هذا الرجل العظيم الأستاذ الدكتور (حسان حتحوت) كان متفرداً في حياته: سواء أكان ذلك على مستوى الأسرة أو على مستوى المهنة سواء بسواء، من هنا تكون الكتابة عنه مجهدة، [فهو أستاذ الولادة و أمراض النساء بجامعات مصر و الكويت، هو الطبيب الإنسان و العالم المدقق و المعلم المخلص، و الشخصية الموسوعية التي تذكرنا بالأسلاف، و أحد رواد الأخلاقيات الطبية الإسلامية، و المفكر الإسلامي الذي هاله تشويه صورة الإسلام في الغرب، فشد الرحال إلى أمريكا بعد ممارسته لمهنة الطب أكثر من أربعين عاما، ليقوم بشرح الإسلام للمسلمين و غير المسلمين، بما أوتي من فهم صحيح و موهبة في التعبير باللغة الإنجليزية لا تقل عن فصاحته باللغة العربية التي تفوّق فيها، ناثراً و شاعراً، و هناك يتلقى الناس شرحه بارتياح، حتى أنهم يقولون "لم نكن نعلم أن الإسلام هكذا"]. [ الكلام منقول من الناشر لكتابه – بهذا ألقى الله – مؤسسة فهد المرزوق الصحفية ]. من هنا سأحاول تلمس بعض الجوانب عنده و قد عشتها بنفسي، فعلى صعيد أسرتي:- كان أول من أبلغني بقدوم إبني الأكبر (أنس) حيث أشرف على ولادته في مستشفى الولادة قبل أربعين عاماً.. و كان دائم السؤال عنه عندما ألقاه في لغة حميمية ندية لم أجدها فيمن أعرف من قبل و من بعد. كان أول من طبع في ذهني أن لكل مهنة ميثاقاً يمكن صياغته ليكون دليلاً لأصحاب المهنة يقتفون أثره و يمشون وفق بنوده و هو مكمل لرسالة المسلم في الحياة و سماه (ميثاق أخلاقيات المهنة). كان أول من شجعني على اقتحام أماكن غير مأهولة لارتيادها – عند البعض – فقد رشحني باعتباره المسئول الثقافي للجمعية الطبية – وأنا لست طبيباً – أن أقدم دروساً تربوية في صيف 1971م لعوائل الأطباء و عندما ذهبت فوجئت أن المكان المخصص على حوض السباحة حيث تراصت مجموعة من الكراسي و الأمهات و من في حكمهن ينتظرن فاتصلت به و فوجئت يبلغني [أن أواصل الدرس لعل الله يهدي بك].. و قد كان. و عندما جاءت أحداث الاختلاط و ارتجت الكويت كلها (نوفمبر 1971م) و كانت أول محك للتيار الديني عامة و كنت (المتهم الوحيد!!) كان هو الذي يملك سكينة راسخة بأن الأمر سوف تحفظه لجنة تقصي الحقائق التي شكلها أمير الكويت الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، مع أن جميع إخواني قد أعدوا العدة لرحيلي أنا و أهلي إلى المملكة العربية السعودية، و كانت طمأنينته زاداً لي و لأسرتي و لله الحمد. أما على صعيد حسن الخلق فكان صورة حقيقية و ترجمة تطبيقية لما عناه المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم في قوله الشريف [أقربكم مني مجلساً يوم القيامة: أحاسنكم أخلاقاً]، و ما أذكر مجلساً ضمّنا أو حلقة بحث أو مؤتمر أو ندوة علمية إلا و كان مصداقاً - في تصرفاته – لما عناه قول النبي عليه السلام [كان يحب زيارة أخيه إسماعيل السيد (87) عاماً، و أخيه عصام الشربيني و كمال القزاز و غيرهم من الكرام] حتى الذين ذهبوا إليه في (لوس أنجيلوس – كاليفورنيا) بأمريكا و كان بعضهم من تلامذة بقايا النظام الخاص قادمين من مصر ليعرفوا أنشطته الدعوية التي نذر نفسه الأبية أن يقوم بها و يدرسوا مدى إخضاع هذه الأنشطة لأفكارهم فكان رده كما أبلغنا في إحدى الجلسات [لقد نقلوا أمراضهم إلى بيئتنا الجديدة في أمريكا و نحن في غنى عنهم و هم يحتاجون إلى إعادة تربية في أجواء الحرية]. و سوف أحاول في أعداد قادمة أن أذكر الأمثلة و الشواهد التي علق عليها عبر الأحداث و المواقف التي مر بها لتغطي النماذج العلمية التي كان يقدمها هذا الرائد العظيم، و أختم بما قاله شخصياً في مقدمة كتابه السالف الذكر [أبحث عن ورثة.. و ليست تركتي مالاً أو عقاراً أو صناعة أو تجارة أو غير ذلك من حطام الدنيا!! لكن الذي أهمني بشأن تركتي أنها ليست من التركات التي تبقى بعد صاحبها، لأنها تموت بموتي، و تنقضي بانقضائي، فلا يعود إلى الانتفاع بها سبيل. تركتي أفكار و خبرات و تجارب، نضجت بهدوء على مدى حياة حافلة، أحمد الله سبحانه و تعالى عليها، لم يكن فيها مجال للملل، و لم يكن للعبث فيها مجال! و يمد الناس يدهم ليأخذوا و أمد يدي لأعطي، لكن بشرط أن أورث قبل أن أموت، فهل من وارث؟! محطات صغيرة: [email protected] عنوان البريد الاليكتروني الخاص بالطبيبة في مجال النساء و الولادة (دعاء) خاصة للأخت (سلوان توفيق) مع شكرها الجزيل. أوصاني د. عصام الشربينني رحمه الله تعالى أن أنصح الشباب بمطالعة كتابّي الأستاذ الدكتور حسان حتحوت العقد الفريد 1942-1952، بهذا ألقي الله، و سوف نحاول لاحقاً الكتابة عن هذين المرجعين. شكراً للأخ "محمد نصر" على رسالته الأخيرة و قد وعد الفريق الذي يساعدني في الكتابة بالتعليق عليها في المستقبل.