هاجم يوم 7 نوفمبر 2013، متظاهرون غاضبون منزل أحد قضاة محاكمة مرسي التي جرت يوم 4 نوفمبر.. ويمكنك أن تدين كيفما شئت الهجوم، الذي نسبته الأخبار المتواترة إلى أنصار الرئيس المعزول.. وقد يُستخدم من قبل مناوئي الجماعة، للإساءة إليهم، وتصويرهم ك"قوة معادية" للعدالة. قل ما شئت في هذا الشأن، ولكن تظل خلف هذا "الصخب"، تفاصيل أخرى لا يجوز إغفالها.. فلا يوجد كما يقول المثل الشعبي دخان بدون نار. إذ يظل السؤال بشأن ما إذا كان حضور رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، احتفالية عزل مرسي.. حضورا "لازما" أو "موفقا".. يظل سؤالا يحتاج إلى إجابة، لأن المسألة تجاوزت كثيرا، لتمس مؤسسة العدالة على مستويات دقيقة وحساسة تتعلق بالسمعة والحيدة.. بل ووحدة هذه المؤسسة العريقة، وعدم تعرضها للانقسام إلى جماعات معارضة أو مؤيدة للسياسيين والأحزاب وللمرشحين المحتملين للرئاسة. في تقديري.. أنه كان من الحكمة إعفائهما من الحضور.. لأنهما يمثلان رمزيا ذروة سنام العدالة، ولا يجوز أن يكونا طرفا في الصراع السياسي، أو النزاع على "الشرعية" المنقسمة والحائرة بين "السيسي" و"مرسي".. و لا ينحازان إلى هذا الطرف أو ذاك.. فمن المقرر والثابت عقلا وشرعا وقانونا أن تكون العدالة على مسافة واحدة من الجميع. الخطأ وقع.. غير أنه كان من الممكن تداركه، بيد أن مراقبة الأداء لاحقا، أشار إلى أن ثمة رغبة في البناء على ذات الخطأ دون وجود إرادة واضحة للتصحيح.. وهو ما أربك المشهد، وما وضع مؤسسة العدالة في علاقة "خصومة سياسية" مع المعارضين لقرارات 3 يوليو. فمن المعروف على سبيل المثال علاقة العداء بين الإخوان من جهة والشرطة وأحمد زند و أحمد شفيق من جهة أخرى.. وكان من مقتضيات درء الشبهات، أن تكون هذه العلاقة، حاضرة في اختيار المنصة التي من المفترض أن يمثل أمامها الرئيس المعزول. وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان اختيارها على نحو ما شاهدناه يوم 4 نوفمبر، كان من قبيل البناء على ما حدث يوم 3 يوليو.. أما كان عفويا؟! وحتى لو كان الاحتمال الأخير، فإن ذلك لا يعفي صانع القرار، من مسؤولية التدقيق المفترض، حتى لا يضع المنصة في مأزق "التنحي".. ولا يعطي الفرصة للطعن في عدالة المحكمة. القضاء في مصر ليس مهنة وإنما سلطة.. وهي أهم السلطات على الإطلاق وسنام الدولة، ولا يسمح لأحد أيا كان منصبه أو حصانته، أو منزلته الاجتماعية أو السياسية، أن يجعل منه أي من القضاء أداة بطش بالخصوم.. وفي تقديري أن سدنة العدالة في مصر، قادرون على أن يبقى القضاء وكما كان دائما حاكما بالعدل وناطقا باسم الشعب وليس باسم السلطة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.