ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الخميس 13يونيو    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 13 يونيو 2024    أسعار اللحوم والأسماك اليوم 13 يونيو    الأمم المتحدة: عدد المهجرين قسرا حول العالم يحطّم رقما قياسيا    برا وبحرا وجوا، قصف إسرائيلي مكثف على "المواصي" التي تؤوي آلاف النازحين برفح (فيديو)    من هو طالب سامي عبدالله القيادي في حزب الله الذي اغتالته إسرائيل؟    سعد شلبي يكشف موعد أول مباراة تقام على استاد الأهلي الجديد    قد تشهد تتويج الاتحاد.. الأهلي يواجه «سيد البلد» في رابع مواجهات نهائي دوري سوبر السلة    مزاد لبيع لوحات سيارات مميزة بمصر.. واحدة وصلت 6 ملايين جنيه    حريق هائل يلتهم مصفاة نفط على طريق أربيل بالعراق    قائمة مصاريف المدارس الحكومية 2024 - 2025 لجميع مراحل التعليم الأساسي    بريطانيا تقدم حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا بقيمة 309 ملايين دولار    يورو 2024| أغلى لاعب في كل منتخب ببطولة الأمم الأوروبية    تراجع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 13 يونيو 2024    الأرصاد: اليوم طقس شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 40    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم: جحيم تحت الشمس ودرجة الحرارة «استثنائية».. مفاجأة في حيثيات رفع اسم «أبو تريكة» وآخرين من قوائم الإرهاب (مستندات)    حجاج القرعة: الخدمات المتميزة المقدمة لنا.. تؤكد انحياز الرئيس السيسي للمواطن البسيط    متى موعد عيد الأضحى 2024/1445 وكم عدد أيام الإجازة في الدول العربية؟    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    محمد ياسين يكتب: شرخ الهضبة    حامد عز الدين يكتب: لا عذاب ولا ثواب بلا حساب!    «طفشته عشان بيعكنن على الأهلاوية».. محمد عبد الوهاب يكشف سرا خطيرا بشأن نجم الزمالك    عقوبات صارمة.. ما مصير أصحاب تأشيرات الحج غير النظامية؟    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    تصل ل«9 أيام متتابعة» مدفوعة الأجر.. موعد إجازة عيد الأضحى 2024    مفاجأة مدوية.. دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد    في موسم الامتحانات| 7 وصايا لتغذية طلاب الثانوية العامة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل اللحم المُبهر بالأرز    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    ما بين هدنة دائمة ورفع حصار.. ما هي تعديلات حماس على مقترح صفقة الأسرى؟    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    بنك "بريكس" فى مصر    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    لماذا امتنعت مصر عن شراء القمح الروسي في مناقصتين متتاليتين؟    محافظ الوادي الجديد يفتتح أعمال تطوير مسجد ناصر بالخارجة    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    أستاذ تراث: "العيد فى مصر حاجة تانية وتراثنا ظاهر فى عاداتنا وتقاليدنا"    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    اليوم.. النطق بالحكم على 16 متهمًا لاتهامهم بتهريب المهاجرين إلى أمريكا    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    "لا تذاكر للدرجة الثانية" الأهلي يكشف تفاصيل الحضور الجماهيري لمباراة القمة    الأهلي يكشف حقيقة مكافآت كأس العالم للأندية 2025    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ظل موقفها من تفاهمات "فتح"- "حماس".. دراسة فلسطينية تتساءل: هل يعود إحياء "المصالحة" إلى حاجة مصرية مع اقتراب انتخابات الرئاسة
نشر في المصريون يوم 12 - 11 - 2010

طرح الكاتب والسياسي الفلسطيني هاني المصرى تساؤلات حول التغير الذي طرأ على الموقف المصري من المصالحة الفلسطينية، متسائلاً عما إذا كان هذا يعود إلى حاجة مصرية فقط، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في مصر في ظل التنافس على من سيخلف الرئيس حسني مبارك أو على إعادة ترشحه؟، أم أنه حدث جراء اتفاق مصري – سعودي، وربما بموافقة أمريكية، من أجل مساعدة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في المفاوضات مع إسرائيل التي تواجه معارضة فلسطينية كبيرة، حتى داخل حركة "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية، بسبب تعنت الحكومة الإسرائيلية.
