نتيجة معركة عض الأصابع التى تجرى حاليًا بين الاتجاهين المتصارعين ستكون هى نفس نتيجة الانتخابات الرئاسية التى جرت منذ عام، عندما مرسى على شفيق ب51% مقابل 49%، حيث لم يحصل مرشح الإخوان على إجماع الشعب المصرى. ورغم أن جميع المؤشرات بعد انتهاء أحداث 30 يونيه تؤكد أن الرئيس مرسى ومن وراءه الإخوان والفصائل الإسلامية المتحالفة معها قد تخطوا أول أيام الامتحان الصعب، خاصة وأنه سبق يوم 30 يونيه عملية تمويل وشحن وتجييش إعلامى كبيرة بدعم إقليمى ودولى، إلا أنه حتى لو انتهت المعركة ببقاء مرسى فإنه لن يخرج منها سليمًا معافى، خاصة وأن مؤسسة الرئاسة نفسها أكدت أنها لا تستهين أبدًا بهذه الحشود الهائلة التى خرجت فى القاهرة والمحافظات، ويمكننا القول إن خروج هذا العدد فى المظاهرات قد وضع الرئيس مرسى والإخوان أمام تحديات لا يمكنهم تجاهلها، خاصة أنها أظهرت حجم القلق الشعبى من الجماعة بين أوساط وفئات اجتماعية واسعة، وأن الإخوان لن يستطيعوا وحدهم كفصيل سياسى الانفراد بحكم مصر وأن الشعب سيضطرهم فى الانتخابات البرلمانية القادمة على اقتسام السلطة مع فصائل سياسية أخرى، كما أن من أهم نتائج هذه المعركة هى أن الرئيس سيكون أكثر حذرًا سياسيًا فى الداخل والخارج، وسيضطر إلى تقديم بعض التنازلات، وسيتزايد نفوذ المؤسسة العسكرية فى مقابل الرئيس والإخوان وهو أمر لا يمكن توقع تفاصيله الآن، أما على المستوى الخارجى فإن موقفه التفاوضى مع الدول والمؤسسات الأجنبية قد يتغير، حيث ستواجه المفاوضات مع صندوق النقد الدولى تعثرًا جديدًا، كما أن المفاوضات مع دول حوض النيل ستكون أصعب، وطبعًا سيكون مرسى فى موقف لا يحسد عليه أمام الأمريكيين والأوروبيين الذين تركوا شعرة معاوية مع الرئيس ولم يطالبوا صراحة برحيله. أما خسائر المعارضة فإنه فى حالة خروجها بدون أن تستطيع تحقيق هدفها بإسقاط الرئيس، أو إجباره على الموافقة على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة فذلك يعنى أنها مستمرة فى مسلسل الهزائم التى لحقت بها منذ بداية الثورة وحتى الآن أمام المعسكر الإسلامى الذى يقوده الإخوان، خاصة وأنهم خسروا معركتهم فى الاستفتاء على الإعلان الدستورى الذى أصدره المجلس العسكرى فى مارس 2011 ، وخسروا معركة الدستور أولًا، كما فشلوا فى معركة انتخابات مجلس الشعب الذى تم حله بحكم من المحكمة الدستورية العليا، وكانت ذروة هزائمهم أمام الإخوان والمعسكر الإسلامى فى معركة الاستفتاء على الدستور فى ديسمبر 2012. الغريب فى أمر المعركة الأخيرة أن المعارضة رفضت قبول جميع الحلول والمقترحات للخروج بحل وسط ينهى الأزمة، وأصرت على العناد حتى النهاية رغم أن عددًا كبيرًا من أقطاب هذه المعارضة أعربوا عن خشيتهم من أنه فى حالة عدم سقوط الرئيس فإن الإخوان سيعودون للساحة السياسية أشد قوة وعودًا، وبالتأكيد ستنعكس نتائج معركة إسقاط الرئيس على نتائج انتخابات مجلس الشعب القادمة وعلى خريطة التمثيل البرلمانى، وبالتالى على القوى السياسية التى ستشكل الحكومة الجديدة. ومادمنا نتحدث عن الخسائر فإن الخاسر الأكبر هو مصر أم الدنيا التى ستخرج من هذه الأحداث تلعق جراحها، خاصة وأن هناك عددًا من أبنائها سالت دماؤهم بين قتيل وجريح، وسيحتاج الأمر وقتًا حتى تندمل هذه الجراح، كما أن اقتصادها سيزداد تدهورًا فى ظل توقف الإنتاج فى العديد من المواقع الإنتاجية والخدمية، واستمرار الإضرابات والاعتصامات والاشتباكات الدموية التى أدت إلى هروب جماعى للسياح الذين كانوا بدأوا يتوافدون للبلاد، كما أن المستثمرين سيظلون متوجسين وخائفين من التفكير للمجيء للعمل فى مصر، كما أن قرض صندوق النقد الدولى سيصبح مهددًا، فى ظل تراجع التصنيف الائتمانى الدولى للاقتصاد المصرى. وعلى كل الأحوال الموقف مازال فى يد الرئيس لأنه يمثل الاتجاه الذى يعمل ويحاول البناء ويصيب ويخطئ كما اعترف فى خطابه ومن هنا لابد أن تكون البداية بالنسبة لكل الأطراف لاستيعاب الأزمة, أما المعارضة فلا نجد لها عملًا إلا محاولة إعاقة من يعمل وبالتالى ستظل فى الموقف الأضعف وبحيث ننتظر الآن كيف سيقوم الأقوى بمعالجة الأزمة. د. حسن الحيوان hassanelha iwan@hotmai l.com