اعتبر الكاتب جمال أسعد، أن الحادث الأخير الذي راح ضحيته مواطن مسلم و ستة مسيحيين وإصابة تسعة آخرين، بعد إطلاق مجهول أعيرة نارية عليهم بمدينة نجع حمادي بمحافظة قنا خلال تجمع المسيحيين بمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد، نتيجة طبيعية لما نحن فيه، حيث أكد وجود مناخ طائفي وشحن وتوتر ديني وخطاب متدني ورفض للأخر، الأمر الذي ساهم فى تكريث المناخ العدوانية، وجاءت بسببها هذه الأحداث. وحمل أسعد الأمن مسئولية هذا الحادث، لأنه تم إرسال تهديدات للكنيسة بهذا الشأن قبل الحادث بفترة وجيزة، ولم يعرها الأمن أي اهتمام، إلى جانب تراخي القيادة الأمنية في وضع خطة أمنية بصرف النظر عن هذه التهديدات، خاصة وأنه يوم عيد يتجمع فيه المسيحيون، لافتا إلى أن هذه المنطقة شهدت حادثا طائفيا وهو حادث فرشوط، وتساءل ألا يلزم هذا المناخ المتشدد عن وجود تدخلات وتعزيزات أمنية ؟. وأوضح أن هناك مناخا خاصا فى هذه المنطقة وظروف مختلفة، خاصة مع وجود قضية طائفية حدثت منذ فترة وجيزة ولم تهدأ بعد، مشيرا إلى أن أثارها مازالت موجودة، وهذا ينذر بوجود احتقان طائفي، فكان لابد أن يراعى هذا ويواجه، مؤكدا أن هناك قصورا أمنيا بشكل كبير، رغم أن الأمن ليس المنوط به حل هذه المشاكل، فهذه المشاكل والمناخ الطائفي مشكلة الدولة بأسرها، على حد قوله. وطالب أسعد بإعادة صياغة العملية التعليمية التي تبرز التعامل على أرضية طائفية، وضرورة تغير دور المؤسسات الحكومية والتي أصبحت جزءا من المشكلة، بل هي التي تقوم بكل هذا الشحن وتساهم فيه بشكل أو بأخر، كما طالب بتفعيل دور الأحزاب والمجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والإعلامية والمؤسسات الدينية، خاصة وأن لها التأثير الأكبر على المواطن المسلم والمسيحي، ولو تم البدء بها من الممكن أن يكون هناك تأثير أفضل. ودعا إلى تطبيق القانون وإلغاء لعبة التوازنات السياسية التي نراها فى مثل هذه الأحداث، وضرورة عقاب المخطئ بصرف النظر عن أنه مسلم أو مسيحي، مؤكدا أن تطبيق القانون مسألة بديهية، ولا تحتاج إلى خطط مستقبلية. من ناحيته، أدان الدكتور عبد الحليم قنديل المنسق العام والمتحدث الإعلامي الرسمي باسم حركة "كفاية" مقتل ستة مواطنين أقباط ومواطن مسلم، مطالبا باسم الحركة بالتحقيق الفوري وتقديم المدانين في هذا الحادث بمحاكمة عاجلة. واعتبر قنديل، أن ما حدث هو تعبير واضح وصريح لحالة الانفكاك التي تمر بها مصر ودليل على وجود خلل مركب سيؤدى بكثير من المواجهات، معتقدا أن الشعب المصري سيدخل في المرحلة القادمة في مسلسل من الاحتقان الاجتماعي للتعبير عن نفسه طائفيا، لافتا إلى حالة الاحتقان التي تمر بها مصر مع الضغط الأمني الهائل، ووجود تفاوت واضح ومريع للثروات وأغلبية عظمى موحلة في الفقر والبطالة، وهذا يؤدى إلي نوع من مواجهة أتباع الدين الأخر بدلا من مواجهة النظام المسئول عن ما وصل إليه الشعب. وأوضح أن هذا الوضع يهدد بوصول الأمر إلى أزمة طائفية ومرض طائفي، ينذر بالكثير من الأخطار، مشيرا إلى أن أصول هذا الوضع الحالي سياسية بحتة ولكن مظاهره اجتماعية، محذرا من مغبة الإفراط الأمني مع هذه القضية والتي تزيد من الاحتقان الطائفي، كما طالب برفع سيطرة الأمن وإيجاد قانون موحد يطبق على المسجد والكنيسة، مع الأخذ في الاعتبار أن القانون وحده لا يكفل فك الاحتقان الطائفي، لأن المسألة متعلقة بأزمة البلد التي لا ترى شيئا تهتم به سوى أن تقتل مع نفسها. من جانبه، أوضح الدكتور رفيق حبيب، أن هذا الحادث مظهر من مظاهر الانفجار الشديد الذى يؤكد أن الاحتقان الديني وصل إلى مرحلة خطيرة، ولفت إلى أن العنف الديني تداخل مع العنف الاجتماعي وعادات الثأر والانتقام، لافتا إلى كثرة تواتر أحداث العنف الديني دون ضابط ودون سيطرة من جانب أي طرف، وهذا الحادث يؤكد أننا أمام أخطار حقيقة بالمستقبل ومن الممكن أن تحدث انفجارات أخرى. وأضاف أن حالة الاحتقان الديني موجودة بشكل بارز، ولا نستطيع