منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى ادم عليه السلام والصراع بين الحق والباطل علي أشده، منذ أن رفض إبليس الملعون أمر لله عز وجل بالسجود لآدم عليه السلام ، ابتدأ الصراع بين الخير والشر، بين الهدي والضلال، بين الحق والباطل..كان أول امتحان لأدم إلا انه عليه السلام استمع لوسوسة الشيطان بالأكل من الشجرة فأنزله الله إلى الأرض عقوبة له على ذلك ، وتوالى الصراع بين الحق والباطل في الحسد بين أبناء ادم!! انهارت إرادة الخير وتغلب الباطل على قابيل حيث قام بقتل أخيه هابيل لأجل قضية دنيوية لا تستحق أن يكون صراع عليها، قديم قدم البشرية ولن ينتهي هذا الصراع إلا بقيام الساعة...!! البداية: وبدأ طريق الفساد ومنطق المفسدين من لدن ادم إلى يوم الدين في قلب الاوضاع ، وتزييف الأمور، وتفييب الحقيقة ، وطمس الحق وتزيين الباطل..!! كيف؟!! يرون الحق باطلاً، والباطل حقاً، والأيمان كفراً والكفر إيمانا، والنصر هزيمة، والهزيمة نصراً، والعري فنا والفن عري، والذل عزا والعز ذلا، ولسان حالهم يقول كما قال سيدهم في الإفساد وقدوتهم في الباطل..!! ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ (غافر: من الآية29) وتاريخ هذا الفريق من (الكبراء، السادة، المترفين، الملأ، البطانة) يعيد نفسه، وما أشبه الليلة بالبارحة...إن الله لم يجعل لهم نوراً يمشون به في الناس..!! طمس علي أعينهم، وجعل علي قلوبهم غشاوة..فكان هذا حالهم..!! قوم لوط : وهؤلاء قوم جيشوا كل طاقاتهم السياسية، والاقتصادية، والإعلامية ضد نبيهم الذي كان يدعوهم لعبادة الله وحده، وترك ما هم عليه من الفاحشة، بل وصل بهم الكبر والخيلاء وإعجابهم بسلوكهم الشاذ، ومنطقهم الانحلالي إلى أن سعوا جادين لتلويث طُهر أضياف نبيهم عليه السلام.. استمرار نبيهم لوط عليه السلام في تذكيرهم بأهمية مراجعة النفس، وإعمال العقل بصدق لتصحيح المسار، وتكراره عليهم: ﴿أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ (هود: من الآية78)، إلا أنهم في ذلك المجتمع أخذوا يفكرون ويقدرون في وسائل التغلب عليه ومن آمن معه، وتغييب ما جاء به عن حياة البشر، ثم فكروا وقدروا، فقد صدهم الكبر ومنعهم الخوف على مناصبهم ومكانتهم ومصالحهم الشخصية عن قبول النور الذي جاء به النبي لوط عليه السلام، وأخذوا يحشدون الرأي العام للخروج بموقف موحد من الإصلاح والمصلحين المتمثل في لوط ومن معه من المؤمنين الذين أصبحوا خطراً على مجتمعهم الحر وعلي ثقافته المنفتحة ووحدته الوطنية!! كما يزعمون ويروجون..!!. فتبجحوا في كسب أصوات بعض المستضعفين السذج، فقالوا بصوت واحد: ﴿أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ﴾، لماذا؟ وما هو الذنب؟ وما هي الجريمة؟ قالوا: ﴿إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾، أهل الباطل لا يوجد لديهم منطق وقدرة على حوار أهل الحق بالمنهج الموضوعي والعلمي والإنساني، إلا استخدام أدوات القوة ، اللغة الوحيدة التي يفهمونها ولا يتقنون سواها. بطانة الإفساد مرتبطة بمصالح متداخلة مع أهل الباطل، كون الخير والحق ينادي بمفاهيم تتعلق بحياة الإنسان على الأرض، من عدالة وحرية ومساواة وكرامة واستقامة وبعدٍ عن الفساد بأشكاله المختلفة، وهذه المعاني لا ترضي أهل الإفساد في كثير من الأحيان لان تطبيقها في الواقع الإنساني قد تبعدهم عن مواقعهم ، ويتحدون أهل الحق بكافة الأساليب والوسائل، أو قد تنطلي أساليب خداع أهل الباطل على أهل الفساد في أن أهل الحق يشكلون خطرا حقيقيا عليهم بما يحملون من أفكار تجديدية وتغييريه ، وبالتالي يتخذ ون موقف العداء الصارخ من أهل الحق، تأمل كلمة(أخرجوهم) فهي فعل أمر، يبين الحكم النهائي لمصير لوط عليه السلام وأتباعه وتدل على أن قائلها يتمتع بسلطة كبيرة في القرية. الباطل يخاف من الحق وأهله، ولهذا يحاول أن يعمل فاصل مادي بينه وبين أهل الحق فيبذل كافة الوسائل والأساليب للاقصاء والابعاد بل للابادة لكل من يبرز الارادة اويخالف السادة 000 ﴿أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ إلى إبعاد أهل الحق سواء بالطرد من الوظيفة أومن الوطن أو التصفية أو التغييب تطبيقا لقاعدة تجفيف المنابع . وانظر إلى قوله تعالى يخبرنا عن رد قوم سيدنا شعيب عندما دعاهم إلى وحدانية