شنت جبهة علماء الأزهر هجوما عنيفا على الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية، بعد أن جدد فتواه الخاصة بفوائد البنوك في إحدى الصحف الأسبوعية بأنها حلال 100%، مشيرة إلى أن فتواه فيها جرأة غير حميدة على الله، كما أن موقف المفتي ليس بالجديد. وذكرت الجبهة الفتوى التي أصدرها جمعة عام 2007 خلال حديث صحفي، وأجاز فيها بأخذ الفائدة من البنوك، بدعوى تغير الواقع النقدي، وقوله بأن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر قد حسم الجدل حول هذه المسألة وأصدر فتوى تجيز تحديد قيمة الأرباح مقدما على الأموال المستثمرة في البنوك، مستدلاً على هذا بما حدث في اقتصاديات المصارف وتقويم العملة وتغيير قيمة الجنيه منذ عام 1973 . وأوضحت الجبهة، أن المفتي فاته أن قيمة الدولار أيضا تغيرت، فالمسألة البنكية كما يقول قد تغيرت كثيرا بعد هذا التاريخ، فضلا عن تغير البيئات، لافتة بأنه استدل بهذه الظروف على أنه يجوز تحديد قيمة الأرباح، أو ما يسمونه بلغة البنوك "الفوائد" مقدما على الأموال المستثمرة في البنوك. واتهمت الجبهة المفتي بالتناقض، حيث أنه قدم للحديث على أنه فتوى مدعمة بما نسبه إلى مجمع البحوث الإسلامية وهو غير صحيح، ثم رجع فقال إنه يرى "أي هو الذي يرى وليس الشرع" بجواز الفوائد البنكية، إلا أن الرأي لا يعدو أن يكون رؤية ذهنية خاصة لا ترقى أبدا أن تكون فتوى لأن الفتوى بيان حكم الشارع للمستفتي لا بيان حكم المفتي ورأيه، حسبما قالت الجبهة. وأكدت الجبهة أن رغم هذا التناقض الواضح لكل ذي بصر أو بصيرة، فإنها كانت تود أن تكون فتوى الدكتور علي جمعة عن شبهة أو خطأ في الاستدلال منزَّه عن غرض أو هوى، إلا أنه قد ثبت تناقض المفتي. واستشهدت الجبهة بقول المفتي وقت أن كان أستاذا مساعدا بكلية الدراسات الإسلامية والعربية لجريدة النور المصرية الصادرة يوم20 سبتمبر 1989 وكان ذلك إبان الحملة التي شُنَّت على المفتي وقتها الدكتور محمد سيد طنطاوي حين ذهب إلى القول الذي يقول به الدكتور علي جمعة اليوم بإباحة فوائد البنوك، "إن حكم الدين في الربا واضح وجليٌ وقد أجمع مجمع البحوث الإسلامية وعلماء الشريعة ورابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة على حرمة الربا... وأنَّ جميع المعاملات البنكية الآن حرامٌ، فمن أفتى بالحل أرى أنه لم يدرس الواقع الدراسة الكافية العلمية التي تظهر حقيقة الأمر على ما هو عليه"، مشيرة إلى أن هذا كان كلامه من قبل و هو ما كان عليه الأزهر و شيخه فضيلة الإمام جاد الحق علي جاد الحق وخالفهم فيه المفتي وقتها. ونبهت الجبهة إلى أن الواقع النقدي الذي تذرع به المفتي لتحليل الحرام، هو نفسه الواقع النقدي الذي كان عليه قوله السابق في تحريم جميع المعاملات البنكية، حيث إن الواقع النقدي الذي تغير على زعمه كان عام 1973، وفتواه بالتحريم كانت عام 1989 ، وفتواه بالتحليل كان عام 2007، وعلى ذلك، فإن الواقع النقدي الذي عليه صدر القول منه بالتحريم هو نفس الواقع النقدي الذي عليه صدر بحلاله. وتعجبت الجبهة من كلام الدكتور علي جمعة، خاصة وقد سار الشيخ جمال قطب الأمين السابق للجنة الفتوى بالأزهر، على دربه وأفتى في عام 2007 بأن عوائد الأموال المستثمرة في البنوك سواء كانت في شكل حسابات إيداعٍ أو شهادات استثمارٍ أو غيرها من الأوعية الاستثمارية الأخرى لدى البنوك حلال شرعاً، ولا شبهة فيها، مشيرة إلى انه بالأمس القريب الذي يحسبونه بعيدا وبصحيفة النور يوم 20 سبتمبر 1989 وكان جمال قطب يومها مفتشا للوعظ بالأزهر، قال إن حرمة شهادات الاستثمار لا تتوقف على كونها مقترنة بجريمة الربا فقط، بل إن الحرمة تأتي من طبيعة الوعاء المصرفي، حيث يصبح المدخر شريكا وممولا لكل عمل يقوم به البنك، وإن تنافى مع أحكام الشرع الحكيم. وقالت الجبهة أنها لا تملك أمام هذا السقوط إلا أن تقول "اللهم إنا نعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخر".