زعيم مصري عظيم، ووطني مخلص، ظهر قبل أن تلوث مصر بدعاوى الليبرالية والعلمانية، في وقت كانت فيه البلاد مازالت محتفظة بهويتها العربية الإسلامية، وهو أول من قاد ثورة مصرية في العصر الحديث، ولد أحمد الحسيني عرابي في مثل هذا اليوم سنة 1841، بقرية هربة رزنة التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية. أرسله والده الذي كان عمدة القرية إلى التعليم الديني، فتلقى علومه الأولى بكتاب قريته وحفظ القرآن الكريم صغيرًا، ثم انتقل إلى القاهرة والتحق بالأزهر، وما لبث أن التحق بكلية الضباط، حيث تخرج فيها وانضم للجيش المصري، وظل يتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل لرتبة الأميرالاي، وكانت أعلى رتبة في الجيش وقتها. ومع تزايد النفوذ الأجنبي في أواخر عهد الخديوي إسماعيل، زادت أوضاع الجيش المصري سوءًا وضعفًا، وزادت حدة التذمر داخل صفوف الوطنيين بالجيش المصري، فبرز نجم أحمد عرابي كزعيم للتيار الوطني المضاد للنفوذ التركي في الجيش المصري، والتف حوله معظم الضباط المصريين، فقاد عرابي حركة داخل الجيش سنة 1881 أدت لعزل عثمان رفقي وزير الحربية الشركسي، وتعيين محمود سامي البارودي مكانه، وارتفعت مكانة أحمد عرابي في صفوف الجيش والشعب، ولقبوه بزعيم الفلاحين. زادت مكانة أحمد عرابي أكثر فأكثر بعد مظاهرة قصر عابدين الشهيرة، ووقوفه في وجه الخديوي توفيق معلنًا مقولته الشهيرة التي سجلها التاريخ في أنصع صفحاته "لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا، فوالله الذي لا إله إلا هو لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم"، وكان من نتائج تلك الوقفة أن أطاحت بوزارة رياض باشا وأعاد تشكيل مجلس النواب، ولكن إصرار عرابي وأتباعه على الضغط على حكومة شريف باشا أفشلت كل الجهود الرامية لإصلاح أحوال البلاد، ثم أجبر عرابي ورجاله شريف باشا على الاستقالة، وتم تعيين البارودي رئيسًا للوزراء، وتولى عرابي وزارة الحربية. تصدى عرابي للجيش الإنجليزي، وتمكن من هزيمته في معركة كفر الدوار، لكن لعبت الخيانة دورًا فعالًا في معركة التل الكبير عام 1882، فانهزم من الإنجليز الذين دخلوا مصر محتلين لها، وبعدها تم احتجازه في ثكنات العباسية مع نائبه طلبة باشا، حتى انعقدت محاكمته في 3 ديسمبر 1882، والتي قضت بإعدامه ومصادرة ممتلكاته، ثم تم تخفيف الحكم بعد ذلك إلى النفي مدى الحياة إلى سرنديب (سيريلانكا حاليًا)، إلى أن أصدر الخديوي عباس حلمي قرارًا بالعفو عنه، وإعادته إلى مصر، فعاد للقاهرة في أول أكتوبر 1902، وواجهته ظروف صحية صعبة في سنوات عمره الأخيرة، حتى توفي في القاهرة في 21 سبتمبر 1911.