تقوم الأمة شامخة ، وتحيا عزيزة كريمة ، حين يستقيم بنيانها ، وتقوى أركانها ولم يكون لها ذلك الا إذا كان من ورائها شعب ، اشتد ساعده ، وزكا عقله ، واتسعت آفاقه ومداركه ، والأمر الذى لا شك فيه أن الإنسان جسد وفكر ، ولقد أدرك أعداء مصر تلك الحقيقة ، وعلموا ما يترتب عليها من آثار ونتائج هى فى صالح الأمة ، يعلو بها حاضرها ، ويزدهر عليها مستقبلها ، فتصبح فى منطقتها وفى محيطها الدولى قوة لها شأنها ، وسياسة تفرض رؤيتها ، وكيانا بشريا وجغرافيا ، لا تخطئه عين صديق أو عدو . من أجل ذلك فقد تعددت وسائل العدوان على ذلك الكيان الكبير ، سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا ، وأخيراً يأتى عدوان يتمثل اليوم فى تلك المشمومات والمشروبات من المخدرات والسموم البيضاء وما يماثلها من نوعيات ، تعمل عملها الخبيث والمدمر فى حياة أبنائنا وإخوتنا ، وأسرتنا المصرية ، والدولة تواجه حربا مع تجار المخدرات .. التجار الذين يقتلون الشعب بالسموم .. كيف نحمى شبابنا منهم ..؟ كيف نخلص أبنائنا ونبعد عنهم المخدرات التى تدمر عقولهم كيف نواجه هذا الخطر .. الذى يستهدف مصر من عدة جهات لتصبح الدولة غير قادرة على مواجهة أعدائها فى المنطقة . وفى تصورى أن مصر مستهدفة من عدة جهات لكى تستغل المخدرات لإفساد المجتمع المصرى لتحول الشباب إلى طاقة غير منتجة وإلى شباب غير وطنى .. لا يعمل ولا يفكر .. يظل فى الإنهيار وهذا غرض كل من يريد أن يدمر مصر . وبهذا تصبح الأمة كيانا مريضا، ومجتمعا هزيلا ، وفكرا تائها ضليلا ، حين يفقد شبابها صحة الجسد ، وسلامة العقل ، وتلك حرب لن تبقى ولن تذر ، بل هى حرب الموت والفناء . فلقد علم الله وهو الخبير بشئون عباده ما تحتوى عليه سائر المواد المسكرة والمخدرة من أضرار جسيمة تصيب متعاطيها فى قواه العقلية ، وقدراته الفكرية ، وطاقاته المدركة بحيث يصل به الأمر إلى الحال التى يصبح فيها عاجزاً عن أن يتبين حقا ، أو يميز باطلا ، أو يعرف معروفاً ، أو ينكر منكراً . إن تناول الخمور ، وما أشبهها من المسكرات والمخدرات كالحشيش ، والأفيون ، والكوكايين ، والهيروين ونحوها ، إنما هو تدمير لعقل متناولها ، وتجميد لعمله ، وتهوين لشأنه ، وتعويق لمسيرته ، وتدنيس لفطرته ، وتلويث لها بالإثم والمعصية .. من حيث كونه يقتل فى الإنسان نشاطه ، ويشل فيه حيويته ويئد فيه إرادته ، ويثبط فيه كل رغبة لطاعة ، وكل داعية لحق .. ويدمر لديه كل العواطف السامية كالحنان ، والعطف ، وحب الخير ، والولاء للواجب . وهذا أمر طبيعى لا يمكن أن ينتظر سواه من إنسان غائب العقل ، مذبذب الوجدان ، مهتز الشعور ، مضطرب الإدراك معطل التفكير . فإذا وصل إلى درجة الإدمان أدى به إدمانه – الذى يجعله فى كثير من الأحيان واقعاً تحت تأثيره – إلى أن يفقد المخ وظيفته فيصاب باضطراب الذاكرة ، وفقدانها ، وانعدام الإدراك ، وتجمد الإحساس ، وتبلد الشعور .. وقد يصل به الأمر إلى الهستيريا والاختلاط العقلى والجنون . وهذه هى الصورة المكررة لمن يتناول المسكرات والمخدرات . وتلك هى النتيجة الحتمية التى تجعل منه حيوانا مفترساً ، ووحشاً كاسرا ، فلا يقدس حقا ، ولا يرعى حرمة ولا ذمة ، فكيف بمن يدمنها ، ويتفاعل بها بدنه ونفسه ، وأنسجته وخلاياه ؟! وأن الأمة التى يسرى فى كيانها (فيروس) الإدمان ، فيهدر طاقاتها ، ويبدد فعالياتها ، ويدمر أخلاقها ، ويخل معاييرها ، ويطعنها فى أعز ما تملك من أبنائها .. أمة تسير بخطا سريعة نحو الفناء . والواجب الحتمى يقتضينا أن نولى اهتمامنا التربوى والإصلاحى إلى أبنائنا وشبابنا ، وإلى الواقع المحيط بهم ، وإلى ما يستهدفهم فيه من أهداف خبيثة ، وأخطار محدقة . وقى الله أمتنا وسدد خطاها ، وبارك لها وهيأ لها من أمرها رشداً . والله الموفق .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.