واعتبر المصري في دراسة صادرة عن مبادرة الإصلاح العربي، أن إحياء ملف المصالحة يساعد عباس على إظهاره كمن يملك خيارات أخرى، وقادر على المصالحة، وهذا يساعد على سحب الذريعة الإسرائيلية التي تتحدث عن ضعف الرئيس الفلسطيني لكونه لا يمثل جميع الفلسطينيين ولا يسيطر على قطاع غزة.
وتساءل: هل المسألة تكتيكية تستهدف تحسين شروط التفاوض فقط، بينما سيتضح مصير المصالحة قبل أو بعد نشر هذه الورقة، حين سيعلن عن مصير المفاوضات وآفاق المصالحة الوطنية؟ فبعد شهر على قمة سرت العربية الأخيرة، سيتضح ما إذا كانت المفاوضات تسير إلى الانهيار أو أنه يمكن استئنافها على أساس تجميد الاستيطان بشكل جزئي أو مؤقت. كل الاحتمالات مفتوحة، مع ترجيح استئناف المفاوضات وتعثر جهود المصالحة.
ورأى أن حركة "فتح" كانت منذ البداية إيجابية، بالنسبة للتوصل إلى التفاهمات الفلسطينية، ولكنها لا تريد إغضاب مصر التي كانت تعارض ذلك لظنها أنه يمس بدورها وهيبتها ومكانتها، وهي التي بذلت وقتا وجهدا كبيرين للتوصل إلى الورقة المقترحة، ولم تنجح بتحقيق المصالحة، ولا تريد وضع تلك الورقة أمام مشرحة التعديل والملاحظات، الأمر الذي يفتح الباب أمام الخوض في ملاحظات لا تنتهي على الورقة المصرية
وشدد المصري، وهو أحد أعضاء لجنة فلسطينية تشكلت بهدف تحقيق التقارب بين حركتي "فتح" و"حماس" على أهمية تذليل العقبات التي تحول دون توقيع وتطبيق الورقة المصرية من أجل استئناف الحوار، لكنه حتى ومع التوقيع هلى تلك الورقة، حتى وإن حدث بعد الاتفاق على تحقيق التفاهمات الداخلية الفلسطينية – الفلسطينية الملزمة عند التطبيق، فإن ذلك لا يعني أن الطريق ستصبح سالكة أمام المصالحة، "فالتطبيق للورقة المصرية سيكون ربما أصعب من التوقيع عليها".
ويقول المصري في دراسته، إن الورقة المصرية "تجنبت الخوض في مسألة البرنامج السياسي للحكومة وللمنظمة ومسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية أو وفاق وطني أثناء المرحلة الانتقالية، ما يجعل إمكانية حصول مصالحة حقيقية مشكوكا بها كثيرا"، وحذر من أن "أي مصالحة يمكن أن تتم من دون كل ذلك؟ مثل هذه المصالحة، إن تحققت، ستكون مجرد هدنة مؤقتة جديدة، سرعان ما تنهار، أو تكون غطاء لحالة تعايش مع استمرار الانقسام وإدارته بدلا من معالجته وإنهائه".
وانتقدت الدراسة الورقة المصرية، لكونها "تغلب عليها المسائل الإجرائية, إذ تجاهلت المضمون، مثل الميثاق الوطني، والبرنامج السياسي (لمنظمة التحرير الفلسطينية وللحكومة)، الذي يجسد القواسم المشتركة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية أو وفاق وطني إبان المرحلة الانتقالية، التي من المفترض أن تبدأ من لحظة التوقيع على اتفاق المصالحة وتنتهي عند إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وانتخابات المجلس الوطني التي اتفق على أن تعقد بالتزامن وعلى أساس التمثيل النسبي الكامل".
