علمت "المصريون" أن المحاولات الحكومية وتلك التي يبذلها عدد من شيوخ القضاة المتقاعدين لكسر حالة الاحتقان المتصاعدة بين القضاة والنظام مازالت تراوح مكانها ، حيث فشلت الوساطة التي قادها المستشار عادل قورة رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى السابق في إحداث تحقيق انفراجة بين القضاة والنظام الحاكم بسبب رفض نادي القضاة التام لمطلب قورة بتقديم النادي لاعتذار إلى مجلس القضاء الأعلى والعديد من القضاة عن الاتهامات الخاصة بتورط بعض القضاة في تزوير الانتخابات وسحب البلاغات التي تقدم بها النادي في ذلك الشأن . وأوضحت مصادر قضائية أن قورة عرض على القضاة في مقابل ذلك قيام وزير العدل بإلغاء القرار الإداري بإحالة المستشارين محمود مكي وهشام البسطويسي إلى لجنة الصلاحية وإقرار مشروع السلطة القضائية بشكل يرضى جموع القضاة والتحقيق الفوري في الاعتداءات على بعض القضاة وفي تورط البعض في الإساءة إليهم على خلفية أزمة موافقة نادي القضاة على استقبال وفد منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية ، وهو اللقاء الذي تراجع عنه النادي حينئذ . وكشفت المصادر أن نادي القضاة رغم ترحيبه بمبادرة المستشار قورة ، المحسوب على التيار الإصلاحي داخل القضاة ، إلا أنه رفض بشكل قاطع مبدأ الاعتذار عن أي من مواقفه السابقة وأنه أبلغ قورة عزمه عدم التراجع عن مساعيه لفضح القضاة المتورطين في تزوير الانتخابات أو الذين باعوا استقلال القضاة من أجل مصالح شخصية وأنه لن يقبل بإدخال أي تعديلات على مشروع السلطة القضائية. وتحفظ القضاة أيضا بشدة على دعوة قورة لفض الاعتصام الذي ينظمه القضاة في مقر ناديهم متعهدين باستمرار هذا الاعتصام طالما لم تتعاط الدولة بإيجابية مع مطالبهم المشروعة. في سياق متصل ، توقعت مصادر قضائية ألا تتوقف مساعي الوساطة بين القضاة والنظام في المرحلة القادمة رغم فشل المحاولات التي قام بها الدكتور فتحي سرور والدكتور كمال أبو المجد ، مشيرة إلى أن القضاة لن يغلقوا أبوابهم في وجه من يحاولون حل الأزمة طالما حافظت مقترحاتهم على استقلال القضاء وخرجت عن إطار عقود الإذعان التي تحاول الحكومة فرضها عليهم حاليا. وأكد المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض أنه من المستحيل أن يصدر نادي القضاة صيغة اعتذار لأن القضاة لم يرتكبوا جرائم ولم يسندوا وقائع التزوير إلى أشخاص بعينهم وإنما طالبوا بالتحقيق في وقائع تزوير الانتخابات عدد من الدوائر ، مشيرا إلى أن القضاة لن يتراجعوا عن مطالبهم الإصلاحية والاستقلالية لأن هذه المطالب تخص الشعب كله وليس القضاة فقط. وشدد مكي على أن القضاة سيستمرون في مواقفهم الصارمة لإجبار وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى على الاستجابة لهذه المطالب وأنهم مستمرون في استكمال التحقيقات التي ستثبت براءتهم ، كما أنهم سيتخذون كل الإجراءات الكفيلة بتنحية القضاة المعينين في مجلس القضاء الأعلى والذين يشاركون في هذه التحقيقات. واعتبر المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية أن كل اللقاءات والمفاوضات التي يجريها مسئولون حكوميون مع نادي القضاة وعروضهم ما هي إلا عقود إذعان وهو ما سيرفضه القضاة بقوة وسيلجأون إلى كل الوسائل والخيارات التي تجبر النظام على احترام استقلال وإرادة القضاة عبر الإفراج عن مشروع استقلال قانون السلطة القضائية وإطلاعهم على كل التعديلات التي أدخلها مجلس القضاء الأعلى هذا المشروع ، وأن على رأس هذه الوسائل الإضراب عن العمل.