أصيب الكثير من المهتمين بمستقبل التعليم في مصر بصدمة شديدة عندما علموا بنبأ تعيين الدكتورأحمد زكي بدر وزيراً للتربية والتعليم لأن تاريخ الرجل وممارساته وأفعاله في جامعة عين شمس لا تبشر بخير ولا تبعث على التفاؤل... فلم يسلم من بطشه لا الطلاب، ولا الإداريين والعمال، ولا حتى أساتذته وزملائه من الباحثين والمدرسين... فبجرة قلم طرد 400باحث ومعيد ومدرس من كلياتهم ليعملوا في وظائف إدارية... دون احترام لأية قوانين أو لوائح أو أعراف، وأخذ على عاتقه محاربة الأنشطة الجادة للطلاب واختتمها قبل رحيله بمنع الطالبات المنتقبات من دخول الامتحان رغم حصولهن على أحكام قضائية واجبة التنفيذ...!! مستعيناً في كل ذلك بالأمن والبلطجية ... حتى أصبح معروفاً بين الجميع ب "زكي سنجة" ولكن بعد أن بدأ الوزير في ممارسة مهامه وإطلاقه لبعض التصريحات الإعلامية ظن البعض أن الرجل سيصلح حال التعليم وسيحارب الفساد والفوضى التي ضربت العملية التعليمية والتربوية في مقتل... إلا أن هذا الظن الحسن سرعان ما تبدد بعد أيام قليلة!! لأن الوزير بدأ يتصرف من وحي الهوى والمزاجية مخالفاً القانون واللوائح والأعراف وكما يقول الأستاذ علي لبن عضو الكتلة البرلمانية بمجلس الشعب عن الإخوان المسلمين.." أن الوزير أصدر عدداً من القرارات ألغى بموجبها اختصاصات المراكز البحثية القومية والوطنية، بالإضافة لإلغائه اختصاصات مستشاري وموجهي المواد الدراسية وإلغائه اجتماعات المجلس الأعلى للتعليم المسئول عن وضع السياسة التعليمية"... في نفس الوقت قام ببعض الزيارات الاستعراضية لبعض المدارس والإدارات التعليمية سماها الأستاذ جمال سلطان في 23/10/2010م ب "الغزوات" لأنها كما قال "أقرب إلى "الشو" الإعلامي منها إلى الإصلاح التعليمي الجاد ... والوزير الذي يريد أن "يتسلى" بمثل هذه الجولات ينبغي أن يكون قد قطع أشواطا طويلة في وزارته يضع الخطط ويراجع ويؤسس لبنية جديدة ، وفي وقت الفراغ يتجول، أما أن يبدأ أيامه في الوزارة بهذه "الرحلات" الطريفة فهو إعلان مبكر عن الإفلاس "....، ولم يكد يمر على مقال الأستاذ جمال سلطان سوي يومين فقط وليست اسابيع أي في 26/4/2010م فإذا بالوزير بدلاً من أن يعلن عن خطته ورؤيته لإصلاح التعليم فيقطع بذلك الطريق على المعارضين له ويبطل حججهم... فإذا به يقدم الدليل على إفلاسه الحقيقي وأنه جاء لينفذ أجندة محددة ليس لها علاقة بإصلاح التعليم ولا تطويره ... ففي مؤتمر صحفي مع فضيلة المفتي الدكتورعلي جمعة أعلن الوزير أنه قرر تدريس مادة "الأخلاق" للطلاب اعتباراً من العام القادم وهي عبارة عن خليط من الأفكارالتي لا دين لها!!! وأنه أحال المناهج الدينية بمراحل التعليم الأساسية لدارالإفتاء لمراجعتها وارجع وزير التعليم قرار المراجعة إلى وجود عبارات في مناهج التربية الإسلامية فسرها البعض بأنها تحرض على العنف، وهي بعيدة عن سماحة الإسلام.... مخالفاً بذلك أحكام القانون والدستور والأعراف لأن المادة 15 من القانون رقم 103 لسنة 1961م تنص علي أن مجمع البحوث الإسلامية هو الهيئة العليا لبيان الرأي فيما يستجد من مشكلات ذات صلة بالعقيدة، وهو المرجعية العليا لأحكام الدين وليست دار الإفتاء...!!، وإذا كانت الحكومة حاولت معالجة الأمر بإعلان المفتي بأن مراجعة المناهج الدينية من اختصاص الأزهر الشريف فقط... إضافة إلى تشكيل لجنة في مجلس الشعب لمناقشة هذه القضية.... إلا أن إثارة قضية تغيير المناهج الدينية قبل غيرها من قِبل معالي الوزير وبهذه السرعة وقبل أن يستقر على كرسيه أو أن يقرأ هذه المناهج أو تكليف لجنة متخصصة من أهل العلم لقراءتها والحكم عليها... بحجة أن البعض فسرها بأنها تحرض على العنف، وهي بعيدة عن سماحة الإسلام... فإن هذا لا يبشر بخير وأنما يدل على أن الرجل جاء لتنفيذ أجندة خاصة لا علاقة لها بالإصلاح ولا التطوير كما يقول معارضوه... من هذا المنطلق وإذا تناسينا ما سبق من مشاهد... وإعمالاً لحسن الظن فإن الأمر يستدعي أن نتوجه بخطابنا لمعالي الوزير لنضع بين يديه إن كان يريد الإصلاح حقيقة ما يلي: أولاً : المناهج الإسلامية الحالية والتي فسرها "البعض" كما يقول الوزير بأنها تحرض على العنف والتي جرى اختزالها واختصارها اختصاراً مخلاً بالمبنى والمعنى حتى أصبحت لا تُسمن ولا تُغني من جوع ولا أثر لها على سلوكيات الطلاب وأخلاقياتهم ... ما هي إلأ جنين مشوه بدأت مسيرته في عهد الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الحالي حيث تم في 23 /8/1988 إنشاء ما يسمي بالمركز القومي لتطوير المناهج بتمويل أمريكي وتولت رئاسته د. كوثر جاك وتم دعمه من جانب أمريكا ب50 مليون دولار لتعديل المناهج الدينية وتغييرها... والآن رغم هذا الاختصار المخل تقوم خبيرة أمريكية يهودية مع 600خبير أمريكي بمهمة إعادة النظر في هذه المناهج كما ذكر الزميل حماد الحجر ب "المصريون"... فماذا ننتظر من اليهود والأمريكان؟. ثانياً : تطوير المناهج خاصة الدينية تطويراً إيجابياً لا يتم بإملاءات خارجية أمريكية ويهودية وإنما يكون عن طريق الأزهر الشريف وعلمائه... تطويراً يستهدف تعليم الطلاب أصول وقواعد الدين الصحيحة التي تَثبُت بها عقيدته وتَصحُ بها عبادته الأمر الذي سينعكس على المجتمع أمناً وآماناً، عملاً وإنتاجاً، تكافلاً وإحساناً. ثالثاً : جميع الخبراء والمعنيين بالشأن المصري يشهدون بأن العنف الذي أصبح واقعاً في الشارع والبيت والمدرسة والعمل... هو نتيجة طبيعية لمجمل سياسات الحزب الوطني منذ ثلاثين سنة السياسية منها أوالاقتصادية أوالاجتماعية أوالتعليمية والتي أدت في مجملها إلى زيادة الاحتقان داخل المجتمع وخلق بيئة خصبة ، لتنامي العنف وما كتب بهذا الشأن كثير والأدلة أكثر من أن تحصى فهي واقع معاش ... فحينما لا يجد الناس الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة ، أو يحال بينهم وبين التعبير عن حقوقهم ومطالبهم المشروعة بالطرق السلمية بماذا يكون التعبير؟ على أي الأحوال لن يكون بالورود!! رابعاً : الواقع المعاش في بعض جوانبه تجسيد حقيقي لمخرجات منظومة التربية والتعليم في مصر ودليل لا يحتاج إلى برهان على ما وصلت إليه هذه المنظومة من تدهور وانحدار وتخلف لم يسبق له مثيل في شتى المجالات !!... والعلاج لن يكون بإصدار حزمة من القرارات والإجراءات التي تتجاهل الجذور الحقيقية والأسباب الجوهرية التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم ... وإنما يكون بإسناد الأمر إلى أهل الدراية والخبرة وما أكثرهم في أرض الكنانة وهم رهن الإشارة والاستفادة من التجارب المحلية والعالمية لوضع إستراتيجية شاملة لإعداد وتأهيل الكوادر البشرية ولتطوير المناهج العلمية والتربوية كافة تطويراً إيجابياً يلبي متطلبات الواقع ويستشرف آفاق المستقبل وفق برنامج زمني محدد وآليات ووسائل معينة للتنفيذ والتقييم والتطوير. خامساً : هذه النهضة التعليمة الشاملة المنشودة لن تتحقق ولن تؤتي أكلها إلا إذا استندت إلى قواعد أخلاقية متينة يميز بها الطالب بين الخير والشر، بين الحسن والقبيح، وكما هو معروف أنه لا أخلاق بلا دين... لذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ورحم الله شوقي حينما قال "إذا الإيمان ضاع فلا أمان ... ولادنيا لمن لم يحي دينا... ومن رضي الحياة بغير دين... فقد رضي الفناء لها قرينا"... وهذا ما أكد عليه علماء الاجتماع وعلم النفس بعد أن أنهكتهم التجارب... ومن ثم فإن تدريس مادة الأخلاق دون استنادها للأصول الدينية الصحيحة محكوم عليه بالفشل. كلمة أخيرة معالي الوزير ما سبق بيانه غيض من فيض ولديكم في أرشيف الوزارة مشاريع وافكارتقدم بها الكثير من المخلصين من أبناء مصر لإصلاح التعليم وهي الطريق الوحيد لإصلاح التعليم إن أردت إصلاحاً مستداماً ينصلح به حال العباد والبلاد ... فالرجوع إلى الحق فضيلة... أما إذا استكبرت وركنت إلى الذين ظلموا... فنصيحتي لك أن لا تدخل حرب خاسرة فلم يبق من عمرهذا النظام الفاسد إلا القليل ورحيله قاب قوسين أوأدنى... لقد أتيت في الوقت الضائع...!! والسياسية كما تعلم ليس فيها مكان إلا للأوائل... فإذا لم تأخذ بنصيحتي الأولى ولا بالثانية... فإنني أنصحك بنصيحة زميلي الأستاذ فراج إسماعيل حينما نصحكم بالذهاب إلى العباسية لأنها " منتجع جميل ورائع للذين يحاربون الرأي الآخر.... فالكل في عش المجانين سواء، لا فرق بين وزير وخفير!" حفظ الله مصر من كيد الكائدين ومكرالماكرين ونزوات المغامرين. [email protected]