الحديث عن فضائل أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق، زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وأشهر نسائه يحتاج إلى مجلدات، فقد كان لها رضي الله عنها مكانة خاصة عند رسول الله صلى الله عليه وآله سلم وأفضلية واضحة على سائر النساء فعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون؛ وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" أخرجه الشيخان. وبيت أبي بكر الصديق رضي الله عنه يعتبر بمثابة مدرسة خاصة في البذل والإنفاق، فالأب هو من هو في الإنفاق في سبيل الله ونصرة الدعوة الإسلامية، وكذلك كانت ابنتيه أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وأختها السيدة أسماء رضي الله عنها زوج الزبير بن العوام رضي الله عنه. يقول عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما " ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء، وجودهما مختلف أما عائشة فكانت تجمع الشئ حتى إذا اجتمع عندها قسمت؛ وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئاً لغد" رواه البخاري. وأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها من فرط حبها في التصدق كانت تعطر الصدقة - أي تعطر الدنانير والدراهم المتصدق بها- فتُسأل عن ذلك فتجيب بأن تلك الصدقة تقع بين يدي الله قبل أن تقع في يد الفقير؛ وأنا أعطرها لله جل وعلا. وقد وضع معلم البشرية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم بعض الأسس التربوية المصحوبة بالمبشرات الأخروية من خلال بعض المواقف البذلية للسيدة عائشة رضي الله عنها، حيث تقول السيدة عائشة رضي الله عنها:- "جاءتني امرأة ومعها ابنتان لها فسألتني؛ فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها، فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئاً، ثم قامت فخرجت وابنتاها، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته حديثها فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"من ابتلي من البنات بشئ فأحسن إليهن كن له ستراً من النار". فهذا موقف تربوي من رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يبين فيه ضرورة الرعاية والإحسان للبنات الضعاف؛ والجزاء الأخروي المعد لملبي نداء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد جاء هذا التوجيه من قلب الموقف البذلي لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها. وهناك تطبيقات عملية كثيرة لمنهج السيدة عائشة رضي الله عنها في البذل والإنفاق السخي فعن عطاء قال: بعث معاوية إلى عائشة بطوق من ذهب فيه جواهر قوام مائة ألف فقسمته بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. وعن أم ذرة -وكانت تغشى عائشة رضي الله عنها- قالت: بعث إليها ابن الزبير بمال في غرارتين قالت: أراه ثمانين ومائة ألف، فدعت بطبق وهي يومئذ صائمة فجلست تقسمه بين الناس فأمست وما عندها من ذلك درهم؛ فلما أمست قالت: يا جارية هلمي فطري؛ فجاءتها بخبز وزيت، فقالت لها أم ذرة أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحماً نفطر عليه? فقالت لها: لا تعنفيني لو كنت ذكرتني لفعلت. وعن عروة قال: لقد رأيت عائشة تقسم سبعين ألفاً وهي ترقع درعها. أما عن الوقف الخيري فقد عنيت به السيدة عائشة رضي الله عنها أشد عناية فقد روى الخصاف بسنده إلى هاشم بن أحمد: " أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها اشترت داراً، وكتبت في شرائها: إني اشتريت داراً، وجعلتها لما اشتريتها له، فمنها مسكن لفلان ولِعَقِبِه ما بقي بعده إنسان، ومسكن لفلان، وليس فيه ولعقبه، ثم يرد بعد ذلك إلى آل أبي بكر". من هنا وفي ظل الإساءات الراهنة والمتجددة لأم المؤمنين من قبل الشيعة، كانت دعوتي لمبادرة تأسيس مؤسسة دولية تعني بالعمل الخيري الإسلامي؛ تحمل اسم أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، وتسير على درب منهجها في البذل والإنفاق والعطاء السخي، ولتكون المؤسسة بمثابة مدرسة تربوية يتعلم منها رجال ونساء الأمة كيف كانت أمهم السيدة عائشة رضي الله عنها علماً من أعلام أهل البيت في البذل والإنفاق في سبيل الله.