لن يكون كلا مي عن موؤودة الجاهلية تلك الضعيفة المسكينة التي كانت تحفر لها الحفرة ثم يلقى بها غضة حية ، ترمق قاتلها بنظرات حب و ود عله يستحييها ويرحمها ، أو تستعطفه بابتسامة الحياة تارة وبدموع الخوف تارة اخرى متعلقة بأكفها النحيلة بثياب قاتلها الذي لم يرحم ضعفها ولا براءتها أو طهرها ليقذف بها بكل قسوة وجمود بتلك الحفرة ثم يهيل عليها التراب في أبشع المشاهد وأحطها إنسانية مغتالا حياتها قبل أن تبدأ ، معلناً دفن الأحلآم في مهدها والعفة في طهرها .
فالكلام ليس عن تلك الطفلة ولكنه عن من يحاول تكرار نفس المشهد لكن الضحية هذه المرة هي الأخلاق والطهر والعفاف ، الكلام عن هذا الباسم الساخر الذي بدأ يشعل نيرانه من جديد بعدما إرتاحت منه العباد لشهور تعالج فيه مسامعها من بذاءة كلماته وأعينها من فحش إيحاءاته . عاد الساخر ليحارب العفة والأخلاق ويزعزع ثوابت الدين وقيم المصريين .
إن هذه الإيحاءات والبذاءات الصريحة والفجة هي وربي نارٌ تحرق الجميع وتعصف بفتيان المجتمع و فتياته وأمهاته وآبائه، لأن هذه العبارات أوالكلمات إما أن تكون خيرا أو شرا إما أن تشعل نارا أو تكون بردا وسلاما إما أن تدعو إلى النار أو إلى الجنة أو تخلق الإضطراب والحيرة أو تجلب الطمأنينة وهدوء السريرة . ولك أن تكتشف إلى ماذا تدعو هذه السقطات التي تطفح بها هذه الحلقات .
إن الشر بدايته كلمة وكذلك الخير ، وما إنهارت الحضارات والدول إلا بإنهيار أخلاقها وقيمها طالت مدة هذه الدول أم قصرت ، فالنهاية والسقوط يسبقها إنحطاط القيم والأخلاق . وما هذه الكلمات إلا نتاج فكر يختمر في العقول ثم يتبع هذه الكلمات بعدما تفشو وتُؤلف يتبعها أفعال من نفس نوعها ثم تتحول هذه الأفعال لا محالة إلى عادات أو ظواهر تعلو بها الأفراد والمجتمعات أو تهوي بها في لجج الرذائل والسفالات .
أسألكم بالله ما الهدف من تلك البذاءات والإيحاءات في عمل يشاهده الكثير من المصريين وغيرهم إلا الخبث والمكر وهدم لقيم وثوابت درج عليها المجتمع وفي ذات الوقت تُصور المصريين على أنهم أهل الإسفاف والشهوات والساقط من القول ، ثم يلقي هذا الساخر بهذه القاذورات في روع الشباب والأطفال فتُغزَى القيم والأخلاق في مهدها وفي عقر دارها .
أسألكم بالله ما ضرورة هذه الإسفافات الأخلاقية في مجتمع يضربه الفقر من كل جانب وتحفُّه البطالة من كل صوب وتموج فيه رغبات الشباب الغير مستطيع أمواجا . إن الفنون وأقصد الهادفة منها ومن يملكون منابرالتأثير في كل مجال ، لا بد وأن يكون هدفهم هو تهذيب الغرائز والشهوات بدلا من إشعالها وإحياء القيم وتقويمها لا هدمها ووأدها . ولكن ومع الأسف لا تري ولا تسمع إلا بمسلسلاتٍ الرقص والخلاعة هو مظهرها وجوهرها أو أفلام ٍتسقط فيها العفة و تُجرَّد فيها الفضيلة كما تتجرد نساؤها من ثيابهن وحيائهن .
فقبل أن تلوموا وتسائلوا المتحرشين وما أكثرهم أو تنتقدوا وتفزعوا من حوادث الإغتصاب وما أبشعها وقبل أن تندهشوا من تفشي الزنا والخيانات ، حاسبوا وسائلوا معهم الداعين والمروجين لها والمحرضين عليها ومعهم هذا الساخر ، وكل نفس بما كسبت رهينة .
لقد ابتعدت أجهزة الرقابة على هذه الأعمال المسفة والمخلة واستبدلت مقصها الرقابي بيدين غليظتين تصفق بها لكل عهر وخلاعة ، ثم يأتينا هذا الساخر في بيوتنا ليفسد على الناس ما تبقى لهم وما قبضوا عليه من جمر العفة والأخلاق والدين بلا حسيب ولا رقيب . وأولا وآخرا لست ضد ما يقوم به هذا الساخر من نقد لما يراه سياسياً أو إجتماعياً طالما يتحرى الموضوعية ويمتلك الحقائق والأدلة لما يقول وأن يتحلى بالعقل والحكمة وأن ينتقد الظواهر والأفكار بدون إهانة أو سخرية لأصحاب هذه الأفكار، ودونما إشارات جنسية فاضحة تقحم في الحلقات إقحاماً وكأنها هي الهدف لا غيرها من الأحداث ، متحديا مشاعر وأخلاق من يتابعوه .
وأنا شخصيا مع من يرفعون تلك الدعاوى القضائية ضد هذا الساخر وخصوصا فيما يتعلق بتلك الألفاظ وهذه الإيحاءات التي تخدش الحياء وتعادي القيم والأخلاق ، علّها تنقذ الأخلاق من محاولة وأدها وقتلها قبل أن يأتي يوم نتساءل فيه ونقول بأي ذنب قُتِلَت ؟؟