وتساءلت: هل يمكن لأي اتفاق مصالحة وطنية أن يتجاهل تحديد موقف ملموس من القضايا المذكورة آنفا، بما تتضمنه من مواقف إزاء المفاوضات والمقاومة والسلطة، سواء ببقائها أو بحلها أو تعديلها، بحيث تأخذ مكانها الطبيعي في خدمة البرنامج الوطني كواحدة من أدوات منظمة التحرير؟
وذكرت الدراسة أنه منذ أن قدمت مصر الورقة المصرية لحركتي "فتح" و"حماس" للتوقيع عليها في شهر أكتوبر 2009، وحتى عشية عيد الفطر الماضي قبل أسابيع قليلة، تجمدت المصالحة عند عقدة رفض "حماس" التوقيع قبل إجراء تعديلات كثيرة على الورقة، لأنها تعتبر أن الورقة التي قدمت إليها تختلف عن تلك التي وافقت عليها, وفي المقابل، أصرت "فتح" ومصر على توقيع "حماس" على الورقة أولا، على أن تؤخذ ملاحظاتها بالحسبان بعد التوقيع وعند التطبيق، وكذبتا ادعاءات "حماس" بأن الورقة المقدمة تختلف عن الورقة الأصلية.
وأشارت الدراسة إلى أن النقطة الجوهرية هي أن ملاحظات "حماس"، على أهميتها، تبقى إجرائية تتعلق بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، ومحكمة الانتخابات، واللجنة الأمنية العليا بالتوافق الوطني، وبدور الإطار القيادي المؤقت للمنظمة الذي اتفق على تشكيله في جلسات الحوار الوطني الشامل التي عقدت بالقاهرة، حيث تطالب حماس بأن تكون قراراته نافذة وغير قابلة للتعطيل.
وعلى أهمية هذه الملاحظات، إلا أنها - فيما ترى الدراسة - تتناسى حقيقة أن الورقة المصرية تغلب عليها المسائل الإجرائية فحسب، وفي هذا السياق تتساءل: إذا صدّقنا أن ملاحظات "حماس" تلك هي ما يمنعها من التوقيع على الورقة المصرية، فإننا نخطئ كثيرًا فما يمنعها اعتقادها بأن هدف الورقة المصرية هو اللجوء إلى الانتخابات كآلية لحسم الصراع والانقسام ومعالجة آثار الانقلاب، في وقت يعتبر فيه إجراء الانتخابات غير مناسب لحركة "حماس"، لأنها ستجرى في ظل الحصار والجوع والمقاطعة، وفي ظل عدم الاعتراف من معظم الدول العربية ودول العالم بحركة "حماس"، الأمر الذي أدى إلى عدم تمكينها من الحكم رغم فوزها بالانتخابات التشريعية، سواء عندما شكلت حكومتها منفردة بعد الانتخابات أوائل 2006، أو عندما ترأست حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت بعد وثيقة الأسرى والتوقيع على اتفاق مكة.
وقالت الدراسة: إذا وافقت "حماس" على اعتبار الانتخابات الآلية الوحيدة لحسم الخلاف وإنهاء الانقسام، فإنها تعرض نفسها لاحتمال كبير بالخسارة وبالخروج من الحكم من البوابة التي دخلت إليه منها، وهي صناديق الاقتراع وفي هذه الحالة، وستصبح "حماس" أقلية قادرة على المعارضة، ولكنها ليست قادرة على تعطيل الحكم، بحيث يكون عليها القبول بهذا الوضع أو اختيار الخروج من السلطة والعودة إلى الوضع الذي كانت فيه قبل قرارها المشاركة بالسلطة والمنظمة بعد إعلان القاهرة في مارس 2005، والذي بدأ عبر مشاركتها بالانتخابات المحلية، ثم مشاركتها بالانتخابات التشريعية وحصولها على أغلبية المقاعد.
وذكر المصري أن المطروح على "حماس" فعلا هو الموافقة على شروط اللجنة الرباعية، إذا أرادت المشاركة في النظام السياسي الفلسطيني (السلطة والمنظمة)، والتي تتضمن ضرورة الاعتراف بحق إسرائيل بالوجود، والالتزام بالاتفاقيات الفلسطينية – الإسرائيلية الموقعة، ونبذ العنف والإرهاب (أي المقاومة).
وأوضح أنه إذا ما وافقت "حماس" على هذه الشروط، من دون أن تحصل على شيء فيما يتعلق بإقرار الحقوق الفلسطينية، فإنها تفعل ذلك مقابل مجرد الاعتراف بها كلاعب فلسطيني أساسي، وبذلك تكون قد تخلت عن برنامجها وروحها مقابل تحقيق مصلحة ذاتية فئوية، مما سيدفعها إلى الانهيار من خلال انفضاض الشعب الفلسطيني عنها.