تحديد توقيتها ومكان حدوثها، ولا يمكن معالجة هذا التوتر الديني بوضع الأقباط أثناء احتفالهم بالأعياد تحت الحراسة الأمنية فقط، فهذا ليس حلا، لكن يجب أن يكون هناك حلا اجتماعيا، من خلال النظر إلى مكمن الخطورة الحقيقية ومعالجتها بشكل نهائي. و استبعد حبيب أن يكون التعامل الأمني هو الحل الجازم فى هذه القضايا، موضحا أن الأمن لن يستطيع السيطرة على حالة الغضب التي تنتشر بين جموع الناس، فهذا مستحيل أمنيا، ولكن يجب أن يكون الحل القانوني هو الحل الفوري والسريع لمثل هذه الأحداث من خلال الردع القانوني ، والرجوع إلى حلول مجتمعية، محذرا من المخاطر المتزايدة في حال فشل القيادة السياسية عن حل هذه الظاهرة المجتمعية. وحمل حبيب هذا الحادث إلى فشل الخطاب السياسي من قبل النظام الحاكم في توجيهه للمجتمع، خاصة وأن خطابه لم يعد مؤثرا على المجتمع، كما أبدى أسفه لعجز رجال الدين المسلمين والمسيحيين المحسوبين على النظام والحكومة بالتأثير بين جموع الناس، مشيرا إلى أن الحل فى يد رجال الدين الغير محسوبين على الحكومة المسيحيين والمسلمين، مؤكدا أنهم هم الذين يستطيعون تهدئة الأمور نسبيا، إلى جانب أن هذه الأجواء لن تتغير إلا بتحرير المجتمع وتحرير النشاط الأهلي والنشاط السياسي والثقافي. و أدان الدكتور حمدي حسن المتحدث الإعلامي الرسمي لكتلة الإخوان البرلمانية هذا الحادث بشدة، معبرا عن أسفه لوجود مثل هذه الأحداث بين الأخوة المسلمين والمسيحيين، كما حمل الحكومة المصرية المسئولية كاملة فى هذا الحادث وأثاره وتداعياته، وبرر هذا فى انه لم يتم تطبيق القانون على الجميع دون النظر إلى مواقعهم أو ديانتهم فى أحداث سابقة مشابهة، كما بين انه لو كان القانون أخذ مجراه الطبيعي فى حادث فرشوط ما كان ليحدث هذا. وأضاف حسن، أن معالجة الأمور بطريقة الأحضان التي نراها بعد كل حادث وتنتهي الأمور، لا جدوى لها، بل أنها تصب مزيدا من البنزين على نار الفتنة التي لم يتم حلها بشكل صحيح، إلى جانب أن هذا يوضح مدى استخفاف الحكومة بكل مؤسساتها بعقلية الشعب المصري، مما يعد استمرارا لإهدار كرامة المصريين من جانب النظام وهذا أمر مرفوض . ومن جانبه، ندد جورج إسحاق المنسق العام السابق لحركة "كفاية" بهذا الحادث متسائلا: كيف يقتل الناس على أبواب دور العبادة، كما حمل الدولة مسئولية ما حدث، لعجزها عن معالجة مسائل الاحتقان بالشكل القانوني، والذي يمنع القيام بمثل هذه الجرائم، بالإضافة إلى تقصير الشرطة مع التحذيرات المسبقة بأن هجوما ما سيحدث، ولكن الأمن لم يأخذ الاحترازات الكافية، وعجز الحكومة عن حل المشكلة بشكل جذري، بسبب اعتمادها "على قعدة المصاطب وتبويس اللحى"على حد قوله. كما وجه لومه إلى الفضائيات، وأكد أنها مسئولة عما حدث بسبب هياج الرأي العام وحدوث حالة الكراهية والتحريض بين أطياف الشعب المصري، مناشدا بضرورة تشكيل لجنة على أعلى مستوى من كبار الشخصيات ورموز الأمة للذهاب إلى مكان الحادث، للعمل على حل هذا الاحتقان، تحسبا لتفشي هذه الأزمة فى أماكن أخرى إن لم يتم الحسم فى هذا الحادث. كما أوضح الشيخ يوسف البدرى، إن الدين الاسلامى يدين مثل هذا العمل الإجرامي، وأن الرسول صلى الله علية وسلم أوصى المسلمين خيرا بالأقباط، كما أوصانا بالإحسان إليهم ومودتهم و برهم وعدم الاعتداء عليهم أو ظلمهم، خاصة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " من آذى ذميا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله". وشدد على احترام الأقباط عملا بقول الله ورسوله، لافتا إلى أنه إذا كان المسلمون هم من بدأوا بالتعدي عليهم وسفكوا دمائهم، فقد فتحوا بابا من أبواب الفتنة التي لا يعلم مداها إلا الله، ويجب وقتها على المسلمين أن يدفعوا فدية هؤلاء. وأوصي الشيخ البدري بأن يكون للعلماء المسلمين ورجال الدين المسيحي الدور الأكبر والفعال فى هذه الحادثة من خلال مساعدتهم على تهدئة حالة الغضب والاحتقان وتقديم الدية لأهالي القتلى والمصابين.