انقسمت القوى السياسية حول "المشاركة" في انتخابات مجلس الشعب القادمة: بعضها رفض المشاركة، والبعض الآخر أعلن مشاركته، ولكل منهما أسبابه. الإخوان تعتير أن قرار المشاركة ليس جديدا، وأنها عادة ما تشارك في جميع الانتخابات بما فيها الطلابية باعتبار أن ذلك أداة من أدوات الإصلاح السياسي، وحزب الوفد أكد على لسان رئيسه الجديد أنه سيحصل على 20 مقعدا.. وتكلم الرجل بثقة لا أدري من أين استقاها! في انتخابات الرئاسة رفض د. البرادعي أن يكون "كومبارسا" في "مسرحية" معروف نهايتها قبل أن تبدأ فصولها، ود. أيمن نور وافق على المشاركة، لتأكيد "شرعية" تمثيله لحزب الغد.. فيما ستشارك شخصيات أخرى أقل ثقلا وحضورا سياسيا من قبيل "المنظرة" الإعلامية. انتخابات الرئاسة تختلتف عن الانتخابات البرلمانية: فالأولى "محسومة" ومفصلة على المقاس بالقيود الدستورية، والثانية "معلقة" على قدرة الجهاز الإداري على التزوير لصالح مرشحي الحزب الوطني، وعلى "صفقات" الأخير مع بعض الشخصيات والقوى لاستكمال "تزوير" المشهد في النهاية بوصفه نتاج ديمقراطية حقيقية وليست مزيفة. وبالتالي تظل انتخابات مجلس الشعب هي الأكثر اغراءا للاقبال عليها، بالرهان على "مفاجئات" تفوق في بعضها قدرة الدولة في السيطرة عليها.. فضلا عن وجود دوائر تعاني من حالات فراغ سياسي حقيقي وكبير، يمكن أن تشغله أية قوى أو شخصيات مجهولة وقليلة الخبرة تخوض الانتخابات من قبيل المشاغبة وربما الابتزاز وكما حدث في بعض الدوائر في انتخابات عام 2005. في الانتخابات الأخيرة وصل إلى البرلمان بعض المرشحين لا يحظون بأية مكانة اجتماعية أو خبرات سياسية أو مهنية ولا حتى اخلاقية او مالية .. فازوا فقط "نكاية" في مرشحي الوطني.. وخاصة في الجولة الأولى وربما في الإعادة وفي دوائر لم يهتم بها الحزب الوطني وترك الملعب لها بوصفها شخصيات هامشية لديها القابلية للبيع والشراء، ويمكن وضعها تحت السيطرة الأمنية لاحقا. هذه الشخصيات تحولت خلال السنوات الخمس الماضية من "فقراء" لا يملكون ثمن شراء جوارب رخيصة، إلى أن باتوا من أثرياء البلد ويملكون الشقق الفاخرة والسيارات الفارهة والعقارات التي تقدر بالملايين!.. فيما احتاطوا لأنفسهم للمستقبل، بايواء وتسمين العشرات من البلطجية في الأحياء الشعبية والفقيرة التابعة لدوائرهم لاستدعائهم في الانتخابات القادمة! ما أريد قوله من هذه المقدمة الطويلة، وبغض النظر عن موقف الجماعات السياسية وانقسامها بشأن جدوى المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة.. فإن المسألة هنا تحتاج إلى تفكير ومراجعة لمبدأ "ترك" المشاركة يأسا واحباطا من النتائج المتوقعة .. و لماذا لا يخوض المئات من عوام الناس والمثقفين والصحفيين والمهنين الانتخابات وبشكل جاد وبحماس حقيقي وبغض النظر عن القلق من النتائج في النهاية، وعلى نحو لا يترك المساحة خالية فقط للقوى السياسية الرئيسية من جهة وللحزب الوطني من جهة أخرى؟! في تقديري أن جزءا من إعادة الاعتبار للانتخابات التشريعية وتقليص قدرة الدولة على التلاعب والتزوير لا يكمن فقط في تشجيع الناس للاقبال على الاقتراع وإنما أيضا في تشجيعهم للاقبال على الترشح .. فلماذا إذن لا نريد التفكير هذه المرة بشكل مختلف؟! [email protected]