صندوق النقد: مصر ستعالج تسهيلات السحب على المكشوف من المركزي    حماس تعلن تسلمها رد إسرائيل الرسمي حول مقترحات صفقة تبادل الأسرى ووقف النار بغزة    حماس تعلن تسلمها رد إسرائيل بشأن محادثات وقف النار في غزة    حسام حسن يحتفل بخطبة ابنته يارا على رجل الأعمال أحمد على راشد (صور)    اسكواش - تكرارا للموسم الماضي.. علي فرج ونوران جوهر يتوجان بلقب الجونة    كولر: مازيمبي لم يشكل أي خطورة علينا.. وسنحتفل اليوم بالتأهل    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    كانت ماشية بالصدفة، حبس 4 أشخاص تسببوا في مقتل ربة منزل أثناء مشاجرة بينهم بأسيوط    أول رد من أحمد السقا على شائعة انفصاله عن زوجته مها الصغير    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    ننشر نتيجة انتخابات نادى القضاة بالمنيا.. «عبد الجابر» رئيسا    حالة خوف وقلق في مدينة رفح الفلسطينية مع تهديد الجيش الإسرائيلي.. تفاصيل    هجوم صاروخي حوثي على ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    دينا فؤاد : تكريم الرئيس السيسي "أجمل لحظات حياتي"    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    بعد التخفيضات.. تعرف على أرخص سيارة تقدمها جيتور في مصر    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    نظر محاكمة 14 متهما في قضية "خلية المرج".. السبت    اليوم.. مرتضى منصور أمام المحكمة بسبب عمرو أديب    الشركة الصينية الأم لمنصة تيك توك: لن نبيع التطبيق    عز يسجل مفاجأة.. سعر الحديد والأسمنت اليوم السبت 27 إبريل في المصانع والأسواق    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    حمزة عبد الكريم أفضل لاعب في بطولة شمال أفريقيا الودية    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    بالصور.. رفع المخلفات والقمامة بعدد من شوارع العمرانية    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    طريقة عمل كريب فاهيتا فراخ زي المحلات.. خطوات بسيطة ومذاق شهي    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشكلة حلايب وشلاتين بين السياسة والتاريخ
نشر في المصريون يوم 11 - 04 - 2013

تحققت وحدة وادي النيل على يد محمد على بفتح السودان بين عامى 1820- 1882،والذي كان يتكون من عدة ممالك وسلطنات أهمها مملكة الفونج الإسلامية
وقد استمرت وحدة وادي النيل حتى الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882،والذي استغل أحداث الثورة المهدية في السودان لإجبار مصر على الانسحاب من السودان، وهو ما تحقق بالفعل بعد سقوط الخرطوم في يد المهدي عام 1885 .
وقد أدى انسحاب مصر من السودان إلى تكالب الدول الأوربية على ملحقات السودان في اريتريا والصومال وبحر الغزال وخط الاستواء وأوغندة ،والتي كانت تخضع جميعها لمصر لذا قررت بريطانيا حرصا على مصالحها استرجاع السودان ،وهو ما تحقق بالفعل من خلال الحملة العسكرية المصرية البريطانية المشتركة على السودان التي استمرت من 1896 – 1898 .
وقد فرضت بريطانيا على مصر عقب استرداد السودان نظاماً لحكم السودان عرف بنظام الحكم الثنائي، والذي وضع أساسه اللورد كرومر، والذي صرح بأنه "من الممكن للسودان ألا يصبح إنجليزيا ولا مصريا بل يكون إنجليزيا مصريا"
وقد ترجمت هذه النظرية من خلال اتفاقية الحكم الثنائي 1899 والتي نصت المادة الأولى منها على "تطلق لفظة السودان في هذا الوفاق على جميع الأراضي الكائنة إلى جنوبي الدرجة الثانية والعشرين من خطوط العرض ..."
لقد جاءت هذه المادة لتكرس الانفصال بين شطري وادي النيل بوضع حدود مصطنعة بين مصر والسودان لأول مرة منذ تحقيق وحدة وادي النيل في عهد محمد على في الوقت الذي تجاهلت فيه الاتفاقية تحديد باقي حدود السودان تنفيذا للسياسة البريطانية القائمة على فصل جنوب وادي النيل عن شماله .
