كشف الدكتور محمد حسنين جمعة وكيل أول وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن مفاجآت من العيار الثقيل تتعلق باستخدام مياه الصرف الصحي والصناعي والزراعي في ري المحاصيل الزراعية، حيث أرجع ذلك إلى وجود مساحات بعدد من المحافظات، منها على سبيل المثال لا الحصر كفر الشيخ والشرقية لا تتاح فيها مصادر للمياه في نهاية الترع لري الأراضي الزراعية سوى هذه النوعية من المياه الأمر الذي يدفع المزارعين إلى استخدامها!. وعزا هذه الظاهرة الخطيرة في تقرير برلماني يناقشه مجلس الشعب خلال جلساته القادمة إلى عدم تفعيل التشريعات المنظمة لحماية نهر النيل والمجارى المائية من التلوث والقانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن حماية البيئة من التلوث، والذي يحدد الشروط والمواصفات القياسية لمياه الصرف الصحي المعالج، وضرورة مطابقتها المواصفات الدولية، علاوة على افتقاد مصر لخطة استراتيجية لاستغلال مياه الصرف الصحي في زراعة الأشجار والغابات الخشبية بالظهير الصحراوي. جاء ذلك فيما اعترف وكيل وزارة الري بعدم وجود أي عقوبات منصوص عليها في القوانين والتشريعات المصرية بحق المزارعين الذين يستخدمون مياه الصرف الصحي في ري المحاصيل الزراعية، وقال إن المشكلة تكمن في ضرورة وسرعة توفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه المشروعات التي تقوم بها وزارات الري والإسكان والبيئة. وأضاف: لقد خصصت الحكومة مبلغ 25 مليار جنيه خلال السنوات الخمس القادمة لمشروعات الصرف الصحي، كما اعترف بوجود عيوب فنية بترعة مركز الصف بمحافظة حلوان تسببت في حدوث رشح للمياه على جانبي الترعة، وقال إن إنشاء ترعة جديدة موازية لترعة الصف لاستقبال المياه دون الرشح على الأراضي الزراعية المجاورة ستكون جاهزة خلال الستة أشهر القادمة. بينما اعترف ممثل وزارة الإسكان بأن الوزارة تتلقى نحو 6.5 مليار متر مكعب سنويا من مياه الصرف الصحي يتم معالجة 3.65 مليار متر مكعب منها، وأنه تم تغطية نحو 60% من الصرف الصحي وزيادة الميزانية المخصصة لمياه الشرب والصرف الصحي بنحو 9 مليارات جنيه عن المقرر في الميزانية العامة. وكشف أن المحاصيل الزراعية التي يتم تصديرها للخارج لا يتم ريها بمياه الصرف الصحي، في حين يسمح برى الخضروات التي تباع بالأسواق المحلية بمياه الصرف الصحي المعالجة ثنائيا أو ثلاثيا، وقال إن الكود المصري الصادر عام 2005 بحاجة إلى مراجعة مع تفعيلة وتطبيقه بطريقة جيدة جاءت تلك الاعترافات الحكومية ضمن تقرير للجنة الصحة ومكتبي لجنتي الزراعة والإسكان بمجلس الشعب برئاسة الدكتور حمدي السيد عند مناقشتها ل 12 طلب إحاطة مقدمة من النواب الدكتور شيرين أحمد فؤاد واللواء سعد الجمال من الحزب "الوطني" ومصطفى الجندي ومصطفى بكري وطلعت السادات من "المستقلين" وعبد الله عليوه وعلى لبن والدكتور محمد فريد إسماعيل وإبراهيم أبو عوف وعزب مصطفى ومحمود حلمي من "الإخوان المسلمين" وصلاح الصايغ من "الوفد" حول تدمير حياة المواطنين وتقاعس الحكومة من حمايته من أمراض الفشل الكلوي والكبد والسرطان والإجهاض بين السيدات بسبب ري المحاصيل بمياه الصرف الصحي. وفى تقرير أعدته لجنة الزراعة والري بمجلس الشعب برئاسة عبد الرحيم الغول حول نفس القضية، اعترف محمود عبد الله نحلة مدير عام حماية البيئة بوزارة الصحة بأن الفواكه والخضروات المزروعة باستخدام مياه الصرف الملوثة تشكل خطورة على الصحة العامة وتصيب الإنسان بأمراض عديدة، منها الفشل الكلوي والتقلصات المعوية وسوء الهضم، ونسبة قليلة من الأمراض السرطانية. جاء ذلك في الوقت الذي أعرب فيه تقرير اللجنة المشتركة من الصحة والزراعة والإسكان والذي سوف يناقشه المجلس خلال جلساته القادمة برئاسة الدكتور احمد فتحي