الله، وإيفاء الكيل والميزان وعدم بخس الناس أشيائهم ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ﴾ (الأعراف: 88) وانظر أيضا إلى تآمر أهل قريش على حياة النبي ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ (الأنفال: 30). وهكذا مع كل الرسل ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ﴾ (إبراهيم: 13) لكن النتيجة التي لا يفهمها أهل الإفساد ﴿وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ﴾ (إبراهيم: 14). أهل الباطل لا يوجد لديهم حلولٌ وسطى في تعاملهم مع أهل الحق، فإما الالتزام بمنهج الباطل أو الإخراج والطرد من الوطن أو الوظيفة أو أي موقع تأثيري في مؤسسات المجتمع! سبب عداء أهل الباطل لأهل الحق أنهم يتطهرون وليس أنهم طاهرون، أي لا يكتفوا أن تكون أنفسهم طاهرة فقط بل يمارسون نشر الخير والطهارة والفضيلة بين أفراد المجتمع، وهذه طبيعة الإنسان المصلح الذي يدعو الناس إلى الالتزام بمنهج رب العالمين ، انه كالماء الجاري طاهر في نفسه مطهر لغيره، ينشر الخير بينهم، وينبه إلى مخاطر الانحراف الأخلاقي والسلوكي، ولهذا قد يكتفي أهل الباطل من الآخرين أنهم صالحون وطاهرون شريطة أن لا يتدخلوا في شؤون المجتمع بل وشؤون أهل الباطل وان تكون إدارة الحياة لهم فقط بالصورة التي يرونها مناسبة، وقد يصل الأمر بأهل الباطل أن يفعلوا بعض الخير تغطية لشرورهم الداخلية. إن منطق الإفساد ومنهج أتباعه يقول لصنّاع الحياة ومريدي الطهر الإنساني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ومريدي سعادة البشر من أتباع الرسالة الخاتمة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم: ﴿أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ (الأعراف: من الآية82).وصدق الله العليم بما يسرون ويعلنون، حيث قال: ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ (الذاريات: 53).فكانت العاقبة والنصر للوطٍ عليه السلام ومن آمن معه حيث أنجاهم الله، وأما المكذبون فكانوا من الغابرين. قوم صالح: وهؤلاء ملأ يصفون المصلحين بالسفاهة، والإصلاح بالكذب ، بوق اعلامي قديم جديد يتبني الكذب ويسوقه ليغير وجه الحقيقة لكتهم فاشلون ﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ (هود: 66) فكان رد النبي الناصح، والرسول المصلح ﴿قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ* أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ (هود: 67-68) إن أهل الباطل يرجون فقط من يسوغ معهم باطلهم، ويحبون فقط يسير معهم علي دربهم وينتهج منهجهم آبائهم..!! ﴿قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ (هود: 62) القرشيين: في موضع أخر عرفوا الحق وبدل أن يلتزموه، وينصروه، عاندوه وعارضوه..!! ودعوا الله لا أن يهديهم إليه..بل أن يعذبهم ويمطرهم بحجارة من السماء..!! ﴿وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (الأنفال: 32) الفراعنة: وهذا طاغية قديم جديد يريد أن يعبد الطريق لإفساده..!! ويؤمن المسيرة لثرواته وممتلكاته بالتخلص من الإصلاح وأهله..!! ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى..﴾ (غافر: 26)..!!..عندما يعم الطغيان، فيعمي الأبصار، ويصم الأذان ويبدد الإيمان، عندها يكون التهديد للخالق والمخلوق سيان ﴿وَلْيَدْعُ رَبَّهُ...﴾ (غافر: 26)..!! لماذا يا ملعون؟!! ﴿إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾ (غافر: 26)..!! هل تصدق فرعون الملعون يدعي الإصلاح ويرمي موسي عليه السلام بالإفساد..!! هذا منطق كان وكائن وسيكون...!! لكن أين فرعون..؟!! أين قارون..؟!أين شارون.؟!! أين هامان..؟!! أين عاد.؟.أين ثمود؟..أين ﴿الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ *فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ *إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ (الفجر: 11-14) ومنطق الطرد والاقصاء والإبعاد دون الحوار والإرشاد منذ زمن بعيد ﴿فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ (هود: 27) أصحاب الأنبياء أراذل وكذابون ليس لهم إلا الطرد والإبعاد..!! لكن انظر إلى الدعاة والمصلحين كيف يردون..!! ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ* وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ* وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ* وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (هود: 28: 31) الحوار لم يعجبهم ولم يمرر ارادتهم الباطلة ضاقوا ذرعا بالحوار وتحول عنهم إلى جدال.. ﴿قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ (هود: 32) هود عليه السلام يجادل..!! هل تصدق؟!! إن إبعاد الصالحين جريمة، وإخراج المخلصين، وطرد المصلحين ظلم يعاقب عليه الشرع والمشرع والمنظم للكون كله، حتى ولو حدث ذلك من أحب الخلق إليه سبحانه..!! كيف؟! ﴿وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (الأنعام: 52) أخوة يوسف وامرأة العزيز: أخوة يوسف دبروا الأمر، وعقدوا العزم، وبيتوا النية علي قتله أو إبعاده ﴿اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ* قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ﴾ (يوسف 9-10) وخططوا لذلك ﴿قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ* أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (يوسف: 11-121)...كذب مجسم وتبرير مخيم، ومؤامرة محكمة وخطة مغايرة ﴿وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ* قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ* وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ (يوسف: 16- 18). مشهد أخر في نفس السورة وذات القصة لقلب الحقائق وتبرير الكذب ﴿وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءاً إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (يوسف: 25) يوسف عليه السلام أراد سوء..!! هل تصدق؟!! وعقابه السجن والإبعاد..!! والسجن في نظر المصلحين أفضل من الجنوح نحو الإفساد او حتى الرضا به ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلى مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ﴾ (يوسف: 33) والله يجيب هؤلاء ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (يوسف: 34) وظهرت الحقيقة..وتحدثت واعترفت المتهمة الأصلية في مسرح الجريمة المفتعلة ﴿مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ* ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ* وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (يوسف: 51 -53) ماذا كانت النتيجة..؟ تمكين ورحمة للمحسنين من أمثال يوسف في الدنيا ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (يوسف: 56) وفي الآخرة ﴿وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾ (يوسف: 57) بل والذين ظلموه من إخوته أصابهم الذل والفقر وتحولوا في نهاية الأمر إلى متسولين..!! ﴿فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ (يوسف: 88) أما يوسف الصديق فقد خرج من محنته بعديد من المنح..!! خرج أول رجل في هذا البلد لحفظه وتقواه ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ (يوسف: 55) نعم أجابه الله...انه يتحدث عن نفسه فيقول..!! ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ (يوسف: 101) الالتزام بالطهر ونصرة الحق ودفع الباطل هي عوامل تدفع المفسدين الي طمس الحقيقة و قلب الاوضاع و تعميق الصراع واستجلاب الضياع 0 ما يحدث اليوم: وها نحن اليوم نعيش في هذا العالم وهناك مجالات موجهة في الحياة من الذين يسيرون على غير نور من الله..بطانة لا تحب الطهر في الاعتقاد بأن الله واحد أحد فرد صمد خلق الخلق لعبادته، واوجد البشر لتوحيده..!! ولا تحب الطُهر في الحياة الاجتماعية فنحرت والحياء العفة بسكين الفن العميل والحرية المغشوشة وطعنت السعادة والريادة، بخنجر الغلاء والثراء، وضربت العزة والكرامة بمدفع الذل والاستبداد..!! ولا تحب الطهر الاقتصادي فطحنت الشعوب والأمم برحى الاحتكار والحرق بالنار !! ولا تحب الطهر السياسي فأقصت شرع الله وحاربت عباد الله وحرمت الشعوب من عدالة الإسلام تحت ستار الإرهاب والكباب!! إلى المؤمنين في أرض الله، وإلى دعاتهم العاملين لنصرة دين الله لا تهنوا ولا تحزنوا إذا ما اتقيتم وصبرتم، وأبشروا فإن الله تعالى يقول: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ (آل عمران: من الآية 120) خميس النقيب . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.