لقد ترتب على وضع هذه الحدود المصطنعة لأول مرة بين مصر والسودان ظهور بعض المشكلات على أرض الواقع حيث قسمت هذه الحدود قبائل البشاريين والعبابدة المنتشرة على خط الحدود الى نصفين لذلك تدخل ناظر "وزير " الداخلية المصري لإصدار عدد من القرارات عام 1899و1902و1907 لتحقيق وحدة القبائل، وما يعنينا هنا دون الإغراق فى التفاصيل التاريخية هو القرار الذي أصدره وزير الداخلية مصطفى باشا فهمي بإلحاق أراضى قبيلة البشاريين شمال خط عرض 22 في منطقة حلايب وشلاتين الخاضعة لمصر للإدارة السودانية .
ومنطقة حلايب عبارة عن مثلث يقع فى الجنوب الشرقى لمصر وتبلغ مساحته أكثر من عشرين ألف كيلو .
وكان هذا القرار هو الأساس لمشكلة حلايب، والتى لم تظهر الى النور إلاعندما تقرر إجراء الانتخابات البرلمانية فى السودان فى27 فبراير1958 حيث تم إدخال حلايب ضمن الدوائر الانتخابية للسودان فى نفس الوقت الذى كان مقررا إجراء الاستفتاء على الوحدة المصرية السورية فى 21 فبراير،وقد أرسلت مصر مذكرة الى السودان فى29 يناير1958 تعترض على إدخال حلايب ضمن الدوائر الانتخابية السودانية، واعتبرت هذه الخطوة خرقا للسيادة المصرية كما أرسلت مذكرتين فى فبراير 1958 تؤكد على إجراء مصر الاستفتاء على الوحدة فى حلايب، وأرسلت مصر الى حلايب لجنة لأخذ رأى المواطنين فى حراسة قوة عسكرية .
ومن هنا ظهرت المشكلة بين السودان ومصر على مثلث حلايب، وقد لجأت حكومة حزب الأمة السودانى، والتي كان يرأسها عبد الله خليل إلى رفع شكوى إلى مجلس الأمن مدفوعا بموقف حزب الأمة المعادى لمصر، وسعيا لاستغلال الموقف لتحقيق مكاسب انتخابية، وإلهاء الشعب السودانى عن المشكلات التى يعانيها ،وقد انعقد مجلس الأمن فى 21 فبراير فى توقيت غير مناسب لمصر نتيجة ،عداء الغرب للسياسة المصرية ،والموقف المعادى للوحدة المصرية السورية ،وأعلنت مصر فى مجلس الأمن تأجيل تسوية الموضوع الى ما بعد الانتخابات السودانية ،وبناء على ذلك أجل المجلس اتخاذ أى قرار فى هذا الشأن وإن ظلت القضية مطروحة على جدول أعمال مجلس الأمن .
وقد كان لهذا الموقف أثره على الانتخابات البرلمانية حيث فاز حزب الأمة بالانتخابات، وبدا كأنه انتصر فى حلايب بعد أن تم تجميد الموقف .
وقد تعرضت مشكلة حلايب منذ ذلك الوقت للمد والجزر، والشد والجذب بين الدولتين وفقا للعلاقات القائمة بين النظامين الحاكمين ففى حالة تحسن العلاقات بين القاهرة والخرطوم تختفى المشكلة، وفى حالة سوء العلاقات يتم استدعاء المشكلة وتصعيدها فضلا عن توظيف هذه القضية من جانب النظام الحاكم للحصول على التأييد الشعبى
ولذلك فإنه فى أعقاب مشكلة 1958 توارارت المشكلة تماما من الساحة بعد الانقلاب العسكرى الذى قاده عبود 1958 فى السودان ثم شهدت العلاقات تحسنا فى عهد جعفر نميرى (1969 – 1985) الذى تصاعد فيه الحديث عن التكامل بين البلدين، وبعد الانقلاب الذى قاده سوار الذهب على النميرى عام 1985، وإجراء الانتخابات تولى زعيم حزب الأمة الصادق المهدى الوزارة عام 1986 حيث ساءت العلاقات فى عهده مع مصرن ثم وقع انقلاب البشير في يونيو1989،والتى رحبت به مصر فى البداية، ولكن سرعان ماتوترت العلاقات بين مصر والسودان بعد أن تكشفت العلاقة بين البشير وحسن الترابى زعيم الجبهة القومية الإسلامية، وماترتب عليها من دعم السودان للإسلاميين بالإضافة الى ازدياد وتيرة العلاقة بين السودان وايران، وفى ظل الأجواء المتوترة بين البلدين طفت على السطح مشكلة حلايب مرة أخرى وبقوة عام 1991 بعد أن منح السودان إحدى الشركات الكندية حق التنقيب عن البترول فى حلايب، وسمح لبعثة يابانية بالتنقيب على الآثار بها ،وهو ما اعترضت عليه مصر واعتبرت الخطوات التى قامت بها السودان اخلالا بالسيادة المصرية على حلايب ، وقامت مصر بطرح مزايدة للتنقيب عن البترول فيها، وأعلنت عن خطة لتعمير حلايب، وهو ماردت عليه السودان بخطة مماثلة ،وحاولت كل دولة أن تدعم وجودها على الأرض .
