«وقت الضيق.. تعرف العدو من الصديق» وفي الشدائد تظهر معادن الرجال. بعد ثورة 25 يناير توقعنا أن يختلف النهج المصري في ادارة موارد الدولة الاقتصادية، حتى نتمكن من استعادة قوتنا وموقعنا بين دول العالم دون اعتماد على «القروض والمنح والعطايا والهبات.. وكل المفردات التي تصب في وعاء «الشحاتة» الذي تعودنا على اعادة ملئه كلما فرغ، من خلال جولات مكوكية، كنا نستحي من الاشارة الى نتائجها، ونطرق الرأس خجلا من «قيمة» المسؤولين الذين يقومون بها. وللأسف لم تغير الثورة وتوابعها من الأمر شيئا، بل ربما ادى «استمراء» البطالة، و«استعذاب» البلادة، و«استمرار» المطالبة بالحقوق دون الالتفات للواجبات، و«مكافحة» جذب الاستثمارات، بالترهيب تارة، وبالبلطجة تارة اخرى.. أدى كل ذلك وأكثر إلى عودة الاقتصاد وبقوة للوقوف على حافة الانهيار، ومد يده مرة اخرى للغريب والقريب ليتصدق علينا بقرض يقيم أودنا، أو وديعة تسد رمقنا، أو منحة تسدد رواتب موظفينا، وغرقنا في مناقشة شروط قرض صندوق «النكد» الدولي، الذي قلنا من قبل إن مصر لن ترى دولاراً واحداً من ملياراته الخمس حتى يلج الديناصور في سَمِّ الخياط، ولولا رحمة الله، ورفض الصندوق «المهذب»- الرفض وليس الصندوق!!- منحنا القرض، لكان «إيرهاردات» الاقتصاد المصري مازالوا يجلسون في قاعة انتظار الوصول بمطار القاهرة ومعهم آلاتهم الحاسبة العملاقة يحسبون نصيب كل مصري في القرض الكريم، كما فعلوا وهم ينتظرون عودة ال70 مليار دولار المهربة من أيام الرئيس المخلوع «أبوعلاء». وبعد 30 يونيو المبارك، و3 يوليو المجيد اختلف الأمر تماماً، وكلية، واختفى وعاء «الشحاتة» إلى الأبد وحلّ محله «طوق النجاة» (لاحظ أن شكله كالوعاء المخروم)! وتمثَّل هذا «الطوق» في ما يشبه العون المباشر الحاسم وقُبلة الحياة، جاء من دول شقيقة نتشارك معها في وحدة الدين والدم واللغة والتاريخ والجغرافيا والماضي والمستقبل، وهي السعودية والإماراتوالكويت و(قطر). حيث قدمت الدول الخليجية مساعدات تقارب 12 مليار دولار ما بين منح لا تردّ وودائع بفوائد منخفضة، وقروض «ميسرة»، الهدف منها إخراج مصر من الأزمة، وضخ الدماء في شرايين الاقتصاد الجافة، فأمر العاهل السعودي بحزمة مساعدات قيمتها 5 مليارات دولار، منها مليار نقداً، وملياران وديعة وملياران منتجات نفطية. وأمر حاكم الإمارات بحزمة من 3 مليارات، 2 وديعة ومليار منحة. وأمر أمير الكويت بأربعة مليارات، 2 وديعة، ومليار مشتقات نفطية ومليار منحة لا ترد، وستصل وديعة الكويت خلال ساعات. اما الشقيقة «قطر» فتم ردّ وديعتها اليها بعد خلاف على مدة الاسترداد، وسعر الفائدة بعد تحويلها الى سندات، والذي كان سيتجاوز %3.5 ولمدة سنة واحدة. بينما وديعة الشقيقة الكويت (2 مليار ايضا) لمدة 5 سنوات وبفائدة (%0.25). نشكر كل من ساندنا، وكل من حاول أن يساندنا ولم يعرف طريقة لمساندتنا، وكل من ساندنا ثم لم نتفق معه على طريقة مساندتنا فسحب مساندته، ونذكّر الخبير الاقتصادي ورئيس وزرائنا د. حازم الببلاوي ونذكّر أنفسنا بأن «اليد العليا خير من اليد السفلى».. حتى لو «سحبتم» اليد السفلى في آخر لحظة، وتركتم «المساندة» تقع على الأرض!! وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
حسام فتحي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66