السجون فى مصر مليئة بالعديد من الأشقياء، منهم الظالم والمظلوم، فمنهم من ارتكب خطأً ودخل السجن، لكى يقضى عقوبة ما ارتكبها، ومنهم من دخل السجن فى قضيه ليس له يد فيها، فكل هؤلاء عند خروجهم من السجن يسلكون طريقهم ويستكملون ما بقى من حياتهم، فالسجن فى النهاية هو تهذيب وإصلاح كما يقال. ويعتبر سجن طره من أشهر السجون فى مصر على الإطلاق، ويضم مجمع سجون طره كلاً من سجن المزرعة وليمان طره، وسجن استقبال طره، ومحكوم طره، وسجن طره شديد الحراسة (المعروف باسم سجن العقرب)، ويوجد مقر سجن طره أمام محطة مترو طره البلد، فى منطقة طره جنوب غرب حلوان، ويقع جزء كبير من السجن على النيل مباشرة ومحاط بمجموعة أبراج خاصة بضباط الشرطة تم إنشاؤها عام 1997 بحيث تكون أعلى البنايات المواجهة للسجن، وأنشأ سجن مزرعة طره مصطفى النحاس باشا، عندما كان وزيراً للداخلية سنة 1928، بهدف تخفيف الزحام الذى شهده سجن أبى زعبل الأقدم، وتضم منطقة طره اليوم عدداً من السجون يبلغ سبعة سجون. ويتكون سجن طره من 7 عنابر مقسمة بطريقة تصنيفية طبقا لنوع القضية والاتهام، ويتسع العنبر الواحد لنحو 350 فردا تقريبا، ويختص رجال مباحث السجن بإدارة عنبر الجنائى فقط، بخلاف باقى العنابر الأخرى. ويطلق على العنبر الخامس بالسجن "عنبر ضباط الشرطة والقضاة"، إذ تفيد بعض التقارير أنه "مخصص لاستقبال الضباط، وهو ما يجعل المعاملة فى هذا العنبر مميزة بعض الشىء، أما العنبر السادس فهو عنبر التأديب، كما يطلق عليه، ويتكون من 7 زنازين انفرادية، مساحتها متران فى مترين، بعضها بلا إضاءة ولا فتحات تهوية. وترتفع أسوار سجن طره لنحو 7 أمتار مزودة بكاميرات مراقبة تعمل على مدار اليوم، بالإضافة إلى عدة أسوار متتالية تفصل بين أقسام السجن المختلفة، وقد ارتفعت أسوار طره من 2.5 متر عند بنائه إلى 7 أمتار، بعد نجاح ثلاثة من تنظيم الجهاد المتهمين فى قضية اغتيال السادات من الهرب من السجن عام 1988. ومن بين نزلاء سجن طره السابقين: الداعية عبد الحميد كشك، والكاتب الصحفى مصطفى أمين وقيادات الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية طارق وعبود الزمر، والقيادى اليسارى كمال خليل والسياسى أيمن نور وتوفيق عبده إسماعيل ورجلا الأعمال هشام طلعت مصطفى وحسام أبو الفتوح والمحافظ السابق ماهر الجندي، وعاطف سلام محتكر السكر، وخالد حامد محمود عضو مجلس الشعب السابق ومحمد الوكيل رئيس قطاع الأخبار السابق بالتليفزيون المصرى، وعصمت أبو المعالي، وعمرو الهوارى، والجاسوس عزام عزام، ومصطفى البليدى، وأحمد الريان، ومحيى الدين الغريب وزير المالية الأسبق، ومحسن شعلان وكيل وزارة الثقافة، ومرتضى منصور، والمهندس خيرت الشاطر أحد قياديى جماعة الإخوان المسلمين، وبعض هؤلاء السجناء سياسيون وبعضهم الآخر جنائي. وقد ازدادت شهرة هذا السجن بعد ثورة يناير 2011، فانقلب الحال، وانضم لقائمة نزلاء سجن مزرعة طره (على ذمة التحقيق)، عدد من كبار رجال نظام الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، من بينهم ابناه علاء وجمال وصفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطنى، ورئيس مجلس الشورى السابق، وزكريا عزمي الرئيس السابق لديوان رئيس الجمهورية، ورجل الأعمال أحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطنى ورئيس الوزراء السابق أحمد نظيف، والوزراء أحمد المغربي وزهير جرانة وأنس الفقي وحبيب العادلي (وزير الداخلية الأسبق) ومحمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق، واللواءات إسماعيل الشاعر وعدلى فايد، وأحمد رمزى وحسن عبد الرحمن، وعمرو عسل، رئيس هيئة التنمية الصناعية، وأسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق، وتتنوع