وقد جرت اتصالات دبلوماسية بين البلدين لإحتواء المشكلة وتم تشكيل لجنة برئاسة وكيلى وزارة الخارجية فى البلدين، وقد عقدت اللجنة اجتماعين لتسوية المشكلة ، الأول فى مارس 1992،والثانى فى اكتوبر 1992،دون أن يتم التوصل الى أى نتائج ، وفى ديسمبر 1992 رفعت السودان الأمر الى مجلس الامن مؤكدة على أن حلايب سودانية متهمة مصر باتخاذ إجراءات لتغيير هوية وضع المنطقة بحيث تصبح فى النهاية تابعة لمصر، وعلى رأس هذه الاجراءات التى ذكرتها السودان توغل القوات المصرية فى حلايب .
وقد ردت مصر بمذكرة لوزير الخارجية المصرية انذاك عمرو موسى أكد فيه على سيادة مصر على حلايب ،وأن القوات المصرية لم تتجاوز خط 22 الذي يشكل الحد الفاصل بين مصر والسودان ويعتبر هذا الخطاب وثيقة هامة تعبر عن وجهة نظر مصر الرسمية من حلايب .
وتستند الدولتان فى موقفهما على حجج وأسانيد مختلفة فالجانب السودانى يستند الى:.
- أن حلايب ظلت تحت الحكم السودانى طوال 56 عاما من 1902 – 1958
- أن مصر لم تثر الأمر فى اتفاقية الحكم الذاتى الخاصة بالسودان بين مصر وبريطانيا عام 1953 وكذلك بعد اعلان استقلال السودان 1956
- بعد مشكلة عام 1958 أجريت الانتخابات وتم انتخاب نائب عن حلايب فى البرلمان السودانى ،وكانت الانتخابات التالية تشمل حلايب، ولم تثر مصر موضوع النزاع، وهو مايعنى أن مصر قبلت الأمر الواقع ،وأن السودان واصل ممارسة حق السيادة ة والادارة مستندا على حق قانونى واضح
- أن الغرض من ضم هذه المنطقة للسودان مازال قائما وهو المحافظة على وحدة قبيلة البشاريين
أما الجانب المصرى فيستند الى :.
- أن الحدود تحددها الاتفاقيات الدولية وقد حددت اتفاقية الحكم الثنائى الحدود بين مصروالسودان بخط عرض 22
- أن قرارى وزير الداخلية بضم بعض المناطق الداخلة ضمن الحدود المصرية شمال خط 22 تحت الادارة السودانية وبعض المناطق الداخلة ضمن الحدود السودانية جنوب خط 22 تحت الإدارة المصرية كان لأسباب إنسانية تتعلق بالقبائل المنتشرة على جانبى خط الحدود دون مساس بهذا الخط ،وقد أوضح وزير الداخلية الغرض من القرارات، وهو تحديد مناطق عربان مصر والسودان لصالح الأشغال الادارية، وهو مايؤكد الطبيعة الادارية المؤقتة لهذه الترتيبات، كما أن الوزير الذى أصدر القرار ومدير اسوان الذى أوكل إليه تنفيذ القرار هما موظفان فى الحكومة المصرية .