أما إذا لم توافق على هذه الشروط، وهي ظالمة مجحفة، فمن المطروح عليها القبول بأن تكون شريكا صغيرا (معارضة تمثل الأقلية)، بحيث لا تؤثر على اتجاهات الحكم والقيادة الفلسطينية بصورة حاسمة, كما تقول الدراسة.
وسيكون المطلوب من "حماس" أن تتراجع عن انقلابها وتسلم السلطة في غزة إلى السلطة الشرعية المعترف بها عربيا ودوليا، وسقف ما يمكنها الطموح إليه هو القبول بدور الأقلية بدون أن تضمن حتى أن تكون شريكا فاعلا في الضفة والمنظمة، على ما تقول الدراسة.
ورأى معد الدراسة أن المصالحة تتأثر جدا بعوامل عربية وإقليمية ودولية من الانحياز الأمريكي لإسرائيل الذى جعل الإدارتين الأمريكية السابقة والحالية تفرضان قبول شروط اللجنة الرباعية حتى تحصل المصالحة على ضوء أخضر دولي، وهي شروط لا تستهدف تسهيل تحقيق التسوية والمصالحة، وإنما هدفها الرئيسي عزل حماس والعمل على إسقاطها وإبعادها عن لعب أي دور رئيسي, كما أن انقسام العرب إلى محورين، وانحياز كل واحد من الطرفين الفلسطينيين إلى هذا المحور أو ذاك، يجعل المصالحة بحاجة إلى قرار عربي، مثلما هي بحاجة إلى قرار دولي.
وأشار إلى أن قدرة إيران أساسا، ثم تركيا، وغيرهما من الدول المعنية بالمنطقة والمؤثرة على القرار الدولي، في التأثير على ما يجري بخصوص المصالحة، بحكم صلاتها بهذا الطرف الفلسطيني أو ذاك، يجعل من هذه الأخيرة شأنا عربيا إقليميا دوليا.
وبحسب الدراسة، فإن الانقسام والحصار يؤديان إلى اعتماد "حماس" أكثر على الدعم الإيراني والسوري والقطري، ولا يمكن أن يكون هذا الدعم، شأنه شأن أي دعم تقدمه دول العالم، مجرد عمل خيري وإنما عمل سياسي له أهداف سياسية، وبالتالي لا تتم المصالحة إذا لم ترض عنها سوريا وقطر وإيران, ولا ترضى هذه الدول إلا إذا حصلت على ما تريد فيما يتعلق بأهدافها ومصالحها الخاصة , والانقسام أدى إلى تبعية وارتهان السلطة إلى الدعم العربي والدولي المقدم لها، بحيث تخشى من وقف الدعم إذا وافقت على مصالحة بدون اعتماد شروط اللجنة الرباعية الدولية.
ويذهب المصري إلى أنه لو توفرت الإرادة للمصالحة لدى الأطراف الفلسطينية المتصارعة، بمبادرة ذاتية منها أو جراء ضغوط سياسية وشعبية (القوى والفعاليات المختلفة)، لأمكن تخيل تحقق المصالحة بدون موافقة كل الأطراف الخارجية المعنية, لكن غياب الإرادة الذاتية عند الأطراف الفلسطينية، ولأننا "لو زرعنا، لو حصدنا، يا ريت"، ولأن التطورات الحادثة لم تحمل معها حتى الآن نشوء تيار سياسي شعبي ثالث قادرة على ممارسة ضغوط على الطرفين المتنازعين تتجاوز، بل وحتى توازي الضغوط الممارسة عليهما من حلفائهما ومن إسرائيل، فإن المصالحة مؤجلة حتى إشعار آخر , ولأن كل فريق فلسطيني يريد المصالحة وفق شروطه، لذلك لم تتحقق المصالحة.
وحذر من أنه إذا لم تحسم "حماس" نفسها كحركة فلسطينية أولا وأساسا، وعربية ثانيا، بحيث تسعى لتحقيق البرنامج الفلسطيني، فلن تكون قادرة على تأكيد شرعيتها التي تسعى إليها، ولاحظ أن الحركة "في صراع داخلي، ليس بين كونها حركة فلسطينية وبين كونها امتدادا لجماعة "الإخوان المسلمين: فحسب، وإنما بين أن تكون حركة أقرب إلى الاعتدال والعلمانية، وبين أن تكون "حركة متطرفة سلفية متعصبة تؤمن أنها ربانية هي وحكومتها، بحيث لا تعترف بالتعددية، وتداول السلطة، وليست الديمقراطية بالنسبة لها سوى عرس لمرة واحدة هي المرة التي تمكنها من السيطرة على السلطة عن طريق الانتخاب".
وترصد الدراسة أن "حماس" اقتربت كثيرا من قبول البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، برنامج الدولة على حدود 1967، وأخذت بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة (أواخر 2008 وبداية 2009)، بفرض تهدئة مع إسرائيل بدون توقيع اتفاقية معها، لتثبت أنها باتت تركز على حماية السلطة في غزة أكثر من أي شيء آخر، وتحاول أن تبرهن للولايات المتحدة والعالم، أنها طرف يمكن الاعتماد عليه، وأعلنت استعدادها للعودة لتفويض الرئيس "أبو مازن" بالتفاوض مع إسرائيل باسم الفلسطينيين كجزء من أي اتفاق فلسطيني جديد، كما جاء في وثيقة الأسرى، على أن يعرض ما يتم الاتفاق عليه على استفتاء شعبي. وسعت حماس لإظهار جدارتها لطرح مواقف ديمقراطية تجسدت في برنامج حكومتها المنفردة، ثم في برنامج حكومة الوحدة الوطنية.
لكن من جهة أخرى، تقول الدراسة إن "حماس" انفردت بالسلطة في غزة بدون مشاركة حتى قوى وأطراف متحالفة معها وتعتبر في نطاق الإسلام السياسي، مثل حركة "الجهاد الإسلامي"، كما اتخذت خطوات عديدة باتجاه أسلمة المجتمع، مثل فرض الحجاب على الطالبات في المدارس، وعلى المحاميات، ومنع النساء من تدخين النرجيلة، ومنع الحفلات المختلطة على أساس أنها تعبر عن انحلال أخلاقي، لدرجة اللجوء مباشرة أو غير مباشرة، إلى حرق أو إغلاق بعض الأماكن التي تشهد الحفلات والمعارض والمخيمات الصيفية، والمضي قدما بإصدار قوانين من قبل أعضاء حماس بالمجلس التشريعي، رغم أن "هذا العمل غير شرعي أو قانوني بصورة لا تقبل اللبس، لأن المجلس التشريعي لا يكون انعقاده شرعيا إلا بدعوة وبحضور مباشر من أغلبية أعضائه".
واستنتجت الدراسة تأسيسا على ما سبق، أن "حماس" ليست متحمسة كثيرا للمصالحة بدون أن تضمن أنها قادرة على استخدامها كمنصة للانطلاق لقيادة الشعب الفلسطيني، لذلك هي تتصرف وفق ما صرح به أكثر من قيادي منها: "غزة في اليد خير من عشرة عصافير على الشجرة في الضفة" , ولذلك فهي رحبت بتشكيل لجنة اتفاق فصائلية (فتحاوية-حمساوية أساسا) تتولى إدارة الانقسام في الفترة الانتقالية من لحظة توقيع اتفاق المصالحة إلى حين إجراء الانتخابات.
ورأت أن فكرة اللجنة الفصائلية المشتركة، الواردة في الورقة المصرية، ظهرت بعد تعذر الاتفاق في حوار القاهرة على تشكيل حكومة وحدة وطنية على خلفية الخلاف على برنامجها السياسي، بين من يريد الالتزام بالاتفاقات المعقودة مع إسرائيل، وبين من يرفض ذلك ويوافق على إيراد كلمة احترام هذه الاتفاقيات بدون الالتزام بها وفي هذا السياق، تعتبر اللجنة الفصائلية نوعا من الاعتراف والتعايش مع الانقسام، والبدء بالسعي لإدارته لا إنهائه.
وأعرب المصري عن اعتقاده بأن "حماس" كانت ستوقع على الورقة المصرية، إذا تم تجنب تحديد موعد قريب لإجراء الانتخابات، فهي بحاجة إلى وقت كاف حتى تعيد ترتيب أوراقها وتنظيم صفوفها واستعادة شعبيتها وفك الحصار عن غزة وإعادة إعمارها، وإتمام صفقة تبادل الأسرى، والحصول على اعتراف عربي ودولي بها كلاعب رئيسي.
