لا أتخيل دولة سوية تقام على الحقد والبغضاء والكراهية والإقصاء، كما يراد لمصر التاريخ والجغرافية أن تبدأ عهدًا جديدًا بسلب إرادة جزء كبير من الشعب وقهره وإذلاله وتحطيم معنوياته وإفقاده مقومات كرامته وحياته، حتى إذا دفعوه لأن يتحول إلى وحش مفترس يلتهم الجناة والمجرمين الذين قضوا على إنسانيته، ازدادوا عنفًا وقتلًا وسحقًا لمحاربة الإرهاب الذي صنعوه بأيديهم، أهذا ما تريده الطغمة الحاكمة من جناة مصر الجدد؟! ولكن الأمور قد تغيرت ووعى الواعون الدرس جيدًا وفوتوا على هؤلاء الموتورين ما يريدون بسلميتهم التي نرجو الله أن تكون أقوى من أسلحة الباطل وبطشها. أتعجب من صناعة الكذب ومنهجيته وتزييف الوعي وسلب العقول في إعلام الضلالة الذي فاق أساطير الكاذبين والمنافقين الأول، بل إن أمثال عبد الله بن أبي بن سلول و أبا جهل ليقفون احترامًا و إجلالًا لكاذبي ومنافقي اليوم، ما هذا الكم من الدجل والكذب والعهر والنفاق والتحريض والشماتة وسوء الأدب في الفعل والقول، حتى لا تستحى كاتبة مغمورة تريد أن تشتهر من أن تكون تحت إشارة قائد الأمة الجديد وزعيم القطرين المنقسمين ولو أَمة تخدم في سلطان صاحب الجلالة لتشبع غرائزه وغرائزها، إسفاف وانحطاط قد بلغ مداه وتجاوز كل حدود السفالة ففاقها. ألهذا الحد فقد مغول مصر الجدد عقولهم في خضم إرادة فرض رؤيتهم التي أوقعت البلاد والعباد في فتنة لا ندري ما الله فاعل بنا فيها – نسأل الله العافية – فهانت عليهم الدماء وتلذذوا بسيلانها ولم يراعوا للموتى حرمة وأظهروا الشماتة بخسة ووضاعة فاقت التصور، و في الحديث الصحيح " لا تظهرِ الشماتةَ لأخيك فيرحمُه اللهُ ويبتليكَ" رواه الترمذي-2506، وصدق رسول الله صلى الله عليه و سلم "إن بين يدَيِ الساعةِ لهرَجًا, قال: قلت: يا رسولَ اللهِ ما الهرَجُ؟ قال: القتلُ.. يقتُلُ بعضُكم بعضًا حتى يقتُلَ الرجلُ جارَهُ وابنَ عمهِ وذا قرابتِهِ فقال بعضُ القومِ: يا رسولَ اللهِ ومعَنا عُقولُنا ذلك اليومِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا, تُنزَعُ عُقولُ أكثرِ ذلك الزمانِ ويَخلُفُ له هباءٌ من الناسِ لا عُقولَ لهم" صحيح ابن ماجة/3213. أيها العسكريون اعلموا أن مصر وشعبها ليست كتيبة عسكرية في موقعة قتال يؤمر فيها الجندي فلا يملك إلا أن يطيع وإلا!!... إننا مدنيون مسلمون لنا أفكارنا وعقائدنا وعقولنا، نساس بالعدل والإحسان لا بالقمع والإذعان، ليس المصريون قطيعًا من الغنم لا يملكون إلا أن يسيروا خلف راعيهم. لا تنهض مصر ولا يبتغى نماؤها ورفعتها إلا بالأحرار الكرماء، أما العبيد ولاعقو الأحذية فلا يبنون مجدًا ولا يقيمون حضارة إلا حضارة الحجارة والآثار تحت سخرة السياط، ولا يستحقون حينئذ إلا قول الله تعالى "فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين" سورة الزخرف-54... أهذا ما تريدونه لأمتكم... بئست الأمة إذن!. اقرأ قوله تعالى "و اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب" سورة الأنفال-25. وأتأمل حال القتلة والمحرضين على سفك الدماء المعصومة والراضين والساكتين وخسة ووضاعة الشامتين المجرمين، وأخشى أن تصيب هذه الآيه الكريمة أهل مصر جميعًا بشؤم صنيع تلك الفئة الضالة المنحرفة. عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "دب إليكم داء الأمم قبلكم البغضاء والحسد والبغضاء هي الحالقة ليس حالقة الشعر ولكن حالقة الدين والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بما يثبت لكم ذلك أفشوا السلام بينكم" صحيح الترغيب-2695. ألا يملك الحكام الجدد وهم في سدة الحكم وغرور القوة حلولًا تنزع فتيل الشقاق والفرقة وتصل إلى كلمة سواء تجمع ولا تفرق تؤلف ولا تباعد، ألا بوسعهم أن يستجيبوا لأحد المبادرات المعروضة من عقلاء الأمة أم لابد من الإذعان لبيادتهم؟ ألم يكن مناصروهم ومحرضوهم من القوى العلمانية والليبرالية تقول على د. مرسي هو الرئيس وهم المفترض أن يملك حلولًا لأزمة الأمة، حتى إذا دار الزمان دورته كالوا بمكاييل أخرى؟ فما لهم كيف يحكمون؟! اللهم جنب مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن و ألهمنا رشدنا وارفع عنّا البلاء.