أمس الأربعاء نشرت صحيفة الأهرام تقريرا إخباريا في صدر صفحتها الأولى لأهميته الشديدة وحرصها على إبراز محتواه ودلالته ، موضوعه يقول حرفيا كما قالت الأهرام " كشف المهندس أحمد المغربي وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية, عن جميع الحقائق الخاصة بما أثير أخيرا حول قيام شركة مصر أسوان للسياحة ببيع قرية توت آمون السياحية لإحدي الشركات" وهي تقصد شركة بالم هيلز التي يملكها المغربي مع صهره وزير المواصلات السابق محمد منصور ، والحقائق التي تحدثت عنها صحيفة الأهرام تقول أن شراء شركة المغربي لجزيرة آمون تم وفقا لصحيح القانون والقواعد المرعية وأنه لا يوجد أي شبهة في هذا الشراء وأن أكثر من جهة في الدولة اعتمدت اتفافية البيع ، طبعا الحقائق التي تحدثت عنها الصحيفة القومية الأولى لم تشمل حقيقة أن رئيس الجمهورية اضطر للتدخل بنفسه من أجل إبطال هذا البيع وإعادة الأرض إلى ملكية الدولة وإعادة طرحها للبيع بنظام حق الانتفاع ، بما يعني أن البيع باطل وأن التلاعب فيه كان من النوع "الفاجر" ، الأهرام تجاهلت تلك الواقعة وهي أخطر ما في الموضوع ، وكلام المغربي الذي أتى بعد طول صمت منه وتصديره لبعض رجاله للتشويش على الواقعة ، كلام المغربي يعني بوضوح كاف أنه يتهم رئيس الجمهورية بأنه شخص يعمل ضد القانون ويهدر القانون ويفتئت على صحيح القواعد المرعية ويحارب رجال الأعمال "الشرفاء" الذين يلتزمون بالقانون والقواعد والشفافية ويحرمهم من حقوقهم ، لا يوجد أي تفسير آخر لكلام المغربي ، كما أن نشر الأهرام لهذا الكلام "الرخيص" في صفحتها الأولى يعني أن البلد فعلا تحولت إلى "عزب" يتصرف فيها كل من استولى عليها لحساباته الخاصة ، وإلا فما معنى أن تشهر صحيفة الأهرام الرسمية بقرار رئيس الجمهورية وتضعه في موضع الشبهة وأنه قرار انتهك القانون واغتصب "حقوق" مؤسسات اقتصادية خاصة عملت بشفافية ، هل كان رئيس تحرير الأهرام في أي مرحلة سابقة يجرؤ على أن يفعل ذلك في صحيفته ضد رئيس الجمهورية ، المغربي عاد من جديد ليقول بأن إجراءات البيع تمت وقت أن كان الوزير السابق محمد إبراهيم سليمان وزيرا للإسكان قبله ، وهو بذلك يريد أن يبرئ نفسه ويثبت "شفافية" الشراء ، ولكنها حيلة فاشلة ، لأن سليمان نفسه يتم التحقيق معه الآن كعب داير مع رجال النيابة على خلفية اتهامات بالفساد وانعدام الشفافية في إجراءات بيعه أراضي الدولة لكبار رجال البيزنس ومنهم المغربي وأصهاره ، كما أن محكمة القضاء الإداري أصدرت حكمها بإبطال عقده الأشهر ببيع أرض مدينتي لشركة طلعت مصطفى ، ثم الأهم في ذلك أن البيع تم والمغربي وزير في الحكومة وزميل لسليمان وإن كان في وزارة أخرى يما يعني أن الحكومة كانت تبيع لنفسها ، ثم الأكثر أهمية أن المغربي عندما أتى وزيرا للإسكان سارع باعتماد البيع وإنفاذه لقطع الطريق على أي احتمال لخروج "كنز آمون" من تحت يده ، لولا أن أتته القارعة بتدخل رئيس الجمهورية بقراره الذي فضحه وفضح كل المتورطين معه ، وإذا كان المغربي يشعر بالظلم من انتزاع أرض آمون من شركته ويرى أنه قد أخذها بإجراءات قانونية سليمة ووفق القواعد المرعية فلماذا لا يلجأ للقضاء لاسترداد حقوقه طالما هو واثق من موقفه ، ما الذي يمنعه ، وعلى الجانب الآخر ، ما زالت الناس تتساءل عن سبب عدم إحالة ملف المغربي وفضيحة آمون إلى النائب العام للتحقيق ، لقد اكتفى الرئيس مبارك بإصدار قرار بإبطال عقد البيع دون أي تفاصيل أو إجراءات لاحقة ، وكان الأجدى والأقرب للشفافية أن يتم إحالة ملف القضية بعد ذلك إلى النائب العام ، يمكن المغربي مظلوم يا جماعة . [email protected]