قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، إن الصراع بين الليبراليين والسلطويين حول قانون تنظيم التظاهر أحدث صدعًا واضحًا داخل الحكومة المصرية المدعومة من قبل الجيش. وأكدت الصحيفة صحة التقارير الإعلامية التي انتشرت مؤخرًا حول حدوث مشادة بين زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء، ومحمد إبراهيم، وزير الداخلية، أثناء مناقشة القانون في اجتماع لمجلس الوزراء. وأشارت إلى أن مصدرين مقربين من الحكومة المؤقتة أكدا لها صحة الواقعة. وأوضحت أن بهاء الدين الذي عارض بشدة تمرير القانون قال أثناء المشادة "على الجميع أن يتذكر جيدًا هذا اليوم لأن يومًا ما سيتغير رأي الناس في حكومتنا بسببه". ولفتت إلى أن الليبراليين واليساريين انضموا إلى مؤيدي نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك في المظاهرات الحاشدة التي أطاحت بحكم الرئيس المنتخب، محمد مرسي، إلا أن هذا التحالف سرعان ما بدأ يتصدع وكانت استقالة نائب الرئيس السابق، محمد البرادعي، احتجاجًا على القمع العنيف لمؤيدي مرسي في أغسطس الماضي أول علامات هذا التصدع. والآن بدأت علامات خلاف جديدة تظهر حول قانون التظاهر الذي يضع قيود حول حرية التجمع، ونقلت الصحيفة عن إتش إيه هيلير، الباحث بمركز بروكنجز بالدوحة، قوله إن "المشادة بين بهاء الدين وإبراهيم تعد المرة الأولى التي يحدث انقسام داخل الحكومة أصداء في أوساط العامة". ويرى النقاد أن القانون المقترح يعد انقضاضًا على مكاسب ثورة 25 يناير التي دفع المصريون ثمنًا باهظًا لانتزاعها، فهو يحظر الاعتصامات مثل ذلك الذي شهده ميدان التحرير قبل أكثر من عامين وأطاح بحكم الرئيس المخلوع، حسني مبارك، كما يعطي وزارة الداخلية سلطة نقل وتأجيل وإلغاء المظاهرات ويضع سلطة الاستئناف على قرارات الداخلية في يد القضاء. ووصفت الصحيفة، وزارة الداخلية والقضاء بأنهما يعدان الأعمدة القوية التي كان يعتمد عليها نظام مبارك القمعي. وأضافت أن القانون تم إقراره بموافقة الأغلبية داخل الحكومة في 10 أكتوبر الماضي، ومن المنتظر أن يصدق عليه الرئيس المؤقت، عدلي منصور، خلال الأيام القادمة، إلا أن موجة العداء العام للقانون قد تدفع الحكومة إلى سحبه، بعد أن قال رئيس الوزراء، حازم الببلاوي، إن حكومته تستعد لإدخال تعديلات على القانون نهاية الأسبوع الجاري. وترى الصحيفة أن الصراع حول قانون التظاهر قد يكون مقدمة لخلاف حول قانون آخر هو قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذي من المنتظر عرضه على الحكومة خلال الأيام المقبلة، والذي يشمل بعض التدابير الصارمة، بما في ذلك عقوبة الإعدام ضد الأشخاص الذي يتم إدانتهم بأعمال عنف ضد الممتلكات العامة التي قد تؤدي إلى وفيات. ولا يقتصر الجدل عند هذا الحد، ولكنه يمتد ليشمل قانون مقترح آخر يضع قيودًا على تلقي منظمات المجتمع المدني تمويلاً من الخارج، مما سيقطع مصدر التمويل الرئيسي عن تلك الجماعات التي تدافع عن ضحايا انتهاكات الشرطة، والفقراء، والمرأة، والبيئة. إلا أنه مع استمرار الاستياء العام تجاه جماعة الإخوان المسلمين والدعم القوي لقوات الأمن فإن قليلين هم من يعتقدون أن الليبراليين داخل الحكومة قادرون على توجيهها بعيدًا عن مسارها الحالي. ويقول هيلير "اقتراحات وزير الداخلية ستتفوق على اقتراحات أي شخص آخر في هذه المرحلة". وأضاف "أعتقد أن وزير الداخلية سيحصل على ما أي شيء يريد" بفضل سيناريو الحرب على الإرهاب الذي تروج له وسائل الإعلام.