- جميع الخرائط المصرية منذ اتفاقية الحكم الثنائي تظهر خط 22 كحدود سياسية بين البلدين
- أن بقاء حلايب تحت الإدارة السودانية لايرتب أى حقوق للسودان،ويمكن تقسيم فترة ال56 عاما التى خضعت فيها حلايب للسودان الى ثلاث فترات :.
- الأولى من 1902 الى 1953 حيث كانت السودان خاضعة للحكم الثنائى وبالتالى كانت خاضعة للسيادة المصرية،وعلى هذا الأساس جاء قرار وزير الداخلية عام 1902 باعتبار مصر والسودان بلد واحد، ولذلك لم يثر قرار الوزير أى مشكلة خاصة وأن مطالب الحركة الوطنية المصرية كانت الاستقلال ووحدة وادى النيل
- الثانية الفترة من 1953حتى يناير 1956،وهى الفترة الانتقالية التى حددتها اتفاقية الحكم الذاتى لتقرير مصير السودان ،وكان الاتجاه الغالب فى السودان هو خيار الوحدة بين البلدين ،وهو ماتجلى فى فوز الحزب الاتحادى المؤيد للوحدة فى الانتخابات لذلك لم يكن ملائما أن تثير مصر هذا الأمر
- الثالثة من يناير 1956 حتى يناير 1958 وهى الفترة التى امتدت من إعلان السودان حتى إثارة المشكلة،وهى سنتان وهى فترة قصيرة لايمكن أن يترتب عليها حقوق للسودان فى حلايب ،كما أنه كانت توجد حساسية فى العلاقة بين البلدين بعد قرارالسودان بالاستقلال ولذلك ربما فضلت مصر عدم إثارة هذا الموضوع فى تلك الفترة، ولايعنى هذا إقرار مصر بحق السودان فى حلايب بدليل اعتراض مصر على ادخال السودان حلايب ضمن الدوائر السودانية
- أن مصر قبلت تأجيل مناقشة المشكلة عام 1958 الى أن تسمح ظروف السودان مع الأخذ فى الاعتبار تعهد السودان بعدم اتخاذ اشتراك سكان المنطقة من السودانيين فى الانتخابات السودانية كبينة وحجة لتاكيد سيادتها على المنطقة
- أن مصر لم تنقطع عن ممارسة سيادتها على حلايب منذ اتفاقية الحكم الثنائى حتى الآن ويتجلى ذلك فى التواجد الأمنى والإدارى وممارسطة أنشطة تعدينية منذ 1915 ،واصدار مصر قرارات التنقيب سواء للشركات المصرية أو السودانية الى غير ذلك من مظاهر السيادة
وقد اشتعل الموقف مرة أخرى مع المحاولة الفاشلة لأغتيال الرئيس السابق مبارك فى أديس أباباعام 1995 وإتهام السودان بالوقوف وراء محاولة الأغتيال وتوتر العلاقات بين البلدين، وقيام مصر بفرض سيطرتها التامة على حلايب
وبعد سنوات من القطيعة وفى ديسمبر عام 1999زار البشير مصر بناء على دعوة من الرئيس السابق حيث اتفق الطرفان على اتخاذ عدة خطوات لتحسين العلاقات بين الدولتين وفيما يخص حلايب اتفق الرئيسان على ضرورة حلها في إطار أخوي والعمل على اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة لتحويل منطقة حلايب إلى منطقة للتكامل بين البلدين
وأكد الرئيس السوداني أن مشكلة حلايب لن تقف حائلاً دون عودة العلاقات مع مصر إلى مجراها
ومع تحسن العلاقات بين مصر والسودان خاصة بعد الانفصال بين البشير والترابى إلا أن الأزمة ظلت تطفو على السطح من حين لأخر فى ظل بعض التصريحات الصادرة من الجانب السودانى فقد صرح الرئيس السوداني عمر البشير لصحيفة الوطن القطرية في 17- 8- 2002م بأن منطقة حلايب وشلاتين هي أرض سودانية، مشدداً على أن بلاده لن تتنازل أبداً عن المطالبة بها، وأوضح أن الخرطوم جددت المطالبة بها قبل أشهر قليلة أمام مجلس الأمن الدولي
وهكذا تظل المشكلة وإثارتها من وقت لأخر مرتبطة بطبيعة العلاقة بين البلدين والأوضاع الداخلية