سرور عن استيائه الشديد لانتشار هذه الظاهرة التي تعرض صحة المواطن للخطر، وتكبد الدولة خسائر مادية وبشرية كبيرة تتمثل في علاج المواطنين المعرضين للأمراض الوبائية الخطيرة جراء المعادن الثقيلة والأمونيا وبقايا الأملاح والمبيدات الحشرية والبكتريا التي تترسب في جسم الإنسان. وحذر التقرير من أن استخدام المياه الملوثة من الصرف الصحي والصناعي والزراعي يسبب أمراض أخرى غير المتعارف عليها، منها ظهور العيوب الخلقية للأجنة والإجهاض المتكرر للحوامل فضلا عن أثار مدمرة أيضا على الحيوانات والزراعة والبيئة والتربة، كما يؤكد التقرير الذي راجعه الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء. وقال التقرير إن هذه الظاهرة مستمرة منذ 25 عاما إلا أنها استفحلت بشدة في عدد من المحافظات ومنها بورسعيد والشرقية والقليوبية وكفر الشيخ وحلوان والدقهلية والجيزة وسيناء وعدد من محافظات الصعيد والغربية. وحمل التقرير الحكومة المسئولية الكاملة عن تقاعسها عن مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي امتدت إلى البحيرات الشمالية وتدمير الثروة السمكية وتلوثها وفسادها، مستندا في اتهاماته الموجهة إلى الحكومة إلى تقرير صادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات والذي يصف مشروع ترعة الصف بأنه مثال حي وبارز على إهدار المال العام، والإضرار بصحة المواطنين بعد ارتكاب الحكومة أخطاء جسيمة في تلك المشروعات الذي أسندته لإحدى شركات القطاع العام الذي صممته وبه عيوب خطيرة حيث لا تسمح بمرور مياه الصرف الصحي بترعة الصف والقادم من جنوب حلوان، وكشف أن العيوب الخطيرة الموجود بتلك الترعة التي تم تشغيلها تعلم بها الوزارات المعنية. وفجر التقرير مفاجأة أخرى بأن جميع المدن الصناعية تم إنشاؤها بدون شبكات للصرف الصناعي فيما عدا مدينة السادات وأن أكثر المدن الصناعية معاناة هي مدينة العاشر من رمضان ومحافظة أكتوبر حيث يوجد 350 مصرفا بمدينة العاشر وحدها تلقى بمياه غير معالجة على شبكات وخطوط الصرف الصحي. وتساءل التقرير: أين قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والذي يقرر فرض عقوبة على المصانع المخالفة في هذا الشأن، كما تساءل: أين توجيهات الرئيس مبارك بعد استخدام مياه الصرف الصحي في المزروعات التي يتناولها الإنسان وأن يقتصر استخدامها في ري الغابات الخشبية غير المثمرة. وتابع متسائلا: أين وزارات الزراعة والبيئة والإسكان والري والصحة والصناعة والداخلية من تفعيل قانون حماية البيئة وتفعيل دور المجالس الأعلى لحماية نهر النيل وتنفيذ قرار وزير الزراعة رقم 306 لسنة 2002 الخاص بحظر ري الأراضي الزراعية بمياه الصرف الصحي وقرار وزير الزراعة رقم 1083 لسنة 2009 الذي يقضي بإزالة الزراعات المخالفة بالطري الإداري وبالقوة الجبرية بأراضي جمعيات " الصف جنوب- غمازة الكبرى – وغمازة الصغرى- جنوب أطفيح" وغيرها، حيث أن تكاليف الإزالة على نفقة المخالف وعلى جميع الجهات المختصة تنفيذ هذا القرار ويعمل من تاريخ صدوره 8/8/2009. وطالب التقرير بسرعة وضع نظام رقابي صارم على كافة المنشآت الصناعية التي تسبب في إحداث التلوث وعرض النتائج على المجالس الأعلى لحماية نهر النيل بصفة دورية، وإعداد تشريع خاص يفرض عقوبات رادعة على استخدام مياه الصرف الصحي والصناعي والزراعي. كما طالب بسرعة إنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء، نظرا لكونها ضرورة حتمية لمراقبة جودة الخضروات والفاكهة وكافة المحاصيل، مع قيام الوزارات المعنية بإعداد تقرير سنوي عن الأراضي والمزروعات التي تروى بهذه النوعية من المياه والإجراءات التي اتخذتها حيالها، ومنع تداول منتجاتها بالأسواق ووضع حظر على منتجاتها لمدة زمنية تقدرها تلك الجهات.