بدأت دور السينما المغربية في عرض فيلم "ماروك" الذي أثار جدلا واسعا قبل عرضه، في الساحة الثقافية والسياسية المغربية. وتحول الفيلم إلى سلاح للمواجهة بين الإسلاميين، الذين اعتبره مسيئا للقيم الدينية، وللشخصية المغربية، وبين اليساريين الذين وجدوا في موقف خصومهم السياسيين فرصة لاتهامهم ب"الإرهاب"، ومعاداة الفن والإبداع، كما أكدت عدة مقالات في يومية الأحداث المغربية التي تمثل ما يعرف بالتيار الاستئصالي المغربي. وكان فيلم "ماروك" الذي يصور لقطات جنسية بين مغربية مسلمة ومغربي يهودي، قد أثار استياء كبيرا حتى في صفوف بعض المخرجين السينمائيين، وبعض الرموز الفنية المغربية التي اعتبرته إهانة للشخصية المغربية. غير أن بيانات الاستنكار التي تلت عرض الفيلم في إحدى المهرجانات المحلية، لم تمنع المركز السينمائي المغربي من الترخيص لعرض فيلم "ماروك" في القاعات السينمائية العمومية. ودخلت القناة الثانية المغربية على خط المواجهة، عبر القيام بحملة إعلانية مكثفة لصالح الفيلم، وهو ما اعتبره حزب العدالة والتنمية، ذو الميول الإسلامية، انسياقا "وراء حملة مكشوفة تقف وراءها جهات استئصالية، انتهزت هذه الفرصة لمزيد من الاستفزازات للمشاعر الدينية والوطنية لعامة المغاربة، ولإشاعة الجرأة على الاستهزاء بالشعائر والمشاعر الدينية، والعادات والتقاليد التي يحميها قانون الصحافة، وتضمنها المعايير التي تتحكم في مراقبة الأعمال السينمائية والممارسات الإعلامية"، حسب ما ورد في بيان توصلت "قدس برس" بنسخة منه. واستنكر البيان إقدام اللجنة المختصة والمركز السينمائي، على الترخيص لعرض الفيلم رغم ما في مضامينه من مخالفة صريحة لمقتضيات الدستور، الذي ينص على أن المغرب دولة إسلامية، وكذا للمقتضيات القانونية ذات الصلة في استهانة واضحة بشعور المغاربة، حسب تعبيره. وندد حزب العدالة والتنمية بما وصفه "باستغلال قناة عمومية ممولة من أموال الشعب المغربي للدعاية للفيلم، والإشهار له، وانخراطها في الحملة الاستفزازية المذكورة"، محملا " الحكومة المسؤولية في ذلك، ومطالبا بإيقاف عرض هذا الفيلم، وسحب الترخيص منه. وراسلت حركة التوحيد والإصلاح، ذات الميولات الإسلامية كلا من الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، ووزير الاتصال، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، والأمين العام لنقابة المسرحيين المغاربة، على إثر ترخيص المركز السينمائي المغربي لفيلم "ماروك" ليعرض في قاعات السينما. هذا واعتبرت أصوات أخرى، مثل الناقد وأستاذ علم الاجتماع في جامعة محمد الخامس بالرباط محمد الدهان، أن الفيلم "يخدم أهدافا صهيونية ويجعل من الشخصية اليهودية القوة المتميزة القادرة على الوصول إلى أي مكان تريد". وردت يومية الأحداث المغربية على هذه المواقف، عبر وصفها لحزب العدالة والتنمية بحزب "المهربين الدينيين" ناعتة إياهم بأنهم "أعداء الفن". بينما وجهت يومية بيان اليوم التابعة لحزب التقدم والاشتراكية، نقدا عنيفا للفنانين الذين رفضوا عرض "ماروك" في قاعات السينما، معتبرة موقف الممثل والمخرج المغربي محمد حسن الجندي "لم يصدر عن قناعة بل مجرد إرضاء للإخوان الذين يشهرون سيوفهم في وجه حقوق الإنسان"، حسب تعبيرها. ووصفت بيان اليوم إسلاميي العدالة والتنمية ب"الإخوان النكوصيين الملتحين الذين يعادون الفن". واحتفلت بما اعتبرته "انتصارا" لمخرجة الفيلم بعد أن رخصته الرقابة، وبدأ يعرض في القاعات العمومية.