وصف جمال تاج الدين عضو مجلس نقابة المحامين تأجيل قضية نشر "القوائم السوداء " للقضاة المتهمين بتزوير نتائج بعض الدوائر خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة إلى منتصف سبتمبر القادم بأنه محاولة حكومية لاحتواء الدفاع بعدما تأكدت من أن موقفها في القضية هزيل وضعيف للغاية ، وأن قرار الإحالة سيفضح أكذوبة النظام في مكافحة الفساد الذي توحش . وأكد تاج الدين في الحوار الذي أجرته معه "المصريون أن نقابة المحامين مازالت مصرة على إصدار القائمة السوداء رغم إحالته مع ثلاثة من الصحفيين إلى محكمة الجنايات ، وذلك لملاحقة كل القضاة وضباط الشرطة المتورطين في عمليات التزوير ، مشيرا إلى أنه شخصيا لن يتراجع قيد أنملة عن كشف المزورين ، ولو كلفه ذلك دخول السجن. وعبر عن استيائه من عدم حضور نقيب المحامين سامح عاشور للجمعية العمومية الطارئة التي انعقدت للتضامن مع المحالين للمحاكمة في تلك القضية ، مؤكدا أن هذا الموقف أساء إلى سمعة نقابة المحامين في نصرة القوى السياسية المطالبة بالإصلاح والتغيير . وأضاف أن عاشور أساء لنفسه بعد أن وقف مع الحكومة في خندق واحد ضد المطالبين بالحريات العامة ، فأهدر بذلك تاريخه النقابي والسياسي ، مشيرا إلى أن منصبه كنقيب للمحامين كان يحتم عليه أن يتضامن مع المحالين للمحاكمة وينسى أية خلافات شخصية ، على حد تعبيره . وأرجع تاج الدين تزايد حدة الخلافات بين أعضاء المجلس المنتمين لتيار الإخوان المسلمين ونقيب المحامين إلى رغبة الأخير في الاستئثار بقرارات مجلس النقابة بشكل ديكتاتوري وسعيه الدائم إلى اختزال الشكل المؤسسي للنقابة في شخصه ، نافيا ادعاءات النقيب بتحويل النقابة إلى فرع لجماعة الإخوان المسلمين ومكتب الإرشاد . وتسائل قائلا : وهل مكتب الإرشاد هو الذي منع النقيب من الدفاع عن الذين انتهكت حرماتهم في مظاهرات الاعتراض على طريقة تعديل المادة 76 من الدستور ، وهل هو الذي منعه من إصدار أي بيان تضامن مع مطالب القضاة في أزمتهم مع النظام ؟ . واعترف بتراجع الدور السياسي والقومي لنقابة المحامين خلال الفترة الأخيرة بسبب حالة الصراع الموجودة بين النقيب والإخوان ، محملا عاشور مسئولية هذا التراجع في ظل عرقلته لأداء دورها في النضال السياسي . السطور التالية تحمل نص تفاصيل الحوار : بعد قرار المحكمة بتأجيل نظر قضية "القوائم السوداء للقضاة " إلى منتصف سبتمبر القادم .. ما تقييمكم لهذا الأمر وما أهداف هذا التأجيل؟ * الحكومة لجأت إلى تأجيل القضية لمدة ثلاثة شهور ، وهو أمر نادرا ما يحدث في قضايا الجنايات التي غالبا ما تكون فترات التأجيل فيها قصيرة ، وهي تسعى من وراء هذا التأجيل إلى محاولة احتواء الدفاع وما يقدمه من مستندات ومرافعات وشهود على أعلى مستوى ، وخاصة بعدما تأكدت أن موقفها في القضية هزيل وضعيف بالمقارنة بموقفنا القوي . ولو كنت مكان الحكومة لحاولت البحث عن حل لهذه القضية ، لأن ما سنقدمه من مستندات وشهود سيكشف عدم شرعية ودستورية قرار الإحالة ، لأن القضية سياسية بالدرجة الأولى وليست جنائية ، كما أن قرار الإحالة يفضح أكذوبة النظام في مكافحة الفساد الذي توحش ، ففي الوقت الذي تمت فيه إحالة ممدوح إسماعيل صاحب عبارة الموت الذي تسبب في إزهاق أرواح أكثر من ألف مواطن إلى محكمة الجنح ، وظهر تواطؤ بعض رموز النظام في تهريبه إلى الخارج وفي شراء أرواح المصريين بتعويضات تافهة ، تمت إحالتي مع ثلاثة صحفيين إلى محكمة الجنايات بتهمة فضح من قاموا بتزوير نتائج الانتخابات في الدوائر الانتخابية لإنجاح رموز الحزب الحاكم في الانتخابات التشريعية . والسؤال الذي يفرض نفسه هنا : لماذا نحن بالذات الذين تمت إحالتنا إلى محكمة الجنايات رغم وجود العديد من تقارير محكمة النقض التي أثبتت تزوير نتائج الانتخابات في العديد من الدوائر .. فلماذا لم تتم إحالة المسئولين عن هذا التزوير إلى المحاكمة ؟ . وهل النقابة مازالت جادة في إصدار القائمة السوداء بعد إحالتكم إلى محكمة الجنايات؟ * بالطبع مازالت نقابة المحامين مصرة على إصدار هذه القائمة وملاحقة كل القضاة وضباط الشرطة المتورطين في عمليات التزوير التي شابت كثيرا من الدوائر الانتخابية ، فقد عقد مجلس إدارة النقابة اجتماعا وقرر ملاحقتهم ، وستكثف النقابة جهودها خلال المرحلة القادمة لإصدار هذه القائمة وفضح القضاة الذين تورطوا في تزوير نتائج الانتخابات ، وأنا شخصيا لن أتراجع قيد أنملة عن كشف المزورين ، ولا أخشى دخول السجن في سبيل فضح الذين يتآمرون على هذا الشعب. رفض سامح عاشور حضور الجمعية العمومية الطارئة أمس للتضامن معكم .. فما تقييمك لهذا الموقف ؟ * نقيب المحامين أساء إلى سمعة نقابة المحامين في نصرة القوى السياسية المطالبة بالإصلاح والتغيير من خلال مواقفه المخزية تجاه مطالب هذه القوى ، ولذلك رفض عدد كبير من الشخصيات العامة حضور ندوات ومؤتمرات عقدتها النقابة اعتراضا على موقف النقيب من مطالب القضاة الإصلاحية وتظاهرات التضامن معهم ، فعاشور ارتضى لنفسه للأسف الشديد أن يقف مع الحكومة في خندق واحد ضد المطالبين بالحريات العامة ، فأهدر بذلك تاريخه النقابي والسياسي وتسبب في أن يجعل النقابة في ذيل قائمة المطالبين بالحريات العامة بعد أن كانت في طليعتها .. فضلا عن أنه يخلط بين الأمور الشخصية والجوانب المهنية ، فكونه نقيبا للمحامين يحتم عليه أن يتضامن معنا وينسى أية خلافات شخصية. تشهد نقابة المحامين خلافات ساخنة بين مجموعة ال 15 وسامح عاشور النقيب .. فما مدي تأثير هذه الخلافات على الخدمات التي تقدمها النقابة للمحامين ؟ * بداية أتحفظ على لفظ خلافات ، فالخلافات دائما ما تحدث عندما يكون هناك رأيا صائبا وتختلف حوله الآراء ، ولكن ما يحدث داخل نقابة المحامين هو أن هناك مجموعة من الأعضاء يرأسها النقيب وتدعمها الحكومة والأجهزة الأمنية على كافة المستويات وبكافة الطرق ، وهي تصر على مخالفة أبسط مبادئ الديمقراطية وتهدر القانون وتفضل النهج الديكتاتوري في منع تنفيذ قرارات مجلس الإدارة وتعطيل مصالح المحامين . والدليل على ذلك هو أننا إذا ما تقدمنا بشكوى في النيابة العامة ضد عاشور يكون مصيرها الحفظ ، وإذا لجأنا إلى البنوك لتنفيذ قرارات مجلس الإدارة باعتماد وتوقيع أمين الصندوق في هيئة المكتب الجديد يكون الرفض هو الرد الطبيعي من إدارة هذه البنوك بناء على وجود تعليمات بذلك ، وإذا قدمنا طعنا ضد قرارات عاشور في المحاكم تكافئه محكمة القضاء الإداري بتعليق أو وقف الدعوى ، وبالتالي فنحن أمام إشكالية كبيرة أدت إلى تعطيل وتجميد العمل الخدمي داخل النقابة. لماذا تنشب الخلافات دائما بين النقيب ومجموعة الأعضاء المنتمين للإخوان داخل النقابة ؟ * سامح عاشور دائما ما يرغب في الاستئثار بالقرار بشكل ديكتاتوري ، ويسعى دائما إلى اختزال الشكل المؤسسي للنقابة في شخصه ، فهو يلغي كل مؤسسات النقابة من مجلس إدارة ولجان فرعية وهيئة مكتب ، وليس أدل على ذلك من عدم اعترافه بتشكيل هيئة المكتب الجديد الذي اختاره مجلس الإدارة في حضوره بأغلبية 14 صوتا مقابل 11 صوتا ، وإبلاغه البنوك بضرورة عدم التعامل مع توقيعات أمين الصندوق في المكتب الجديد وهو ما أهدر قواعد الديمقراطية في اختيار هيئة المكتب ثم قيامه بعد ذلك بالطعن في تشكيل هذا المكتب والادعاء بأنه لم يتم إخطاره بالتشكيل الجديد ، رغم أن الأغلبية هي التي اختارت هيئة المكتب . ويضاف إلى ذلك أنه أنه لا ينحي المشاكل الشخصية جانبا في الخلافات السياسية ولا يتناول الأمور بموضوعية ، فقد استخدم قضية القائمة السوداء فقط في توجيه النقد الشخصي لي ، ويعلم الجميع أن النقيب لم يهتم يوما بمشكلة القضاة وكان موقفه مخزيا للغاية عبر تبنيه وجهة نظر الحكومة ، كما أنه رفض تعليق لافتات تأييد للقضاة في أزمتهم مع النظام بسبب مشروع قانون السلطة القضائية ، وهو ما لا يليق بنقيب المحامين ، الذي أطلق مبادرة لحل الأزمة تبني خلالها وجهة النظر الحكومية ، وهو ما أدركه جيدا القضاة أنفسهم. يتهم النقيب مجموعة ال 15 بالسعي لتحويل نقابة المحامين إلى فرع لجماعة الإخوان المسلمين ، وبأنهم يتلقون التعليمات من مكتب الإرشاد ؟ * هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة ، فالذي يقول ذلك يسعى في الأساس إلى إثارة قضايا فرعية لا طائل من ورائها ، فمنذ متي كانت نقابة المحامين تدار من مكتب إرشاد الإخوان ، وهل هذا المكتب هو الذي منع النقيب من الدفاع عن الذين انتهكت حرماتهم في مظاهرات الاعتراض على طريقة تعديل المادة 76 من الدستور ، وهل منع مكتب الإرشاد نقيب المحامين من إصدار بيان تضامن مع مطالب القضاة في أزمتهم مع النظام . ونحن بالطبع في غنى عن تأكيد أننا نعمل من واقع رؤيتنا كمحامين لخدمة المهنة والنقابة في الأساس وبما يحقق مصلحة أبنائها ، والجميع يشهد لنا بأننا نتعامل مع جميع المحامين بدون تمييز مهما اختلفت توجهاتهم السياسية والفكرية ، فنقابة المحامين نقابة لكل التيارات السياسية والفكرية وتستقبل كل الباحثين عن الحرية. المراقبون لاحظوا تراجع الدور السياسي والقومي لنقابة المحامين خلال الفترة الأخيرة .. فما تعليقكم ؟ * نعم هناك تراجع ملحوظ لدور النقابة في الفترة الأخيرة بسبب حالة الصراع بين النقيب والإخوان ، والمسئول عن تراجع هذا الدور هو عاشور نفسه ، فهل يعقل أن ينزع نقيب المحامين اللافتات المؤيدة لمطالب القضاة الإصلاحية والاستقلالية من على أبواب النقابة أثناء انعقاد أحد مؤتمرات التضامن مع القضاة في أزمتهم مع النظام ؟ وأنا أتحدي أن يكون نقيب المحامين قد أدلي بتصريحات صحفية أو أصدر بيانات تدين الجرائم الحكومية والأمنية في الاعتداء على المتظاهرين وهتك عرضهم أمام نقابة المحامين ، رغم أنه كان من بينهم محاميات .. وبالتالي فلا شك في أن الصراع بين النقيب والأعضاء أثر سلبا على الدور السياسي للنقابة في ظل عرقلة النقيب لدورها الدائم في النضال السياسي. يخوض القضاة والصحفيون والمحامون معارك ضاربة ضد النظام من أجل إقرار مشروع السلطة القضائية الذي أعده نادي القضاة وإقرار قانون منع حبس الصحفيين .. فما رؤيتكم لهذه المعارك وهل سيخرجون منها منتصرين ؟ • المسألة تتلخص في أن هناك حربا بين الباطل والحق ، والنظام استشعر خطر قاطني شارع عبد الخالق ثروت من قضاة وصحفيين ومحامين ، وأحال في البداية المستشارين محمود مكي وهشام البسطويسي نائبي رئيس محكمة النقض إلى التحقيق أمام مجلس الصلاحية ، وانتهي التحقيق بتبرئة المستشار مكي وتوجيه اللوم إلى المستشار البسطويسي ، ثم أحالني أنا وثلاثة صحفيين في قضية القوائم السوداء إلى محكمة الجنايات ، ومن ثم فهو يحاول إسكات كل الأصوات المعارضة في هذا الشارع ، ولكني أؤكد أن الحق سينتصر على الباطل في نهاية المطاف .