أغنياء وأثرياء مصر اشتروا " التروماي "، فقد تعرضوا لأكبر عملية خداع علي أعلي مستوي حين أقبلوا علي شراء وتملك الوحدات السكنية الفاخرة في المنتجعات السياحية الجديدة التي انتشرت علي شواطئ البحرين الأبيض والأحمر..! فشركات الإسكان التي قامت بشراء أراضي صحراوية قاحلة وحولتها إلي منتجعات سياحية، دفعت ثمنا لهذه الأرض ملاليم وباعتها بملاين ومليارات، وتركت الذين اشتروا يعيشون حلما مؤقتا من السعادة قائما علي جد التملك والحياة حيث ينبغي أن تكون إلي أن يفيقوا بعد ذلك علي واقع من نوع أخر عندما تتحول هذه المنتجعات إلي خرابات وأماكن مهجورة ومباني تفتقر إلي الصيانة والخدمات ولا يتوفر بها أيضا الأمن والأمان المطلوب..! وكلنا يذكر الحادث المأسوي الذي وقع في إحدى القرى السياحية بالعين السخنه عندما أقتحم أحد العاطلين هذه القرية بكل سهولة وتجول في أنحائها ودخل أحد فيلاتها وقتل طفلا وخادمة بكل سهولة..! ولقد قمت بجولة مؤخرا في القرى السياحية برأس سدر والعين السخنه، وهالني ما شهدته في بعض هذه القرى التي كانت فيلاتها وشاليهاتها تباع بمبالغ هائلة وقد تحولت هذه القرى بمرور الوقت إلي مجرد أطلال ومنازل مهجورة وخدمات نادرة، فلا مستشفيات ولا عيادات ولا تواجد أمني ظاهر أو غير ظاهر داخل هذه القرى، والبقاء فيها ليلا نوع من المغامرة والرعب والمعاناة أيضا..! ويحدث ذلك لأن الشركات التي تقيم هذه القرى تهتم بها وتوفر التسهيلات والخدمات داخلها عند بداية إنشائها وذلك لجذب المشترين، ومتي قامت ببيع أغلب الوحدات السكنية فأنها تترك المكان رويدا رويدا وتتخلي عنه للملاك الذين يندد أن يتواجدا أو يجتمعوا معا لإدارة المكان أو للتأكد من المحافظة علي نفس مستواه. ولذلك ضاعت وتضيع المليارات من الجنيهات في الصحراء،فلا أصحابها استطاعوا الاستمتاع بما اشتروه من فيلات وشاليهات،ولا الدولة استفادت كثيرا من عائد بيع الصحراء لأنها أنفقت علي شق الطرق وتوصيل الكهرباء والمياه ما يفوق كثيرا قيمته ما حصلت عليه من أصحاب الشركات التي قامت بشراء هذه الأراضي..! ويبدو أن ما يأتي بسهولة يذهب ويضيع بسهولة أيضا،فلا أحد يستطيع أن يقدم تفسيرا مقنعا لقدرة الناس علي دفع هذه الأثمان المرتفعة لوحدات سكنية في الصحراء لا يستخدمها البعض لسنوات وسنوات والذين يستخدمونها يقيمون فيها بضعة أيام طوال العام كلة ويسددون رسوما مقابل الصيانة والحراسة والخدمات تفوق كثيرا ما قد يدفعونه للإقامة في أي فندق طوال فترة الأجازة إذا ما أخذنا في الاعتبار الفوائد البنكية المتوقعة للأموال التي قاموا بتجميعها في الفيلا أو الشالية..! وقد يكون مقبولا أن يكون في المجتمع من يقدرون علي شراء هذه الوحدات السكنية الترفيهية ولكن بنسبة معقولة وفي حدود معقولة بعيدا عن ما نشاهده اليوم من ألاف الآلاف من القادرين الذين يملكون هذه الفيلات والشاليهات والذين لا يكتفون بفيلا واحدة في الساحل الشمالي من أجل فصل الصيف وإنما لابد من شاليه أخر في العين السخنه من أجل فصل الشتاء..! والذين يقولون بعد ذلك أن مصر دولة فقيرة ماديا مخطئون تماما في هذه المقولة لأن كل هذه المليارات المهدرة التي تمثل فائضا ماديا لدي كل هؤلاء الأغنياء تؤكد أن الخير كان كثيرا وكثيرا جدا ولكن الفساد لم يجعل توزيعه عادلا واختص به مجموعة من الذين لن يتأثروا كثيرا أن تحولت هذه القصور والفيلات والشاليهات إلي خرابات وقصور في الرمال،فهم لم يبذلوا جهدا كبيرا في الحصول علي المال اللازم لشرائها،ولو كان الأمر غير ذلك ما كانوا قد قاموا بشرائها،فالذين كسبوا أموالهم بالجهد والعرق لا يهدرونها علي رمال الصحراء..! [email protected]