يبدأ غدا السبت تزويد أول محطة إيرانية للطاقة النووية بالوقود كشاهد على مزاعم طهران بأن طموحاتها الذرية سلمية بحتة. ويقول خبراء إن تزويد مفاعل بوشهر الذي تكلف بناؤه مليار دولار لن يجعل إيران أقرب إلى صنع قنبلة نووية لان روسيا ستمدها باليورانيوم المخصب للمفاعل وستتسلم منها قضبان الوقود المستنفد التي من الممكن استخدامها في إنتاج البلوتونيوم الذي يستخدم بدوره في صنع الاسلحة النووية. وتصر إيران على أنها لا تريد امتلاك أسلحة نووية على أي حال. وبعد عقود من التأخير يمثل تزويد المفاعل بالوقود حجر زاوية على طريق استخدام إيران التكنولوجيا التي تقول إنها ستقلل استهلاك وقودها الحفري الوفير مما سيسمح لها بتصدير المزيد من النفط والغاز والاستعداد لليوم الذي ستنضب فيه هذه الثروات الطبيعية. وقال مارك فيتزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن "إنه يوم كبير. تنتظره إيران منذ سنوات. تأجل بدء تشغيل بوشهر عدة مرات لذا سيتنفس الايرانيون الصعداء". وستزعم إيران انتصارها على الولاياتالمتحدة التي حاولت إعاقة برنامج طهران النووي الذي تشتبه به. وتتساءل دول غربية عن سبب رغبة إيران في تخصيب اليورانيوم بنفسها في حين أنها ليست بحاجة إليه من أجل محطات الطاقة كما يظهر الحال في بوشهر. وأسفر رفض إيران وقف تخصيب اليورانيوم عن مجموعة جديدة من العقوبات التي فرضتها الاممالمتحدة وإجراءات أحادية أكثر صرامة من جانب الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي وغيرهما. وقال علي أكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية "افتتاح المحطة سيكون شوكة في حلق الحاقدين". ويقول دبلوماسيون إن مفاعل بوشهر الخاضع لرقابه الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يمثل خطرا كبيرا فيما يتعلق بالانتشار النووي وإنه لا علاقة له ببرنامج إيران السري لتخصيب اليورانيوم في مواقع أخرى والذي ينظر إليه على أنه تهديد "التسلح" الاساسي. لكن هذا لم يمنع صقورا في واشنطن من القول إن قيام متخصصين من روسياوإيران بتزويد مفاعل بوشهر بقضبان الوقود هو مجرد بداية. وقال جون بولتون السفير الاميركي السابق للامم المتحدة لقناة فوكس نيوز التلفزيونية الاسبوع الماضي "إذا كانت إسرائيل ستقدم على فعل أي شيء ضد بوشهر فيجب أن يكون ذلك في غضون الايام الثمانية المقبلة. وإذا لم تفعل فكما سبق أن قلت إن صدام حسين (الرئيس العراقي الراحل) أراد أن يمتلك مفاعلا نوويا عاملا لكنه لم يستطع أقول إن الايرانيين الذين يناصبون إسرائيل العداء سيمتلكونه". وقصفت إسرائيل موقعا كان يبني فيه صدام مفاعلا نوويا عام 1981 ولم تستبعد توجيه ضربة عسكرية استباقية مماثلة لطهران التي تقول اسرائيل أنها قد تحاول تدمير الدولة العبرية. وقال علي أنصاري وهو خبير في شؤون إيران بجامعة سانت أندروز الاسكتلندية إن من المرجح أن تبالغ طهران وأعداؤها في أهمية بدء تشغيل بوشهر. وأضاف "من الواضح أنه سيكون افتتاحا مسرحيا لكن التأخيرات تعني أن مفاعل الطاقة من طراز قديم للغاية وأن مساهمته في الشبكة الوطنية ضئيلة جدا. وهو أيضا وفقا لفهمي مفاعلا يتم تبريده بالماء الخفيف أي أنه لا يمكنه إنتاج أي شيء لصنع قنبلة. "لو كنت في الادارة الاميركية لهنأتهم (الايرانيين) على الافتتاح لتأكيد فكرة أنكم لا تعارضون الطاقة النووية السلمية التي تحظى بمراقبة جيدة". وإيران من الدول التي وقعت على معاهدة حظر الانتشار النووي وتملك الحق في امتلاك طاقة نووية سلمية وهو أمر تسعى إليه دول أخرى غنية بالنفط في الخليج. لكن العديد من الدول تشك في أن دوافع إيران سلمية بحتة وتشير إلى أن إيران لم تعلن أنشطتها النووية لسنوات كما تتهم الجمهورية الاسلامية بأنها لم تكن شفافة بالكامل مع مفتشي الاممالمتحدة. وقالت روسيا التي دعمت عقوبات الاممالمتحدة على إيران في يونيو حزيران إن الفحوص التي تخضع لها محطة بوشهر تجعلها "نقطة ارتكاز تبقي إيران داخل إطار نظام حظر الانتشار".