أبدت الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، تمسكها برفض وصول مسيحي إلى الرئاسة في مصر، الأمر الذي فجر موجة جدل بين الأقباط، وداخل حزب "الوفد" الذي انضمت إليه حديثًا، باعتبار ذلك من وجهة نظر المعترضين يتنافى مع مبادئ الديمقراطية، بينما اعتبرت أن رأيها ينبع من مبدأ ديني لن تغيره إرضاءً للبشر، و"لا يمكن أن يجبرني أي حزب أن أغير من مبادئ". يأتي ذلك فيما عبر الأقباط عن غضبهم من تصريحات صالح، متهمين إياها بالتعصب والعنصرية، كما نأى حزب "الوفد" بنفسه عن آرائها التي تعبر فيها عن رفضها تولي الأقباط منصب الرئاسة في مصر، وقال فؤاد بدراوي نائب رئيس الحزب إنها لا تعبر عن الديمقراطية والمدنية التي يسعى الوفديون وكل المصريين لتحقيقها خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أنه سيتم إعادة النظر في عضويتها. وقابلت صالح انتقادات الوفديين لها بالإعلان عن تراجعها عن الانضمام للحزب، بعد أيام من توقيعها على استمارة العضوية، إعجابًا بالتجربة الديمقراطية التي شهدها الحزب مؤخرًا، وأضافت: "حتى من قبل أن يتبرأ هو مني فأنا انسحبت لأني غير قابلة لتغير مبادئ الدينية، وكل ما يخالف النصوص الدينية لا أوافق عليه، لأن مهما كان العرف فلابد ألا يتصادم مع نص قطعي". وقال في مداخلة هاتفية مع برنامج "مانشيت" على فضائية "أون تي في": "ما قلته هو أنه لا يجوز في الشريعة الإسلامية تولي الأقباط الحكم على المسلمين، لأنه لا يجوز ولاية الكافر على مسلم، وهذا بنص قرآني لقوله تعالى: "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا"، أي لابد أن تكون الولاية للمسلم على غير المسلم وليس العكس، لهذا الله سبحانه وتعالى أباح للمسلم أن يتزوج من غير المسلم "كتابية" لكن المرأة المسلمة غير مسموح لها بالزواج من غير مسلم لأن الرجل قوام في البيت، ودرجة القوامة درجة رئاسة فلابد ألا تكون درجة الرئاسة للأقل دينًا". واعتبرت أن رأيها حول عدم ولاية غير المسلم على المسلم لا يطعن في العقائد والأديان الأخرى كما قد يُعتقد، وتابعت: "نحن لا نطعن في الأديان، الأديان جاءت متتابعة كل دين حسب عصره أما الدين الإسلام أتى ليعم ورضيت لك الإسلام دينا، فلهم ما لنا وعليهم ما علينا فهل أهل الذمة أصحاب بلد ولكن في الحكم وهو الولاية الكبرى وهي الرئاسة فتكون لدين الأغلبية". وأشارت إلى أن البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية يتفهم أن المسلمين يمثلون الأغلبية في مصر، وأن الحكم لهم وليس للأقباط، غير أن صلاح سليمان المستشار القانوني لحزب "الوفد" قال إنه لا يوجد في السياسة شيء اسمه ولاية كبرى وولاية صغرى، وفي السياسة الأمور متغيرة بينما الدين ثابت. وقاطعته صالح ضاربة المثل بما اعتبرته دليلاً على احترام الإسلام للعقيدة المسيحية، يتمثل في تعقيب البابا شنودة على حكم المحكمة الإدارية بجواز الزواج الثاني حينما قال "إن هذا الحكم فيه مخالفة للشريعة الإسلامية، لأنها تقول إن لهم ما يدينون، وحسب ما يعتقدون، إذن الشريعة الإسلامية تحترم الأقباط وهذا ما قلته". بيد أن سليمان لم يقتنع بما ساقته، واصفًا ذلك بأنه "قياس فاسد"، وقال لها: "يا دكتورة سعاد أنت مصرة على الحديث في الدين وأنا أتحدث في الأمور السياسية وأقول لك مرة أخرى لا يوجد في السياسة ولاية كبري ولا ولاية صغرى". وكان تصريحات صالح أثارت جدلاً بين الأقباط بسبب تصريحات أدلت بها مساء الأحد لبرنامج "مانشيت" على فضائية "أون تي في"، وقالت فيها إنها لا يجوز لغير المسلم أن يتولى منصب رئيس الجمهورية في بلد يمثل المسلمون فيه أكثر من 95 من عدد السكان، رغم أنها في تصريحاتها ذاتها أجازت للأقباط تولي المواقع القيادية. وفجر ذلك موجة من الغضب بين الأقباط وانهالت الاتصالات على البرنامج وكان بين من عقبوا على ذلك ساويرس الذي رفض ما قالته صالح، مؤكدا أنه لا يمكن لإنسان يؤمن بالله أن يكون كافرًا، فالجميع يؤمن بنفس الإله"، إلا أنها ردت على تلك الحجة قبل مداخلته قائلة "المسيحيين مش بيعترفوا برسالة محمد، وإحنا المسلمين بنعترف بكل الأنبياء فأنا بقي اللي بسألهم انتوا بتعترفوا بالنبي محمد ورسالته؟". ووصل الأمر إلى حد التقدم ببلاغ ضدها إلى النائب العام، بتهمة إثارة الفتنة ضد الأقباط بما يهدد نسيج الوحدة الوطنية، كما جاء في بلاغ تقدم به خالد البري المحامي بالنقض إلى المستشار عبد المجيد محمود أمس الثلاثاء تحت رقم 14172 عرائض النائب العام لسنة 2010.