لا تزال أصداء الاثنين الدامي الذي أُصِيبتْ فيه البورصة المصرية بالانهيار يعيد إلى الأذهان الانهيارات الثلاثة التي أصابت البورصة المصرية بفعل عوامل متباينة. إلا أنَّ انهيار البورصة الاثنين الماضي كان نتيجة للأزمة التي أصابت شركة دبي العالمية من انهيارٍ، وانعكس سريعًا على البورصة المصرية، ولا تزال تداعياته قائمة. الأسهم المصرية هبطت على نحو حادٍّ مسجلةً ثالث أكبر تراجع يومي في تاريخها باتِّجاه أدنى مستوى في 4 أشهر متأثرة بموجة بيع قوية خاصة من قبل العرب والأجانب على خلفية هبوط أسواق المال عامة نتيجة أزمة دبي، وخبير يؤكد أن الهبوط نفسيٌّ وليس حقيقيًّا. وفي هذا السياق، فقد خسر مؤشر السوق الرئيسي "أجي اكس 30" - الذي يقيس أداء أنشط 30 سهمًا بالسوق- 7.9 % مسجلًا 5868.47 نقطة بعد بلوغه 5943.10 نقطة لدى الفتح. وتراجع مؤشر "اجى اكس 70" الأوسع نطاقًا- الذي يقيس الأسهم المتوسطة والصغيرة - 6.01 % إلى 658.74 نقطة مقابل 678.43 نقطة باكر. وهبط مؤشر "اجي أكس 100" الذي يقيس أداء أنشط 100 سهم بالسوق – 6.28 % إلى 1052.36 نقطة مقابل 1080.27 نقطة في بداية الجلسة. وكانت الأسهم الكبرى في مصر الأكثر تضررًا نتيجة لارتباطها التقليدي بحركة أسواق المال العالمية خاصة الأمريكية والأوروبية التي ستتأثر حتمًا بأزمة دبي. وقاد الخسائر أسهم أوراسكوم تليكوم وأوراسكوم للإنشاء والصناعة والبنك التجاري الدولي وللأخير مشاركة قوية في معظم البنوك الأجنبية. ويرى المحللون أنّ أزمة دبي وإن كانت مؤقتة إلا أنها أربكت المتعاملين خاصة العرب والأجانب في البورصة المصرية، وأفرزت موجة بيع عشوائية لتفوق خسائرها أسواق الإمارات نفسها ويمكن القول: إننا كنا ملكيين أكثر من الملك. ويفسر المحللون ذلك بأنّ مصر ليس لها أموال ببنوك الإمارات على عكس اقتصاديات مثل أمريكا وأوروبا خاصة بريطانيا التي ترتبط بتلك العاملة بالإمارة. ولذلك كان تراجع الاثنين ثالث أكبر هبوط يومي في تاريخ البورصة المصرية وكان أكبر هبوط في السابع من أكتوبر2008 عندما فقد المؤشر الرئيسي نحو 16 % على خلفية إعلان إفلاس بنك ليمان الأمريكي وبدء الأزمة المالية العالمية. أما أكبر ثاني هبوط فكان بنحو 9 % بعد أنباء عن فرض ضريبة على المعاملات بالبورصة عقب قرارات مايو بإلغاء إعفاءات ضريبية للمناطق الحرة. وهزّت دبي عالم المال في 25 نوفمبر الماضي عندما طلبت من دائني شركتي دبي العالمية ونخيل الموافقةَ على تأجيل سداد مليارات الدولارات من الديون لمدة 6 أشهر كخطوة أولى لإعادة الهيكلة مما يُكَبِّد البنوك خسائر هائلة ومخاطر اندفاع المودعين لسحب أموال من النظام المصرفي في ثاني أكبر اقتصاد عربي خاصة بعد إعلان حكومة دبي أنها لا تضمن ديون المجموعة. ونتيجة لأزمة دبي، تحرّك البنك المركزي في مصر سريعًا للتأكيد على عدم تأثر الاقتصاد المصري بالأزمة، واجتمع عدد من مسئولي الحكومة المصرية لبحث تداعيات الأزمة على السوق وخلصا بأنها وقتية. وعلى صعيد الاقتصاد الكلي في مصر، يرى مراقبون أنّ الأزمة أدّت إلى تعليق الإمارة استثمارات في مصر إلا أنه بالنظر إلى المدى المتوسط، فإن مصر ستستفيد من الأزمة حيث ستحصد جانبًا كبيرًا من استثمارات ستترك دبي وسط مخاوف تفاقم الأزمة. يأتي ذلك على الرغم من أنّ شركة دبي القابضة جمّدت أكبر مشروعاتها الخارجية، التي كانت تنوي إقامتها بمنطقة الساحل الشمالي بمصر على مساحة 100 مليون متر مربع، بتكلفة استثمارية قيمتها 60 مليار جنيه، في الوقت الذي ألغت فيه شركة "إعمار مصر" توسعاتها، مكتفية بمشروعين هما المقطم في القاهرة و"المراسي" في الساحل الشمالي. وعلى الرغم من الهبوط الكبير للسوق المصري، إلا أنّ الأفراد سجلوا تعاملات متميزة متفردين بالشراء في محاولة لاقتناص فرص هبوط الأسعار إلى مستويات مغرية. أما المؤسسات، فقد تأثّرت بعدة عوامل مجتمعة أولها سعيها التقليدي لتسيل جزءًا من محافظها المالية قرب نهاية العام للوفاء بالكوبونات المستحقة مع بداية العام الجديد، وهو ما يستتبع إعادة هيكلة محافظها، فيما شهدت بعض الصناديق العاملة في مصر تغيرًا في قيادتها خلال الفترة الأخيرة وهو ما تغيرت معه رؤى الاستثمار بها ومالت ناحية البيع. وبالإضافة إلى ما سبق فإن الهبوط الكبير نتيجة أزمة دبي، أدّى إلى تعزيز الاتجاه للبيع لدى المؤسسات وسط مخاوف من استمرار الهبوط. وعلى الرغم من التراجع في أسهم البورصة المصرية، فإن هناك توقعات بتعافي السوق سريعًا من خلال تقلص التراجع، ومنها إلى الصعود مع بداية العام الجديد مع اطمئنان المتعاملين بمحدودية أثر الأزمة على مصر. ويستشهد المحللون على ذلك، بأن السوق المصرية بدأت موجة تصحيحية منذ شهرين قبل نظيراتها العالمية بفعل قيام الإدارة باتخاذ قرارات أربكت المتعاملين منها تعليق التداول على عددٍ من الأسهم وتعديل نظام العمل بآلية البيع والشراء في ذات الجلسة ممّا قلّص السيولة ودفع شركات للتخلي عن العمل بالآلية. وهناك مطالبات لإدارة البورصة المصرية بإعادة النظر في استبعاد تأمين البيع والشراء، وتفعيل الشراء بالهامش ونظام صانع السوق لإنعاش السوق وتوفير قدر من الحماية للمتعاملين بضمان حدود دنيا للأسعار. كما أن هناك مطالبات أخرى للبورصة المصرية بتقليص فترة التسوية إلى "t+0 " أو "t+1 " بدلا من "t+2 " ، بدلاً من فكرة فصل التسوية الورقية عن تلك النقدية، خاصة وأن النقدية السوق ستقود إلى مشكلات المصدر: الإسلام اليوم