وشدد على أنه بدون الاعتراف بحركة "حماس" كلاعب رئيس، بغض النظر عن نتائج الانتخابات التي قد تجري مستقبلاً (وسواء فازت بها مرة أخرى، وهو مستبعد ولكنه ليس مستحيلا)، سيؤدي هذا إلى العودة إلى مرحلة ما بعد فوزها بالانتخابات السابقة، فهي تريد أن تضمن احترام نتائج الانتخابات قبل المشاركة بها، ومن يستطيع أن يضمن لها ذلك، ليس الجانب الفلسطيني فقط على أهمية الضمانات الفلسطينية، بل المجتمع الدولي بضغط من العرب، وهو الجهة التي بإمكانها أن تفرض على إسرائيل تمكين الفلسطينيين من إجراء انتخابات حرة ونزيهة واحترام نتائجها، وليس العودة إلى الحصار والمقاطعة واعتقال النواب والوزراء، إن فازت حماس مرة أخرى.
وأضاف: لقد بدأت "حماس" بقبول فكرة إيجاد تفاهمات فلسطينية – فلسطينية في فبراير 2010، أثناء زيارة وفد من المستقلين برئاسة منيب المصري، وقت ذروة أزمة التوقيع على الورقة المصرية، لكنها أصرت على اعتبار هذه التفاهمات جزءا من، وملحقا للورقة المصرية، ويجب أن تضمنها مصر والجامعة العربية، وعادت "حماس" للمطالبة بهذا في الورقة التي توصل إليها عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربيو أثناء زيارته إلى غزة في شهر يونيو الماضي، والتي تضمنت كذلك موافقة "حماس" على تشكيل حكومة تكنوقراط يشارك بها الجميع.
وتابع: ثم تطور موقف حماس بعد أن طرح الوفد الرئاسي المشكل في 5 يونيو الماضي من قبل الرئيس أبو مازن، وكان برئاسة منيب المصري وبمشاركة عدد من ممثلي فصائل منظمة التحرير، و5 من أعضاء اللجنة التنفيذية، وعدد من الشخصيات الوطنية المستقلة، فكرة التوصل إلى تفاهمات فلسطينية – فلسطينية تضمن من قبل الفلسطينيين فقط، من خلال التعهد بالالتزام بها عند التطبيق بدون اعتبارها ملحقا للورقة المصرية وبدون توقيع مصر أو الجامعة العربية عليها.
وذكرت الدراسة أن مصر كانت تعارض التوصل إلى هذه التفاهمات قبل توقيع "حماس" على الورقة المصرية، ولكن هذا الموقف تغير مع اللقاء الذي عقد في مكة عشية عيد الفطر بين الوزير عمر سليمان وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، والذي انتهى إلى الاتفاق على أن يقوم سليمان بالاتصال بالرئيس أبو مازن لإقناعه بإرسال وفد من فتح إلى دمشق للالتقاء بوفد من حماس، من أجل التوصل إلى تفاهمات فلسطينية – فلسطينية، بعد زوال التحفظ المصري على ذلك. وهذا ما حصل فعلا، حيث تم عقد اجتماع بين وفدي الحركتين في دمشق، صدر عنه بيان مشترك أكد على الاتفاق على عدد من النقاط، وعلى استكمال الحوار باجتماع لاحق، على أن يعتبر ما يتم الاتفاق عليه ملزما عند توقيع الورقة المصرية.
وكانت مصر تقوم بدور الوسيط بين الحركتين المتخاصمتين منذ أن سيطرت "حماس" على قطاع غزة في يونيو 2007 إلا أنها ارجأت إلى أجل غير مسمى توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية بعدما رفضت "حماس" توقيعه في الموعد الذي كانت القاهرة حددته وهو 15 أكتوبر 2009.
وتوترت العلاقات بين القاهرة و"حماس" منذ ذلك الحين، ووصلت الأمور إلى حدود الأزمة بعدما باشرت مصر بناء سور فولاذي تحت الأرض على طول الحدود بينها وبين قطاع غزة لمنع تهريب البضائع بواسطة الأنفاق إلى القطاع الفلسطيني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.