* سواء كان الحقد في سبيل أغراض خاصة واضحة ... أو كان في سبيل أغراض خاصة تتلفع برداء الرغبة في خدمة الإسلام .. * ليكن خصوم الإسلام حقدة .. فهذا قد يكون طبيعياً بالنسبة لمبادئهم وطبيعة رسالتهم التي انتهى دورها ، أو التي صنعها بعض الأشخاص الحقدة ... * ولكن المنحرفون عن الإسلام الذائبون في حضارات أخرى حاقدة .. فهذا ينسجم مع الوعاء الدنس الذي وضعوا أنفهسم فيه .. ومع طبيعتهم الخائنة الفاسدة المنافقة ... أما أن يكون المسلم حاقداً فهذا أمر ترفضه طبيعة الإسلام .. وأما أن يكون هذا المسلم حاقداً ويظن أن ذلك لمصلحة الإسلام فهذا أشدّ وأنكى ... فالإسلام طبيب الإنسانية والمسلمون أطباء الحضارات !! وأما أن يكون هذا المسلم حاقداً على أخيه المسلم لمجرد خلاف في الرأي أو الفقه؛ وبالتالي يتواطؤ هذا الأخ المحسوب على الإسلام ضد أخيه المسلم، ويذهب إلى تكفيره أو تفسيقه، أو يؤلب السلطة عليه، أو يصدر ضده كتب التجريح والتشهير ، وليس النقد العلمي الكريم النزيه ... أما أن يكون هذا المسلم كذلك فتلك هي الآفة المدمرة التي لم يبرأ منها تاريخنا، والتي نوجه هذا البحث لرصدها وكشفها ... ليس حقداً ... وإنما بحثاً عن طريق الحب ... وليس إضافة لصفحة حقد جديدة ضدّ أحد ... بل شقاً لمجرى قديم جديد هو المنسجم مع طبيعة رسالتنا وحضارتنا .. وهو الأبقى والأخلد والأقدر على نشر الإسلام وخدمة حقائقه الكريمة . وليس دخولاً في صراع مع أحد ... فقد تعبنا من المصارعين في غير مجال أكثر مما أتعبنا خصوم الإسلام الواضحون ... ويعلم الله أننا ما انطوينا على حق لأحد ، ولا غششنا مسلماً قط ، ولا أحببنا الدخول في معركة تنافساً على أمر من أمور الدنيا؛ مدججين بأسلحة إسلامية من أجل أهداف غير إسلامية.. وما كرهنا دولة ، ولا قوماً ، ولا جماعة ، ولا حزباً ، ولا جنسية بالجملة .. وإننا لنعوذ بالله من هذا الحقد العمومي الذي يلتهم الحسنات كما تلتهم النار الحطب ، ونعوذ بالله ونستعيذه لإخواننا من أن يبعثروا كلمات بهذه الصفات العمومية التي ربما يهوي بها المسلم في النار سبعين خريفاً ... لأنها من سخط الله ... ولأنها تأخذ المظلوم بجريرة الظالم، وتضع العنصري الحاقد مع السمح الكريم الطاهر في مستوى واحد وشتان بينهما ..!! فإلى طريق الحبّ في الله ... ندعو المسلمين ... ولن يكون الحقد وملحقاته من آفات الغيبة والنميمة والطمع والجشع وتضخيم العثرات وشحن القلوب بالحسد، والصراع من أجل فروع وجزئيات ، والتعصب لمذهب أو لقوم أو لوطن، والتنافس الرخيص من أجل المناصب والأموال والعلو في الأرض .. لن يكون هذا الطريق المتخم بالأشواك طريق إلى الله ... ولن تكون هذه الرسائل في سبيل الله .. بل هي في سبيل الهوى والشيطان ... وهي احتراق داخلي دون إضاءة خارجية .. وعلينا أن نواجهها أكثر مما نواجه الغزو الفكري والتحديات الخارجية .. لأن رحمة الله لن تهبط على قلوب بهذه الكثافة في الظلام والسواد ، ولن يحمل دعوة الأنبياء من يعيشون بقلوب شياطين ، فما كانت جريمة إبليس الأولى إلاّ الحقد حين اعترض على أمر الله بالسجود لآدم ، وقال : { لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَأٍ مَّسْنُونٍ}( ) ، { أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } ( ) . وإلى أي شيء ندعو الناس ونحن أحوج الناس إلى الحب والرحمة ..؟ وإلى أي شيء ندعوهم ونحن أحوج منهم إلى التواضع والزهد والعمل العفّ الكريم؟ إن الذي خبث لن يخرج إلا نكداً ... وإن آلاف الكلمات الصارخة لا تقف أمام لمسة حب حقيقية أو موقف إيثار لما عند الله ... أو لمحة تواضع ... أو نخوة دفاع عن عرض أخ مسلم ، أو التماس عذر لمن سقط لطبيعته البشرية من إخوانك المسلمين ... فكلنا مخطئون .. مواقف وأخلاقيات لا كلمات وصرخات : { واصبر وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} ( ) * أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية رئيس تحرير مجلة التبيان