مع اقتراب الاستفتاء الشعبي على مسودة دستور مصر المعدل، تخوض 3 فئات من القوى السياسية سباقا لدفع الشعب المصري نحو 3 خيارات؛ المشاركة بالتأييد أو المقاطعة أو التصويت ب"لا". والسباق تتصدره ثلاثة قوى وهي السلطة الحالية المؤيدة للمسودة المعدلة، والتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب (المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي) الذي يتجه رسميا للمقاطعة، فيما تتجه قوى "التيار الثالث" للتصويت بلا بعد ترجيحات بالمقاطعة. ويشكل السباق الثلاثي بين تلك القوى خيارا مصيرياً بالنسبة للوضع السياسي الذي تشهده مصر حالياً، عقب قرارات 3 يوليو/ تموز الماضي التي أطاحت بالرئيس المصري محمد مرسي، حيث يعد الاستفتاء على الدستور أولى الاستحقاقات الانتخابية وفقا لخارطة الطريق الانتقالية ويعتبر سياسيون مصريون المضي في الاستفتاء بمثابة إضفاء شرعية دستورية للسلطة الحالية، وأن عدم اتمامه هو أبرز تهديد لقيادة 3 يوليو/ تموز الماضي وهو ما دفع بالسلطة الحالية لتكثيف جهودها الحالية لحث لمصريين على المشاركة فيه. وخارطة الطريق أصدرها الرئيس المؤقت عدلي منصور في إعلان دستوري يوم 8 يوليو/تموز الماضي، تنص على الاستفتاء الشعبي على تعديل الدستور، يعقبه إجراء انتخابات برلمانية تليها رئاسية، دون تحديد جدولا زمنيا لتنفيذ هذه الاستحقاقات، غير أن المسودة التي أقرتها لجنة "الخمسين لتعديل دستور عام 2012 فتحت الباب أمام تعديل مراحل تلك الخارطة وتركته للرئيس المؤقت عدلي منصور باعتباره يتولي السلطة التشريعية حاليا في غياب البرلمان ترتيبها وذلك بالنص على إجراء الانتخابات برلمانية ورئاسية في غضون 6 أشهر على أن تجرى أيهما في غضون 30 يوما من إقرار الدستور. وتسلم الرئيس المؤقت مسودة الدستور المعدلة الثلاثاء الماضي ومن المقرر أن يدعو للاستفتاء عليها خلال 30 يوما من تسلمه المسودة وفيما يلي خارطة السباق الثلاثي للمؤيدين والرافضين والمقاطعين للاستفتاء على الدستور المعدل:- * أولا المؤيدون لمسودة الدستور المعدلة: - السلطة الحالية (الرئاسة والجيش المصري ولجنة تعديل الدستور). فعقب تسليم مسودة مشروع الدستور يوم الثلاثاء الماضي، دعا عمرو موسى رئيس "لجنة الخمسين" التي عدلت الدستور، الشعب المصري للتصويت بكثافة في الاستفتاء على الدستور، كما دعاهم أيضا إلى "التصويت بخيار نعم". - القوى المشاركة وأخرى مؤيدة لقرارات 3 يوليو/ تموز الماضي (قوى سياسية ودينية). وهي القوى السياسية: الأحزاب المنضوية تحت جبهة الإنقاذ الوطني (أكبر كيان كان معارضا لمحمد مرسي) وتضم كل من أحزاب الدستور والمصريين الأحرار والمصري الديمقراطي الاجتماعي والتحالف الشعبي الاشتراكي وحركة التيار الشعبي التي يتزعمها حمدين صباحي، إلى جانب حركة تمرد الشعبية (التي دعت لمظاهرات 30 يونيو) - القوى الدينية: وأبرزها الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، إلى جانب الدعوة السلفية وحزبها "النور". وأعلن حزب النور في مؤتمر صحفي الخميس المشاركة في الدستور ودعا إلى التصويت عليه ب"نعم". وقال شوقي علام، مفتي مصر، في تصريحات إعلامية اليوم، أن مسودة التعديلات الدستورية التي شارك فيها الأزهر الشريف تعبر عن كافة أطياف الشعب المصري، وأن الأزهر الشريف كان له دور كبير في تقريب وجهات النظر والوصول إلى التوافق حول المواد الخلافية. ويعد تصريح مفتي مصر، بمثابة تأييد للاستفتاء على الدستور، وإن لم يدعو بشكل صريح للتصويت بنعم وبالنسبة للكنيسة المصرية، فقد وصف البابا تواضروس الثاني بابا الأقباط الأرثوذكس مسودة الدستور المعدلة ب"المتوازن والخطوة الهامة لمصر على طريق الديمقراطية الصحيحة. واعتبر البابا خلال عظته الأسبوعية بالكاتدرائية المرقسية الخميس