النائب مصطفى سالمان: تكليف مدبولي بتشكيل الحكومة يستهدف تعزيز التنمية    وزير التعليم يتسلم نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد فصل    السيسي: القضية الفلسطينية صلب قضايا المنطقة    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    خبير اقتصادي: إشادة صندوق النقد مؤشر إيجابي أن الحكومة تسير بخطى ناجحة    صوامع وشون الشرقية تستقبل 605.4 ألف طن من محصول القمح المورد    خبير اقتصادى: برنامج التنمية المحلية فى الصعيد أحدث طفرة تنموية    ب100 شركة صغيرة ومتوسطة.. انطلاق فعاليات الدورة ال3 لمؤتمر ومعرض الأعمال الخضراء بالأقصر    الرئيس السيسي: نتطلع لتعزيز التعاون مع أذربيجان في مختلف المجالات    حزب الله يعلن استهداف ثكنة زرعيت الإسرائيلية بقذائف المدفعية وإصابتها إصابة مباشرة    الرئيس السيسى: استعرضت مع رئيس أذربيجان جهود وقف إطلاق النار فى غزة    وزيرة خارجية إندونيسيا تستقبل السفير المصري بجاكرتا    أنظمة الدفاع الجوي الروسية تسقط 25 مسيرة أوكرانية    وزارة التعاون تُعلن تفاصيل الملتقى الأول لبنك التنمية الجديد في مصر    تعرف على أرقام قمصان لاعبي منتخب إنجلترا فى يورو 2024    كولر يرفض إذاعة ودية الأهلي والنجوم.. تعرف على السبب    ساوثجيت يعلن قائمة انجلترا لخوض يورو 2024    رسميًا.. مانشستر سيتي يجدد عقد سيتفان أورتيجا حتى عام 2026    سهل وصعب.. تباين آراء طلاب الثانوية الأزهرية حول امتحان «الإنجليزي» بقنا    تنخفض 5 درجات.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة السبت 8 يونيو 2024 والأيام المقبلة    السبب غامض.. العثور على 5 جثث بمنطقة جبلية في أسوان    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    سفاح التجمع يعترف لزملائه بمرضه النفسى: أعانى من اضطراب ثنائى القطب    عمرو دياب ونجوم الفن والمشاهير في حفل زفاف ابنة محمد السعدي    إعلام إسرائيلى: عدد كبير من الطائرات يشارك فى قصف استثنائى على مخيم النصيرات    نيللى كريم وهشام عاشور .. الانفصال الصامت    بعدما أعلنت انفصالها رسميًا.. من هي دانية الشافعي ؟    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    وزير التعليم العالي يتفقد أرض مستشفى بنها الجامعي الجديد    صحة مطروح: قافلة طبية علاجية مجانية بمنطقة جلالة بالضبعة اليوم وغدا    بالاسم ورقم الجلوس.. نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة المنوفية    خبيرة فلك تبشر برج السرطان بانفراجه كبيرة    أستاذ علوم سياسية: مصر بذلت جهودًا كبيرة في الملف الفلسطيني    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    147 ألف طلب، مدبولي يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال مايو    بحضور المحافظ.. وزير التعليم العالي يزور أرض مستشفى بنها الجامعي الجديد    حفظ التحقيقات حول وفاة نقاش بالمنيرة    بحضور السفير الفرنسي.. افتتاح المكتب الفرانكفوني بجامعة القاهرة الدولية ب 6 أكتوبر    وزيرة التضامن الاجتماعي تتابع تفويج حجاج الجمعيات الأهلية    نجيب الريحاني وجه باك أضحك الجماهير.. قصة كوميديان انطلق من كازينو بديعة وتحول منزله إلى قصر ثقافة    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    ب300 مجزر.. «الزراعة» ترفع درجة الاستعداد القصوى استعدادًا لعيد الأضحى    هل يجوز الادخار لحم الأضحية؟.. تعرف على رأي الإفتاء    افتتاح المكتب الوطني للوكالة الفرانكفونية بمصر في جامعة القاهرة الدولية ب6 أكتوبر (تفاصيل)    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    فتح باب التقدم بمسابقة فتحى غانم لمخطوطة القصة القصيرة.. اعرف الشروط    نجم الأهلي يوجه رسالة قوية إلى محمد الشناوي    أبو مسلم: حسام حسن أدار مباراة بوركينا فاسو بذكاء    أزهري: العشر الأوائل من ذي الحجة خير أيام الدنيا ويستحب صيامها    «الصحة» تستعد لموسم المصايف بتكثيف الأنشطة الوقائية في المدن الساحلية    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوارض الثقافية والاجتماعية .. وقضية التجديد والنهضة
