ربما كانت هذه اقل الكلمات بل أحسن ما اختاره معالي الامين العام لجامعة الدول العربية في وصف حال العلاقة بين العرب بجمعهم والعراق الذي يعاني بمفرده من ظلم ذوي القربة . ان المتتبع لمجريات الإحداث في السبعينات والثمانينات يرى أن الاقطاب المؤثرة في سياسات المنطقة كانت ثلاثة دول أساسية هي العراق والسعودية ومصر، وكان لكل واحد منها اطماع في ان يكون لها دور الريادة في تزعم العالم العربي او السيطرة على مقدراته او ابقاء زعامتها تنحصر في أحدى تلك الدول الثلاث. وبالمقابل كانت هناك قوى إقليمية هي تركيا وإيران ومحور أوربي أميركي ذو امتدادات عالمية للسيطرة على مقدرات المنطقة ، وكان التوجه نحو العراق يختلف من دولة لأخرى .. ففي وقت كانت هناك محاولات من ايران لاستعادة إمبراطوريتها الفارسية تحت العباءة الإسلامية راحت تركيا هي الأخرى تبحث عن دور لها في المنطقة متخذة من علاقاتها المتميزة دول المنطقة ومع إسرائيل كوسيلة ضغط على الدول العربية للقبول باتفاقية سلام معها او على الاقل اتخاذ المنطقة العربية بوابة لمشاريع أرواء تركية عملاقة كانت تخطط لها لإيصال المياه الى كل من دول الخليج العربي وإسرائيل ، وكانت إسرائيل هي الأخرى محور كل تآمر في المنطقة وهي التي كانت تخشى من طموحات العراق وتضع له ألف حساب وكل ماجرى للعراق من حروب ونكسات ومحاولات تآمر كانت إسرائيل المخططة لها ومن ثم يأتي الدور الأميركي مكملا، اذ لم يكن في سياسات الإدارة الأميركية في السبعينات والثمانيات محاولات لاستهداف العراق بتلك الشراسة والجدية ، كما يجري الان من احتلال وتقويض لمعالم الدولة العراقية وتفكيك بنيتها بالطريقة التراجيدية وغير الأخلاقية التي جرت بها ، اذ لم يكن يدور في خلد الإدارة الأميركية السابقة او حتى مجرد التفكير باحتلال العراق والسيطرة على مقدراته بتلك الطريقة التي جرى بها احتلال العراق بعد عام 2003 وما تبعه من محاولات اضعاف لدور العراق ومكانته ومحاولة ابعاده عن ان يكون له دور مؤثر في محيطه العربي والإقليمي والدولي ، وكان للولايات المتحدة ما أرادت الى ان قضت على آخر حلم للعراق بأن يكون له شان في المجتمع الدولي وفي ان يبقى في صدارة الإحداث ويرسم معالم سياسات ويؤثر في الخارطة السياسية للمنطقة وتضع له دول العالم ألف حساب. في الواقع كان الدور العربي في العراق قد واجه بعض المشكلات والمعوّقات التي قللت من حضوره وتأثيره منذ 2003 منها على الصعيد العراقي فقد بروز بعض التوجهات العراقية التي أقلقت الدول العربية (النظام الفيدرالي مثلا ) وخفوت البعد العربي في الدستور والسياسة الخارجية العراقية وعلى الصعيد العربي، كان الدور ضعيفاً لأسباب عدة، من أهمها: اولا : التردد والتأخر في التحرك. ثانيا : عدم امتلاك رؤية إستراتيجية متسقة للتعامل مع الوضع. ثالثا : الانقسام العربي بشأن ما جرى في العراق. رابعا : ظهور بعض الأطراف العربية بمظهر المدافعين عن فئة معينة من العراقيين . الا ان الوضع في الفترة الأخيرة قد تغير، فاغلب البلدان العربية بدات سعيا للعب دورا في العراق ، بداية من جامعة الدول العربية وكثير من الحكومات العربية عملت فعلا ذلك من خلال زيادة وجودها الدبلوماسي في العراق ساعية من وراء ذلك إحداث موازنة في الأدوار الإقليمية والدولية الأخرى. والفرصة بدت سانحة أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2003 لإعادة ترتيب العلاقات العراقية - العربية بطريقة تخدم اندماج العراق ونظامه السياسي الجديد بالبيئة الإقليمية. ان العراق سيترأس القمة العربية القادمة في عام 2011 وهو بذلك يقع على عاتقه مسؤوليات كثيرة اتجاه القضايا العربية وعليه أيضا التزامات كبيرة . لكن هذا العراق يحتاج الى جهود كبيرة ليكون بمستوى رأسته للعرب ولعل ما سمعته من مندوب العراق في الجامعة العربية السفير الدكتور قيس العزاوي يشعرني بالقلق على أمكانية ان تخرج القمة بما يتمناه أي قومي عربي فحتى هذه اللحظة لم نسمع عن تحضيرات حقيقية ولم تخرج من عمليات تأهيل لمباني وقصور وعمليات أعاده ترميم فنادق لاستضافة الوفد والقادة والرؤساء والملوك العرب . بينما لازالت الأجندة السياسية والإعلامية لم تعد بعد ولكم كنت أتمنى ان يستعين القادة العراقيين بخبرات وجهود أبناء العراق في الأعداد الجيد لهذه القمة وهنا لا أريد ان ابخس حق الأخوة في وزارة الخارجية العراقية فهم يملكون كفاءة ، حيث ان هناك أصوات للأسف تدعو لعدم انعقاد القمة على ارض بغداد لأسباب ربما يكون بعضها حقيقي ولكن جوهرها يريد ابعاد العراق عن محيطه العربي يبقى علينا ان ننتظر حتى انعقاد القمة في بغداد لتكون هذه انطلاقة جديدة في العلاقة بين العراق وإخوانه العرب .