فجر القبض على المهندس صالح جاهين نائب رئيس "الحزب الإسلامى"، الذراع السياسية ل "جماعة الجهاد" بتهمة التحريض على العنف, مخاوف من أن يفتح ذلك الباب واسعًا أمام حملة اعتقالات فى صفوف الجهاديين, لاسيما وأنه معروف عنه اقتناعه الشديد بالعمل السلمى وتأكيده دومًا بأن النهج السلمى أقوى بمئات المرات من العمل المسلح والعنف. وجاءت واقعة القبض على جاهين, المعروف في أوساط الجهاديين ب "أبو سياف" بعد ساعات من اجتماع لقيادة "التحالف الوطنى لدعم الشرعية" بمقر "الحزب الإسلامى" كرسالة من الدولة بأنه لا تهاون مع أى حزب أو قوة يثبت ارتباطها أو دعمها لفعاليته وأنشطته فى ظل اقتراب الاستفتاء على الدستور والذكرى الثالثة لثورة 25 يناير ولعل ما عزز المخاوف فى صفوف الجهاديين من اعتقال جاهين الذى ارتبط بصلات وثيقة مع زعيم جماعة الجهاد الراحل محمد عبد السلام فرج أحد المنفذين لعملية اغتيال الرئيس الأسبق نور السادات أنه كان صاحب التصريح الشهير "من يستخدم العنف من الجهاديين ضد الدولة فلا يلومن إلا نفسه" محذرًا فى الوقت نفسه من مخطط لجر الإسلاميين للعنف رغم محاولات نأيهم بنفسهم عن هذا المسار منذ عدة سنوات. وتزامن إلقاء القبض على جاهين مع سياق غامض لتعامل الدولة مع الجهاديين, لاسيما أنه ترافق مع أنباء عن تفضيل القيادى الجهادى البارز مجدى سالم عدم العودة إلى القاهرة بعد حضوره أحد المؤتمرات الإسلامية بتركيا, حيث كان مقرر عودته فى 19 ديسمبر الماضى إلا أن بقاءه هناك عزز المخاوف من احتمالات أن تشهد الأيام القادمة موجة من الاعتقالات والاحتجاز فى صفوف الجهاديين فى إطار مساع لإفشال تحركات مضادة لعرقلة الاستفتاء على الدستور . وأثار اعتقال جاهين مخاوف من احتمال تكرار اعتقالات جديدة بين رموز الجهاديين الذين رفضوا الانخراط فى مراجعات فقهية، ومن تحكم علاقاتهم بأجهزة الأمن محطات توتر، وهو ما بدأت فصوله الأسبوع الماضى، بعد اتهام القيادى الجهادى البارز أحمد سلامة مبروك بقيادة تنظيم "أنصار بيت المقدس"، الأمر الذى نفاه عدد من قادة الجهاد، بل وأكدوا أن ظروفه الصحية ومعاناته من كسر مضاعف بالقدم تحول دون انخراطه فى أى أنشطة. وكانت معلومات قد راجت خلال الأسابيع الماضية عن احتمالات شن أجهزة الأمن حملات فى أوساط الجهاديين، لدرجة أن العشرات منهم بدءوا فى تغيير أرقام هواتفهم ومحال إقامتهم ويلجأون لمناطق نائية لعلها توفر لهم ملاذًا أمنًا من عصف قوات الأمن متى صدرت لها التعليمات بذلك خصوصًا أن عددًا من رموز الجماعة الإسلامية كانوا قد بدءوا الخروج من مصر بطرق مختلفة وهو ما رجح معه تكرر قيادات جهادية لهذا الأمر. وأبدت شخصيات جهادية مخاوفها من أن تكون عملية إلقاء القبض على جاهين مقدمة لعملية ملاحقة لقادة الجماعة والحزب الإسلامى باعتبار جاهين أحد أبرز قادة الجماعة بل إمكانية أن توجه الأجهزة الأمنية ضربات متتالية لهم بعد الفراغ من الإخوان. من جهته، أبدى محمد أبو سمرة القيادى البارز فى جماعة الجهاد, مخاوفه من احتمالات أن يمثل اعتقال المهندس صالح جاهين نائب رئيس الحزب الإسلامى الذراع السياسية لجماعة الجهاد بداية حملة ملاحقات لقيادات الجماعة والحزب الإسلامى. ولم يستبعد أبو سمرة, أن يكون اعتقال جاهين له علاقة باستضافة الحزب الإسلامى اجتماعًا للتحالف الوطنى لدعم الشرعية الأخير نافيًا أى علاقة لجاهين أو للحزب بأى أعمال عنف أو مواجهات فى الساحة السياسية. واعتبر, أن جماعة الجهاد حسمت خياراتها خلال الفترة الماضية بتبنى السلمية فكرًا ونهجًا خلال المرحلة القادمة على اعتبار أن ما تحققه السلمية يفوق اللجوء للعمل المسلح. لكن الدكتور أنور عكاشة منظر جماعة الجهاد استبعد أن يكون اعتقال جاهين مقدمة لحملة ضد الجهاديين, متوقعًا بأن احتجازه لن يطول فى ظل عدم ارتباطه بأى من التنظيمات وحسمه مسألة عدم العودة مجددًا إلى العنف. وتابع: "جاهين حسم خياراته حيث كان أول من شدد على أهمية العمل السياسى وكان وكيلاً لمؤسسى حزب السلامة والتنمية الذى تغير أسمه للحزب الإسلامى ومن ثم فأنى أرى أن إلقاء القبض عليه قد يكون رسالة من الدولة للجهاديين بضرورة التزام الهدوء وعدم الاستمرار لآخر الشوط فى دعم الإخوان". وشدد على أن السلمية وعدم اللجوء للعنف مجددًا هو خيار أغلبية الجهاديين لذا لا أتوقع أى عودة لهم للعنف ولا حمل السلاح ضد الدولة مجددًا رغم تفضيل أغلبية الجهاديين الاستمرار فى دعم التحالف الوطنى وعدم الاستجابة للضغوط الموجهة بضرورة الانسحاب من التحالف وعدم الدخول فى مواجهة مع الدولة.