نشر في المصريون يوم 23 - 04 - 2010

تجديد الفكرالإسلامى وتجديد الخطاب الدينى دعوات احتلت في الفترة الأخيرة مساحات كبيرة في الساحة الثقافية ، وترددت تلك الدعوات بشدة في مقالات وكتابات صحفية محترمة تستهدف وتحمل فعلا دعوة صادقة للتجديد والنهضة ، وفي الوقت ذاته امتلأت الساحة أيضا بكتابات تمثل القوارض الثقافية والاجتماعية ولا تبغى سوى استبعاد وإقصاء الفكر الأصيل عن ثقافتنا واستبداله بسخافات فلكلورية لا تمت لا للفكر ولا للثقافة ولا للأدب بصلة من قريب أو بعيد، وحصل بعض هذه السخافات على جوائز تقديرية ، الأمر الذى يعنى أن المعايير الثقافية غائبة تماما عن الساحة الثقافية في بلاد العرب الأجاويد وأوطانهم الحرة المستقلة،ولقد كانت العدالة الثقافية تقتضى ونحن نتحدث عن الدعوة لتجديد الفكر الإسلامي وتجديد الخطاب الدينى أن نتحدث أيضا عن الحاجة لتجديد الخطاب السياسي للانعتاق من أسر القهر والذل والاستبداد والطغيان ، وكنا ولا زلنا في حاجة أيضا لتجديد الخطاب الاقتصادى الذى حول المواطنين إلى غرباء وأجراء في أوطانهم ، وزاد من سطوة وفساد رأس المال حين تم زواجه بالسلطة والسياسة ، وكنا أيضا ولا زلنا في حاجة لتجديد الخطاب الإعلامي في صحافتنا وإذاعاتنا وإعلامنا كله من باب احترام النفس وحماية الذات الوطنية حتى لا تتحول إلى مسخ يكيل المديح اليوم لبعض الأشخاص وبعض الأسماء فإذا تغير الهوى السياسى اخرج كل ما في القاموس من صفات النقص والتجريح ليلحقها بنفس الأسماء والأشخاص الذين كنا بالأمس القريب نتباهى بوطنيتهم وعبقريتهم وسعادة الأوطان وفخرها بإنجازاتهم،
وكنا أيضا في حاجة إلى خطاب يضمد الجراح الوطنية والقومية ويدعو لاستعادة روح الوحدة وينمى شعور المواطن بالانتماء الكبير لأمته بدلا من التمزق والضياع في واقع يغرى بالقضم والهضم من قبل قوى كبرى في أوج قدرتها، مجموعة من الدول تتباين فيما بينها ،وتختلف في أجناسها ولغاتها وثقافاتها، ومع ذلك تلتقى في وحدة أوروبية ،لها قوة دفاع مشتركة ،وسوق أوروبية مشتركة، وعملة مشتركة،وتتعامل مع قضايا العالم بتصور مشترك يحمى مصالحها ويحقق أهدافها ويفرض احترامها بين دول العالم ، وتسعى وتتطلع دول كثيرة للانضمام إليها .
وفى المقابل أمة بدولها لها دين واحد ولغة واحدة ، وهمومها تكاد تكون واحدة، تواجه أطماعا واحدة، ومع ذلك تختلف فيما بينها ولا تتفق ولا على شئ واحد، تملك من الإمكانيات ما يجعلها في مقدمة الأمم، ولديها من الثراء والثروة ما يمكنها من تجاوز كل عقبات التخلف ومع ذلك تعيش في أحط درجات ضعفها ، الآخرون هم الذين يقودونها، فبأمرهم تأتمر، ولإرادتهم تخضع ، وفى فلكهم تدور ، وحول أهدافهم تتمركز كل حركتها وكل نشاطها ،
وهذا واقع يدركه العقل الجمعي لمجموع الأمة ،كما يدرك معه بأن أمتنا تعيش في عصرها الراهن مرحلة صعبة من مراحل التراجع الحضاري ، نتج عنها انفصام فكرى، تسبب في حالة من السبات العميق اختلط فيها حلم النهضة الغائب والمستكن في أعماقها ، بضباب الرؤية، وانفصل فيها الواقع المنسحب عن قمة أمجاد الآباء الكبار، فاصطدمت طموحات المنى في التصور والفكر، بأعلى تجليات الخلل والفوضى في الواقع المحسوس ، الأمر الذى أفرز حالة من التقوقع على الذات والانكفاء على الماضى ، وإن كان مجيدا وعظيما ، ولقد كان من الطبيعي أن يستفز هذا الوضع القلق إرادة الأمة عامة، وعلمائها ونخبها الثقافية والأكاديمييين فيها بشكل خاص لإعادة النظر في أنساق القيم التي توجه سلوك أبنائها وتكون ثقافتهم وتحدد علاقتهم بما تحمله تيارات العولمة من ثقافات تتسم بطابع الكونية، كما تحدد مكانها واتجاهاتها في تلك الكونية الجديدة.
