا فى نطاق الفقر المائي ثم إذا تأملنا آخر جولات المفاوضات التي تمت فى الخرطوم برعاية سودانية و انتهت إلى الفشل التام بعد تمسك الجانب الاثيوبى بموقفه ورفضه اى اقتراح مصري تم تقديمه مما أدى إلى انسحاب الوفد المصري وخروج تصريحات المسئولين بضرورة التصعيد مع إثيوبيا ثم يخرج علينا الخبراء فى مجالات المياه بان الخوف ليس فقط من هذا السد ولكن من تبعاته التي تتمثل فى إنشاء العديد من السدود قبله لعلاج تأثير الاطماء المتراكم وحتى لا ينهار سد النهضة ولكم أن تتخيلوا كل سد من هؤلاء كم يحتاج من المياه لملئ بحيرته وكل ذلك مستقطع من نصيب مصر فهل من عاقل يتساءل لماذا لم نعرف ذلك من قبل ولماذا خرج رئيس الوزراء المؤقت بمثل تلك التصريحات التي بلا شك لها تأثيرها فى إضعاف موقف المفاوض المصري وهو ما أوصلنا إلى الطريق المسدود الذي رفضنا أن نصدق سابقا انه مسدود عندا وكبرا لان من رأى ذلك الانسداد هو من الفريق المناوئ فأين مصر ومصالحها فى ذهن تلك الحكومة المؤقتة التي كلما اجتهدنا باحثين عن نجاح تم تحقيقه على الأرض صدمنا بمزيد من الفشل وعدم المسئولية. لك الله يا مصر وحفظك الله ووقاك شر جهل البعض من أبنائك