ذكرت دراسة إسرائيلية أن أحد أهم متطلبات إعادة بناء الحياة السياسية في مصر خلال مرحلة ما بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي يتمثل في صياغة دستور جديد يضمن استبعاد الأحزاب والحركات الإسلامية من المشاركة في الحكم، والعمل على إنجاح القوى العلمانية. وشددت الدراسة, التي أعدها السفير الإسرائيلي الأسبق بالقاهرة تسفي مزال، وجاءت تحت عنوان "مطلوب خطة مارشال لمصر" على أن أحد أهم معايير نجاح الإجراءات التي أقدم عليها وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو الماضي هو إتاحة المجال لتعزيز حضور الأحزاب العلمانية وتقوية شعبيتها، بحيث تحصل على 40% من أصوات الناخبين على الأقل في أية انتخابات برلمانية قادمة، وذلك لتمكينها من تشكيل حكومة مستقرة، علاوة على ترشيح شخصية ذات قبول جماهيري لمنصب الرئاسة. وأشارت الدراسة, التي صدرت عن "مركز القدس لدراسات المجتمع والدولة" ونشرتها قناة "الجزيرة" في 3 سبتمبر, إلى أن نجاح "الانقلاب" في مصر في إرساء دعائم عملية سياسية مناسبة سيتحقق بعد نجاح السيسي في تحييد جماعة الإخوان المسلمين، وحسم المواجهة ضدها, بحيث يجبرها على وقف المظاهرات ضده، بالإضافة إلى نجاح القوى العلمانية في صياغة دستور جديد لا يمنح "الإسلام السني" المكانة المرموقة, التي تصر الجماعات الإسلامية عليها. وتابعت" على الرغم من الدعوات التي تطلق لإجراء حوار مع جماعة الإخوان المسلمين, إلا أن كل الدلائل تؤكد أن السيسي عازم على استبعاد الجماعة من المشاركة في العمل السياسي". وحول جبهة الإنقاذ, التي طالما عارضت مرسي وجماعة الإخوان المسلمين في العام الذي قضوه في السلطة عبر الانتخابات التشريعية والرئاسية، أوضحت الدراسة أن الجبهة تمر بحالة تفكك، وشددت على أن مساعدة السيسي ومد يد العون للقوى العلمانية يتطلب من العالم تقديم مساعدات اقتصادية عاجلة تسهم في إخراج الاقتصاد المصري من الأزمة الخانقة التي علق فيها. وحذر تسفي مزال، في الدراسة، من أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجهها مصر حالياً تسهم فقط في إطالة أمد انعدام الاستقرار السياسي، مشيرا إلى أن مبلغ ال12 مليار دولار الذي وعدت كل من السعودية والكويت والإمارات والبحرين بتقديمه لمصر بعد "الانقلاب" لن يكون كافياً من أجل تحقيق نمو اقتصادي يتبعه استقرار سياسي. كما نصحت الدراسة "سلطات الانقلاب" في مصر بإدخال عدة إصلاحات اقتصادية رئيسة لضمان تحقيق نمو اقتصادي، وعلى رأسها إلغاء الدعم الحكومي للسلع الأساسية وتبني سياسة خصخصة ناجعة، لا سيما فيما يتعلق بصناعة النسيج. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كشفت في تقرير لها في وقت سابق عن أسباب ارتياح إسرائيل لعزل مرسي، مشيرة إلى أنه بعد انتخابه رفض أي تواصل مع تل أبيب, ما رفع من القلق والمخاوف هناك بشأن مستقبل معاهدة السلام بين البلدين, التي تعد حجر الزاوية في الاستقرار الإقليمي منذ عقود. وأضافت الصحيفة أنه مع عزل "مرسي"، واندلاع حملة الاعتقالات ضد جماعة "الإخوان المسلمون"، يرى الإسرائيليون احتمالية عودة ما يعتبرونه الوضع الأكثر كفاءة في الأداء، إلى جانب إضعاف حركة حماس, التي تدير قطاع غزة. وتابعت الصحيفة أنه أثناء حكم مرسي، كانت تل أبيب تتواصل مع القاهرة فقط من خلال المؤسسة العسكرية, التي تتحكم الآن في العملية السياسية، وربما ما يزيد من طمأنينة إسرائيل هو دور الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الذي قاد حملة عزل مرسي. ونقلت "نيويورك تايمز" عن زفي مازيل وهو سفير إسرائيلي سابق في القاهرة سعادته برحيل الإخوان، قائلا :"إن استمرارهم في السلطة لعامين أو ثلاثة، كان سيؤدي إلى سيطرتهم على القوات المسلحة، وتحويل مصر إلى إيران أخرى".