الاتهامات الموجهة إلى هؤلاء المسئولين بين الفساد والرشوة واستغلال النفوذ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام وقتل المتظاهرين سلمياً، وكان آخر النزلاء وأشهرهم الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك. ولأن سجن طره هو أكبر السجون فى مصر وأشهرها على الإطلاق، فإن زيارة المساجين داخل السجن لها قواعد وأصول ينبغى الالتزام بها من جانب أهالى المسجونين الذين يأتون على فترات لزيارة ذويهم المحبوسين على ذمة بعض القضايا، والذين يعانون بشدة من الإجراءات المتبعة داخل هذه الزيارات، وتمثل الزيارة بالنسبة لأهالى المسجونين رحلة معاناة شديدة حتى الخروج من داخل أسوار السجن. وتبدأ قواعد الزيارة داخل سجن طره بالوقوف بنظام طوابير العيش، طابور للرجال وطابور للسيدات، ثم تبدأ عملية تفتيش الطعام الذى يحمله الأهالى لذويهم من المساجين، ثم إجراء عملية التفتيش الذاتى للزوار عن طريق أقسام متخصصة للرجال وأقسام متخصصة للسيدات مع التنبيه على ضرورة عدم اصطحاب الهواتف المحمولة والكاميرات داخل السجون، مع التأكيد على أهمية مرور الزائر على أجهزة معينة، لتأكيد أنه لا يحمل مخالفات أو أشياء ممنوعة داخل السجن إلى داخل السجن، ثم تبدأ عملية تحديد نوعية الزيارات وطريقة الدخول إلى الأقسام المتعددة داخل سجن طره، فهناك قسم لسجن ليمان طره وقسم آخر لسجن مزرعة طره. وفى إطار ذلك، رصدت (المصريون) معاناة أهالى المساجين عند الحضور لزيارة أبنائهم داخل سجن طره. فى البداية، تقول روان حسن، 27 عاما: أنا متزوجة ولدى بنت وزوجى متهم بقضية سرقه بالإكراه وإحراز بندقية غير مرخصة، ولكنه مظلوم وعندما أحضر، لكى أزوره أذوق شتى ألوان الصعاب والمهانة من أمناء الشرطة والعساكر، وفى كل مرة أحضر لزيارة زوجى المظلوم يقول لى إنه يفكر فى الانتحار من المعاملة السيئة التى يتم معاملته بها فى داخل السجن. وتقول همت إبراهيم، 55 سنة: جئت لزيارة ابنى داخل السجن، لأنه تم اتهامه ظلمًا فى إحدى قضايا المخدرات، رغم أنه كان طالبا جامعيا، وبعد القبض عليه ضاع مستقبله، وكنت أتمنى أن يتخرج من الجامعة ويعمل فى وظيفة محترمة تليق به. وتقول زينب حسن، 54 سنة: حضرت إلى هنا لزيارة زوج ابنتى، وهو متهم فى قضية أخذ بالثأر، لأن ابنتى مريضة ولا تستطيع الحضور إلى هنا لزيارة زوجها وأشعر بمعاناة شديدة، عندما أحضر لزيارته ولا يوجد أى مسئول هنا داخل السجن ينظر إلينا بعين الرحمة لكبر السن الذى أعانى منه الآن. وتقول سعاد محمود، 43 سنة: جئت لزيارة ابنى الذى يقضى عقوبة السجن لمدة 10 سنوات فى قضية شيكات بدون رصيد، وقد قضى منهم أربع سنوات، وأعانى بشدة عندما أحضر لزيارته من المعاملة القاسية التى أجدها من أمناء الشرطة والعساكر المشرفين على الزيارات، والتى قد تصل إلى حد توجيه السباب لأهالى المسجونين الذين جاءوا لزيارة ذويهم فترجوا من رئيس الجمهورية أن يتدخل لرفع المعاناة عنهم، خاصة أنه يعلم جيدا ما يحدث داخل السجون عندما تم اعتقاله فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك. ويشير محمد عباس، 56 سنة، إلى أنه جاء لزيارة ابنه المحكوم عليه فى إحدى القضايا، وأن السجون فى عهد الرئيس محمد مرسى لا تختلف كثيرا عن السجون فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، السجن ومهما كانت الحياة داخل السجن فهى حياة بائسة وغير جيدة، ونرجو من الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية أن يتدخل لإنقاذ المساجين من المعاناة داخل سجن طره، لأن المساجين فى النهاية هم بشر، ويعلم المعاناة التى يعانيها المسجون داخل السجن، وأنه أعلن فى بداية حكمه أنه قد جاء لنصرة المظلومين ورفع المعاناة عنهم.