إن المشاركة في الاستفتاء ضرورة واجبة ، دون أي أعذار، وهو موقف معاكس لدستور 2012 حينما رفض قبول دستور 2012 عقب انسحاب ممثلي الكنائس من الجمعية التأسيسية الأولي والثانية التي كانت منوطة بكتابة دستور مصر. أما بالنسبة للطرق الصوفية فقد أعلنت الخميس دعمها للدستور الجديد لدعم الإرادة الشعبية و"ثورة 30 يونيو/حزيران"، حيث طالب عبد الخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية ونائب رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية خلال مؤتمر عقده الاتحاد بدعم الدستور الجديد ل"كونه سليم البنية و شارك فيه اناس موثوق بهم وفي فقههم القانوني". وبدأت وسائل الإعلام المؤيدة لعزل مرسي في بث إعلانات تدعو المصريين للتصويت ب"نعم" والمشاركة بكثافة في الاستفتاء على الدستور تتزايد بشكل لافت في الأيام القليلة الماضية. وعلى إحدى المحطات الإذاعية "راديو مصر" (حكومي) يبث يوميا أكثر من مرة إعلان: "لن تعجبك كل مواد الدستور، أكيد هناك مواد سنختلف عليها ولا يوجد دستور يتفق عليه 90%، وهذا ليس أول أو أخر دستور سنقوم بعمله"، في محاولة لإقناع المصريين بالمشاركة وتجاوز المواد الخلافية في الدستور من اجل التصويت بنعم. ثانيا المقاطعون للاستفتاء: تتجه قوى "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي إلى المقاطعة رغم أنها لم تعلنها بشكل رسمي بعد. وقال قيادي في التحالف إن الأخير سيدعو الشعب المصري إلى "مقاطعة" الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، والمشاركة في "موجة ثورية جديدة" في يوم الاستفتاء. ويضم التحالف قوى معظمها تنتمي إلى التيار الإسلامي، وعلى رأسها: جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، والجماعة الإسلامية وحزبها البناء والتنمية، وأحزاب الوطن والأصالة والوسط. وقال محمود فتحي، رئيس حزب الفضيلة (السلفي)، والقيادي في "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب": "نحن عندنا موقفان؛ الأول: أننا لن نشارك العصابة الإنقلابية في استفتائهم، والثاني: موجة ثورية جديدة يوم الاستفتاء". وأوضح في تصريح على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أن "التحالف" سيدعو إلى موجة ثورية جديدة "يظهر من خلالها حجم الزخم الثوري وضعف الإقبال الشعبي على الاستفتاء"، وتساهم في "تشيت جهود قوات الإنقلاب بين التصدي للثوار وبين الذهاب للتصويت في اللجان النائية لرفع نسبة التصويت". ثالثا الرافضون لمسودة الدستور المعدلة: أما بالنسبة للقوى السياسية المعروفة إعلاميا باسم "التيار الثالث"، الرافض ل"حكم الإخوان والعسكر"، فلم تحدد بعد موقفها النهائي لكنها قررت أن تكون في موقف الرافضين للاسفتاء. ويضم التيار الثالث غالبية الوجوه المشاركة في 25 يناير/ كانون ثان عام 2011، والذين خرجوا في مظاهرات حاشدة يوم 30 يونيو/ حزيران الماضى، ومن بينهم أحزاب سياسية وحركات ثورية أبرزها حزب مصر القوية وجبهة طريق الثورة وحركة 6 أبريل الشبابية ومجموعة لا للمحاكمات العسكرية وغيرها. وقال محمد عثمان عضو المكتب السياسي لحزب مصر القوية، للأناضول إن الحزب لم يتخذ قراره النهائي بعد، لكنه اتخذ موقفا مبدئيا وهو رفض هذا الدستور؛ لأنه يمثل عوارا لا يمكن القبول به. ويتوقع مراقبون أن يكون خيار الميدان الثالث هو التصويت ب"لا" على الاستفتاء على الدستور، ليشكلوا بذلك خيارا ثالثا، بعيداً عن خيارات التأييد التي تتبناها السلطة الحالية والمقاطعة الذي يتبناه "التحالف"، لكن ثمّة توقعات بإمكانية تغيير موقف المنتمين للميدان الثالث، وإعلان مقاطعتهم للاستفتاء، وهو ما سيكون مشابها لموقف أنصار مرسي، وهو ما سوف يشكل تهديداً حقيقاً لأولى الاستحقاقات الانتخابية وفق خارطة الطريق الانتقالية.