اصطدمت مساع أوروبية للخروج من الأزمة التي تشهدها مصر منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، بتمسك المجلس الأعلى للقوات المسلحة ب "خارطة الطريق"، وعدم القبول بإجراء أي تعديل عليها، سوى تقديم ضمانات وتعهدات للجماعة بدمجها في العملية السياسية، ومشاركتها في الانتخابات القادمة، وعدم ملاحقة قادتها مع عدم المساس بالرئيس محمد مرسي، أو الاستمرار في ملاحقته قضائيًا. فيما تبدو جماعة "الإخوان المسلمين" غير متعجلة للانخراط في وساطة، حيث تراهن على الوقت لإجبار المجلس العسكري على تقديم "تنازلات مؤلمة"، حتى يمكنها إقناع مؤيدي الرئيس المعزول وشركائها في "التحالف الوطني لدعم الشرعية" بالانسحاب من الميادين، في حالة عدم نجاحها في إعادة الرئيس محمد مرسي، لاسيما في ظل رفض المجلس العسكري لخيار الاستفتاء لحل الأزمة. وقال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن الاتحاد الأوروبي هو الجهة الوحيدة التي عرضت الوساطة بين الطرفين، إلا أنه أشار إلى أن هذه الوساطة لا تتمسك بضرورة عودة الرئيس محمد مرسي للحكم باعتبار أن أمره قد حسم منذ الإطاحة في 3 يوليو الحار ولا إمكانية لعودته مجددًا، حسب قوله. وأشار إلى أن الوساطة ستدور حول تعهد الجيش بعدم فرض قيود على جماعة "الإخوان المسلمين" أو حلفائها الإسلاميين أو حظر الأحزاب الدينية أو الكف عن ملاحقة قادة الجماعة وضمان عدم التصعيد مع قادة الجماعة. وكشف فهمي عن وجود اتجاهين داخل الرئاسة والقوات المسلحة؛ فهناك من يتحدث عن ضرورة التصعيد مع جماعة الإخوان وإحالة قادتها لمحاكمة الجنايات لشل قدرة الجماعة على مواجهة خارطة الطريق، فيما يفضل تيار آخر ضرورة إغلاق ملف الجماعة ودمجها في الحياة السياسية دعمًا للمصالحة وهو التيار الذي يبدو مرجحًا خلال المرحلة القادمة. من جانبها، قالت مصادر إخوانية إن الجماعة لن تقبل بأي وسطاء الداخل لتسوية الأزمة، وإنها تفضل وجود وساطات وضمانات أوروبية لأي اتفاق مع الجيش في حالة الوصول لهذه المرحلة لاسيما بعد وصول العلاقة بين الطرفين لمرحلة عدم الثقة التامة، مشيرة لعدم قبول الجماعة لأي دو ر أمريكي باعتبار أن واشنطن شريك أساسي في الانقلاب على الرئيس مرسي. يأتي ذلك رغم ما أبداه الدكتور محمد عماد الدين، عضو الهيئة العليا لحزب "الحرية والعدالة" من تحفظ بشدة على هذا الطرح، مشيرًا إلى أن "الجماعة لا تعول على أي دور خارجي في تسوية الأزمة، وأنها لن تقبل بأقل من عودة الرئيس الشرعي المنتخب وإعادة العمل بالدستور وعودة مجلس الشورى، وإلغاء أي تداعيات للانقلاب العسكري". وتمسكت الجماعة وذراعها السياسية حزب "الحرية والعدالة" باستمرار الاعتصام في ميداني "رابعة العدوية" و"النهضة"، وتعهدت بحسب النائب السابق الدكتور سعد عمارة بمواجهة أي محاولات لفض الاعتصام بالقوة في ظل وجود مؤشرات على رغبة في فضه. يأتي في الوقت الذي أعلنت فيه الجماعة النفير العام إلى ميدان رابعة، موجهة تعليمات صارمة لأنصارها بالوجود وبكثافة وفي أوقات متأخرة من الليل بعد صدور إشارات بوجود توجه من الأجهزة الأمنية لاستغلال حالة الفراغ في الساعات الأولى من الصباح لفض الاعتصام بالقوة.