من المعلوم أن القمر الصناعي (نيل سات) هو فرنسي الصنع، فهل تملك مصر هذا القمر الصناعي بالفعل؟، فإذا كان النيل سات ملكًا لمصر فعلًا، فما هو دليل الملكية؟ تقضي البداهة بأن ملكية الأشياء تعطي حق المالك السيطرة الكاملة على الشيء المملوك.. فهل هذا محقق بالنسبة إلى النيل سات؟ وهل حق الملكية لهذا القمر مكفول للحكومة المصرية؟، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا تفرض الحكومة من خلال وزارة الإعلام ما تريده من شروط (حق الملكية) على القنوات التي ترغب في البث على هذا القمر؟ وهل الوزارة راضية عن كل ما يبث على القمر الذي تملكه الدولة المصرية؟ يقال إنه باستثناء القنوات الحكومية فإن القنوات الخاصة الأخرى تتبع ما يسمى "هيئة الاستثمار".. وكأن هيئة الاستثمار هذه تعمل في دولة أخرى غير مصر! أو أن النيل سات ليس ملكًا لمصر ولكنه ملك لهيئة الاستثمار! لن أتحدث عن الانفلات الأخلاقي الذي تبثه بعض القنوات الخاصة، والذي تردى ليتجاوز الحد الأدنى للأدب.. متمثلًا في الألفاظ الخارجة، و"التهبيل" الذي يعتبره البعض "كوميديا" وفيه إساءات بالغة، وسوء خلق شديد، ولا علاقة له بالنقد الكوميدي من قريب أو بعيد. ولن أتحدث عن قنوات تبث إعلانات عن أشياء مختلفة (منها بضائع جنسية) وفي خلفية الإعلان تسمع قرآنًا يقرأ، (وكأنه أغنية من الأغاني)، فلا أدب حين الاستماع إلى كلام الله جل وعلا، ولا توقير لكتابه. ولكنني أذكر حكم المحكمة التي أمرت بوقف بث قناة "التت" التي كانت تقدم "الفنانات الاستعراضيات" وهن يرقصن شبه عاريات.. لما في ذلك من إثارة وإفساد.. ولكن يبدو أن القائمين على البث على هذه القناة رأوا أن ال"دوم تك" هي خير بديل لقناة "التت" التي أمرت المحكمة بوقفها، خاصة وأن ال"دوم تك" تقوم بنفس ما كانت تقوم به قناة التت! وكأنهم يخرجون لسانهم لأمر المحكمة! أين "هيئة الاستثمار" التي يفترض أن تكون صاحبة الحق في التدخل؟ وكيف صرحت بالبث للقناة الجديدة رغم علمها بأمر المحكمة بوقف البث لقناة التت، ولا يوجد أي فرق بينهما؟ فلنفس الأسباب كان من الضروري عدم التصريح لقناة ال"دوم تك" بالبث.. أم أن "الترفيه" في مفهوم "هيئة الاستثمار" يعني الإفساد الأخلاقي؟ وهل تحتاج الهيئة إلى حكم قضائي جديد لوقف البث على الدوم تك؟ وهل إذا حكمت المحكمة بوقف البث فستلتف علينا هيئة الاستثمار بإنشاء قناة بمسمى جديد لبث نفس التخريب الأخلاقي؟ وهل تملك مصر بالفعل القمر الصناعي نيل سات؟ أم أن هيئة الاستثمار هي التي تملكه، إذ إن من حقها بث ما تريد بلا أي سقف من أي نوع سواء كان أخلاقيًا أو ارتقائيًا. حرية الإعلام لا تعني الانحطاط بالغرائز، ولا تخريب الأخلاق، ولا إشاعة الفاحشة.