يقول إسلاميون إن انتفاضة 30 يونيه، هي حركة "فلولية".. ولا يستطيع أحد أن ينفي أو يثبت مثل هذا الادعاء على سبيل القطع.. غير أنه يتضمن جزءًا من الحقيقة وليس كلها بالتأكيد.. لأن الملايين التي خرجت في هذا اليوم، تفوق قدرة "الفلول" على التحضير والحشد.. ولكن ما هو بات في حكم المعروف بالضرورة أن النظام القديم كان شريكًا في صنع 30 يونيه. ولذا نلحظ أن ثمة خطابًا إعلاميًا، وسياسيًا كذلك، يتعمد وصف 30 يونيه ب"الثورة"، فيما يعتبر 25 يناير 2011 "فوضى" أعقبت تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك. ليس بوسع أحد إلا أن يشعر بالقلق، من أن يمضي مثل هذا التصنيف الجديد، للحركتين: 25 يناير، و30 يونيه، في اتجاه مثل هذا "التزوير الفلولي".. لأنه يعني أن "الثورة المضادة" انتصرت على "ثورة يناير". وفي هذا السياق، فإن بعض الحركات الاحتجاجية التي كانت فجرت ثورة يناير، مثل حركة 6 إبريل، وقفت مترددة إزاء حشود يونيه.. وتوجست بشكل واضح من الظهور المفاجئ، لحركة "تمرد".. ورفضت المشاركة في الحملة الشبابية التي كان مقررًا لها التوجه إلى عدد من العواصمالغربية، في محاولة لإقناعها بأن ما حدث يوم 30 يونيه وعزل د.مرسي بعده بأيام، كان "ثورة شعبية" وليس انقلابًا عسكريًا. والحال أن 30 يونيه، أعاد تشكيل الخريطة السياسية في مصر، على نحو أربك أية قراءة تحاول تحديد ملامح هذا الحدث الكبير على وجه الدقة وما إذا ثورة "شعبية" أم ثورة "مضادة" انتصرت فيها قوى "الشر الفلولية" على "قوى الخير" القادمة من رحم الأجندة الإنسانية لثورة يناير العظيمة. وأيًا ما كان الأمر، فإن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها، أن النظام القديم "الفلول" ساعد بالتأكيد على تفكيك بنية نظام الحكم الإخواني.. إما عن طريق "خنقه" من خلال تعطيل كل إمكانيات الدولة، وافتعال الأزمات التي عززت من تنامي مشاعر الكراهية ضد الجماعة.. أو بالحشد، واستخدام الإعلام الفلولي الأكثر تأثيرًا وحرفية من الإعلام "الديني" الضعيف ومحدود التأثير إلا على الإسلاميين وحسب. وهذا يعني أن 30 يونيه.. كانت فعلاً حركة "شعبية" شارك فيها طيف واسع من الجماعة الوطنية المصرية، ولكنها لم تكن بذات النقاء الذي كانت عليه ثورة يناير.. لأن الأخيرة كانت على نظام مبارك.. فيما كان الأخير جزءا من صناعة 30 يونيه وعاد إلى المشهد السياسي، ممتطيًا كل أخطاء الجماعة التي ساعدت على الإطاحة برئيسهم، فيما يشبه "نزهة" لاصطياد الأرانب البرية. ولعل فكرة "المصالحة الوطنية" المرفوعة الآن لا تستهدف فقط دمج الإخوان "المهزومة" في العملية السياسية، وإنما أيضًا تستهدف البحث عن مكان في تلك العملية لنظام مبارك العائد مرفوعًا على أعناق 30 يونيه. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.