خمس وزراء يترجلون من سفينة حكومة عبد الاله بن كيران هؤلاء ينتمون إلى حزب الاستقلال الشريك في حكومة ما بعد دستور 2011 الائتلافية،إذن يلتحق شباط و رفاقه بمقاعد المعارضة إلى جانب لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي فهل سنرى قياسات أخرى في المعارضة المغربية الجديدة التي ترغب في مواجهة الإسلام السياسي؟خصوصا عندما يواجه الآن بنكيران ذي الخطاب الشعبوي شخصيتان شعبويتان سنرى في الأفق أن شباط إلى جانب لشكر لن يهادنا الحكومة المعدلة حيث أنهما سيكثفان الجهود لمحاصرتها من اجل إنهاكها و تعريتها أمام الرأي العام لتسهيل إسقاط شعبية العدالة و التنمية تمهيدا للانتخابات المقبلة سواء برلمانية أو بلدية أو جهوية . حزب العدالة و التنمية المغربي أراد أن يكون برغماتي و غير متشنج و ذلك للظروف الإقليمية التي تمر منها المنطقة خصوصا تلك الأحداث التي في مصر بعد سقوط حكم الإخوان و ما تلاه من تداعيات،إذن من اجل استمرار اللعبة الديمقراطية و الحفاظ على الهوامش كان لابد من البحث عن أغلبية جديدة بدل الذهاب إلى انتخابات مبكرة نظرا لكلفتها السياسية و المادية،الاحتجاج على حكومة يقودها حزب العدالة و التنمية سوف تتخذ أشكالا متنوعة ليس آخرها الإضرابات التي سيقودها النقابي السابق حميد شباط .فهل سيكون تقوية جبهة المعارضة الجديدة قيمة مضافة لتحفيز العمل الحكومي لإنجاح التجربة المغربية في التعامل مع الديمقراطية أم إعاقتها تأسيسا على حسابات سياسية و حزبية ضيقة؟ حزب التجمع الوطني للأحرار حزب ليبرالي من يمين الوسط لديه 52 مقعدا في البرلمان هو المرشح لخلافة حزب الاستقلال المنسحب فهل ستعتمل البرغماتية خدمة للمصلحة الكبرى و الاستقرار و تعزيز الاستثناء المغربي بين حزب العدالة و التنمية و حزب الأحرار الذي صوت ضد برنامج الحكومة الذي من المرجح أن يكون تعديله من ضمن شروط مشاركة هذا الأخير ،و أيضا لكي يتجاوزا تلك المناوشات السابقة بين زعيم الحزب و قياديي العدالة و التنمية؟ و للتوضيح فقد شارك حزب الأحرار في غالبية الحكومات ومن بينها حكومة التناوب التي شكلها حزب الاتحادالاشتراكي بقيادة عبد الرحمان اليوسفي عام 1998 و ما بعدها. اكراهات نفور المواطنين من السياسة و التنزيل البطيء للدستور و الإصلاحات الاقتصادية و الاجتماعية كذلك مخاضات الانتقال السياسي في جل البلدان العربية سوف تعمل على تطويل عمر الحكومة برئاسة بن كيران إلى اجلها أو قريبا منه،إذا اعتبرنا أن حزب العدالة و التنمية المحسوب على تيار الإسلام السياسي يحكم ضمن تحالف حكومي متنوع مما يجعل سلوكه السياسي لا يتجه إلى تغيير موازين القوى على الصعيد الأمني و الاستراتيجي إضافة إلى عزل التجربة المغربية عن أي اصطفافات خارجية مثل النهضة في تونس و العدالة و الحرية الجناح السياسي للإخوان في مصر،هذه الأخيرة حيث أن مرسي الاخواني بعد انتخابه رئيسا بدأ بتفعيل تدخلاته لتغيير خرائط مصر الأمنية و الجيوسياسية كان في جزء منه انتشاء بالسلطة بعد 84 سنة في الظل،و الجزء الأكبر منه هو سرعة سياسية قصوى بلا قراءة للتوازنات و عوامل الظرفية الإقليمية و الدولية فكان قرار العزل ضروريا. الأزمة الحكومية الحالية نرى أنها فرصة في إبداع أساليب تدبيرها بشكل يستحضر المصلحة العليا للمملكة و بأدوات قانونية و دستورية، و العمل على انفتاح الفواعل السياسيين على اللعبة الديمقراطية كشكل عملي لتدبير الاختلاف و إنتاج عوامل الإصلاح اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا.بعد هذه التجربة و إقرار حكومة بنسخة جديدة بلاعبين جدد و برنامج آخر و تطلعات أخرى نقول آنذاك بان المغرب فوت فرصة السقوط في هفوة اللاستقرار و من ثم بوادر دولة فاشلة في تدبير الأزمات و تعطيلها ،في هذا الخضم و بدخول الأحرار المرتقب فهل من الممكن أن نرى انفراجات على المستوى المالي و الاقتصادي خصوصا عندما نلاحظ تلك المقاطعة لرجال الأعمال المغاربة لزيارة اوردغان إلى المغرب في يونيو الماضي تزامنا مع الأزمة الحكومية؟ و تأتي زيارة ملك اسبانيا و الوفد المرافق له هذه الأيام و الحفاوة التي استقبل بها من طرف الملك تأكيدا على الشراكة الاقتصادية بين البلدين، زيادة على تشجيع أوروبا من اجل تعزيز الاستقرار الداخلي الذي يخدم أمن المتوسط من خطر الإرهاب و الهجرة و التهريب،و من ثم يمكن قراءة الزيارة كإشارة إلى دعم أوروبي للدولة المغربية على نهجها المتزن في تدبير انسحاب الاستقلال ذي 60 معقدا من الائتلاف الحكومي. نستخلص أن الدولة المغربية تسير في طريق تعميق مجالات استيعاب إسلامييها في حدود مقوماتها و أسسها التي بنت عليها نظامها بلا امتدادات سلبية قد تهدد الأمن الداخلي و الخارجي و من ثم تعزيز الثقة في اقتصاد البلاد و استثمار الاستقرار من اجل استقطاب رؤوس أموال خدمة للأمن الاجتماعي إنها أجندة تجنب الدولة تداعيات ما يحدث إقليميا إضافة إلى تمتين الجبهة الداخلية و مواجهة التحديات المتعلقة بقضية الصحراء المغربية .