وقد جاءت زيارة د مرسى للسودان لتثير بلبلة حول قضية حلايب بعد نقل تصريحات غير دقيقة نسبت الى موسى محمد أحمد مساعد الرئيس السودانى عن وعد مرسى للسودان بإعادة حلايب الى السودان ،وهو ما نفته الرئاسة المصرية وأكدت أن المباحثات خلال الزيارة لم تتطرق لهذا الموضوع،وأكدت على موقف مصر الثابت من هذه القضية وهو مانفاه أيضا المسئول السودانى بعد ذلك ،وقد أوضح المسئول السودانى الثلاثاء (9/4) أنه طلب من الرئيس المصري محمد مرسي خلال مقابلته الجمعة الماضي بالخرطوم إعادة الأوضاع في مثلث "حلايب" إلى ما كانت عليه قبل العام 1995 وأن الأخير وعده ب"إزالة الاحتقان في العلاقة بين البلدين"
وقد حاولت بعض القوى المعارضة للرئيس إثارة البلبلة واستغلال هذا اللغط لتوجيه الاتهام للرئيس والإخوان بالتفريط فى السيادة الوطنية
وإذا كان إثارة هذه القضية له جانب ايجابي وهو إعادة التأكيد على سيادة مصر على حلايب ،وهو الموقف الرسمي لمصر منذ إثارة هذه القضية إلا أنه يبغى أن تكون القضايا القومية والأمور المتعلقة بالسيادة الوطنية بعيدة عن المناكفات والمزايدات السياسية وألا تكون عرضة للتجاذبات السياسية خاصة فى ظل حالة التربص التخوين والاحتقان والانقسام التى تسود الحياة السياسية الآن بالاضافة الى ظاهرة التنابذ بين الحقب التاريخية والتيارات السياسية والفكرية
فتوجيه الاتهام للرئيس أو الإخوان بالتنازل عن جزء من تراب الوطن هو اتهام خطير لم يستند على أى دليل فضلا عن أنه لايستطيع أى رئيس أوقوة سياسية مهما كانت أن تقدم عليه وقد يدفع هذا الاتهام البعض الى تردديد اتهامات مماثلة للقوى الأخرى استنادا الى وقائع تحتمل أكثر من تفسير، وقد يراها البعض تفريطا فى حقوق مصر، وقد رأينا أن السودان تستند من ضمن الحجج التى تسوقها أن مصر لم تثر موضوعوع حلايب فى اتفاقية الحكم الذاتى للسودان عام 1953،ولابعد الاسقلال 1956عام كما أنها قبلت بتجميد الوضع بعد إثارة الموضوع فى مجلس الأمن عام 1958 وهو مافسرته السودان بقبول مصر بالأمر الواقع وهو الأمر الذى قد يراه البعض تفريطا سواء من جانب مجلس قيادة الثورة أو من عبد الناصر بعد ذلك ،وقد يوجه الاتهام لعبد الناصر أنه لم يتخذ موقف حازم وقبل بتجميد الوضع حرصا على القومية العريية على حساب المصلحة الوطنية
لا نريد أن ندخل فى مثل هذه المهاترات وتبادل الاتهامات فى قضية عليها إجماع وطني ،ولا أعتقد أن هناك مصري واحد يقبل بالتنازل عن ذرة تراب واحدة من أرض مصر وقضية السيادة المصرية على حلايب قضية منتهية بالوثائق والمستندات ولا مجال للتفاوض حولها
ومع التأكيد على السيادة المصرية على حلايب فإن تجاهل القضية لن يحل المشكلة التي ستطفو على السطح مع أي توتر فى العلاقات بين البلدين أو صدور تصريح من هنا أوهناك لأن السودان يعلن تمسكه بحلايب وقد يلجأ في أي وقت يراه مناسبا له إلى مجلس الأمن، وهو ما يتطلب التفاوض بين البلدين عندما يحين الوقت المناسب لحل هذه المشكلة بشكل نهائي ونزع فتيل هذه الأزمة التي تهدد بإثارة التوتر بين البلدين من حين لأخر بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين فى نطاق سيادة مصر على حلايب
*مدرس التاريخ الحديث والمعاصر كلية التربية – جامعة دمنهور
[email protected]
أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.