ولم يكن من المقبول ولا من المعقول أن ننكفئ على الذات مكتفين بالماضى التليد، ذاكرين بأنه قد كان لنا مكان الصدارة في يوم ما، وكنا نحن العالم الأول.
غير أن الأماني وأحلام النهار لن تعفي أمتنا من دفع ضريبة الغياب عن الحاضر،وهي فاتورة تكاليفها باهظة وطعمها علقم ،لأنها تدفع من حرية المسلم وكرامته، وتجعل إرادته رهينة حفنة من قمح يقتات بها ،أو قطعة من سلاح يدافع بها عن نفسه وعرضه ووطنه، ومن ثم كانت الدعوة إلى تجديد الفكر الإسلامى لاتعنى نزهة في عالم الثقافة والمعرفة، تسرح فيها العقول بعيدا في عالم الوهم المريح ، فترفه عن ذاتها، وتضيف إلى حالة الترهل مزيدا من الكسل الذى يساهم في استقباء التخلف، وإنما هى دعوة لاستفراغ الوسع والطاقة لخلق صيغ فكرية وفقهية جديدة تعمل على تعديل الصور المعكوسة في نفوس جماهير أمتنا عموما، وشبابنا بشكل مخصوص، وتعلمهم كيفية الموازنة بين النسب والأحجام والأوزان والكتل، فلا يصح ولا يجوز تكبير الصغير ولا تصغير الكبير، ولايمكن أن يكون مقبولا أن تصنع المعارك حول توافه الأمور بينما أمهات القضايا تهمل بلا بحث أو اهتمام علمي رصين ،
دعوة تجديد الفكر الإسلامى تعنى أولا أن يعطى للجزء مكانه من الكل، وأن نقيم الوزن بالقسط لتعتدل معايير الأمور وتعود سيرة الحياة إلى موازين الاستقامة والاعتدال .
وإذا كان الخطأ في السلوك يمثل خطأ في الوزن، وهو بلا ريب خلل في العدالة، فإن الخطأ في التصور يشكل خطأ مستمرا في الميزان، وتلك كارثة ثقافية تجلب للناس أغلاطا شتى لا يحصيها العد، ولا تمثل خللا في المعايير فقط ، وإنما تمثل حالة من غياب المعايير أصلا،
ومن ثم فالدعوة إلى تجديد الفكر الإسلامي تعنى أن نعدل ميزان التصور للعقائد وللحقائق وللقيم المنبثقة عنهما ، وألا نترك الخلل في الميزان ،وإلا تحللت الوحدة الفكرية والعقدية التي تشكل الضمانات لبقاء الأمة داخل الدائرة الإسلامية، وبقاء أفرادها على خط الإسلام الصحيح المستقيم،
وهى دعوة من مجموع نتائجها وآثارها يتحدد المنهج والإطار التربوي الذي يصاغ من خلاله عقلية الأجيال ويصنع عبر وسائله وآلياته الرأي العام.
لذلك يتحتم على المثقفين والعلماء الجامعيين والمجمعيين ان يهبوا لتلبية تلك الدعوة وأن يبدأو في عملية إعادة بناء لهيكلية منظومة القيم الإيمانية والعلمية والأخلاقية ،وهى القيم التى نهضت بالأمة في عصورها السالفة وجعلت من المسلمين العالم الأول ، هذه الهيكلية التى تأسست في الأصل على الوحيين قرآنا وسنة، أحلت كل قيمة من القيم محلها المناسب، وأعطتها حجمها في البناء العقدى والبناء التشريعي والبناء الأخلاقى دون مغالاة أو تفريط ، ولنا في حديث فقهائنا عن المقاصد والغايات ، وعن الضرورات والمصالح والتحسينات، منارة ودليل، فلم يطغ في أذهانهم رضى الله عنهم قيمة على قيمة ، كما لم تتجاوز كل قيمة قدرها وحجمها ومكانها ومكانتها في المنظومة التشريعية العظيمة ، وكان عمدتهم وأساسهم الذي اعتمدوه هو القرآن والسنة ،
ثم جاءت فترة التراجع الحضارى والانحطاط الفكرى فأصابت الأمة بحالات من التميع وفقدان الهوية، والتمزق وضياع الوحدة الشعورية، الأمر الذى عرضها للتآكل الذاتي من داخلها وفتح باب الاختراق والسيطرة من الخارج .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.