هذه هى الحلقة الخامسة فى رحلتنا مع الحروب الصليبية ، نقطعها من خلال قراءتنا لكتاب ماهية الحروب الصليبية للدكتور قاسم عبده قاسم . وفى الحلقات الأربعة الأولى تناولنا : الايديولوجية الصليبية ، والظروف التاريخية والدوافع ، وخطبة البابا والاستجابة الشعبية ، والحملة الصليبية الاولى وإغتصاب القدس . واليوم نتناول بدايات اليقظة العربية الاسلامية ومحاولات الوحدة والمقاومة والتحرير ، وتحرير امارة الرها ، والحملة الصليبية الثانية . * * * المحاولات الأولى : • فى عام 1101 م نجح تحالف الجيوش الاسلامية تحت قيادة قلج ارسلان سلطان السلاجقة الروم ، ورضوان امير حلب ، والغازى امير سيواس ، فى ايقاع الهزيمة بالحملة الصليبية القادمة من لمبارديا . • ومن ناحية أخرى فشل الفاطميون رغم محاولاتهم المتعددة ، فى استرداد املاكهم من الصليبيين . ولكنهم استغلوا قاعدتهم فى عسقلان فى شن هجمات عديدة ضد الصليبيين فى الاعوام 1101 و1102 و 1105 والتى كلفت الصليبيين الكثير من الخسار البشرية والمادية . • كما ان المقاومة الاسلامية فى الشمال لم تتوقف من جانب السلاجقة الذين نجحوا فى اسر عدد من القادة الصليبيين مثل بوهيموند وبلدوين وجوسلين . • كما نجحوا عام 1104 م فى الحاق هزيمة كبيرة بالصليبيين فى معركة حران • ولكن بعد احكام الصليبيين لسيطرتهم على الساحل فيما عدا صور وعسقلان ، شعرت امارة دمشق بالخطر فبدأ اميرها طغتكين محاولات التحالف مع مودود حاكم الموصل ولكن محاولاته باءت بالفشل بسبب المنازعات بين العناصر العربية والعانصر التركية فى بلاد الشام • كما ان السلاطين السلاجقة كانوا اكثر اهتماما بفارس اكثر من بلاد الشام . الراى العام العربى والاسلامى : • فى هذا الوقت بدأ يتشكل راى عام غاضب بين عامة الناس فى العالم العربى الاسلامى ، تجاه العدوان الصليبيى والمذابح التى ارتكبوها ، يقوده الفقهاء والعلماء . وبدأ ت تتردد الدعوة الى الجهاد وتحرير بيت المقدس . • فى رحم هذه الحركة القوية تبللورت اتجاهات المقاومة العربية الاسلامية ضد الصليبيين • فى هذه الاجواء وفى عام 1113 شنت جيوش المسلمين من دمشق والموصل وسنجار وماردين هجوما على الصليبيين ونجحت فى تدمير جيشهم تماما بالقرب من طبرية • ولكنهم لم ينجحوا فى حصد نتائج انتصارهم لاغتيال مودود اتابك الموصل على يد احد الباطنية بالاضافة الى وفاة رضوان امير حلب . • وفى عام 1118 حاول بلدوين ملك بيت المقدس غزو مصر ولكنه مرض مرضا عضالا فعاد الى فلسطين ليلقى حتفه هناك • ولتنتهى بذلك مرحلة التوسع الصليبيى التى قادها هذا الملك . • ولتبدأ مرحلة التوازن بين الجبهة الاسلامية فى الشمال وبين الصليبيين ، وبدأت الانظار تتوجه الى الدولة الفاطمية . بدايات الوحدة والمقاومة والتحرير : • فى 1127 ظهر القائد عماد الدين زنكى ونجح فى فتح الموصل ليواصل حركة الجهاد والمقاومة التى بدأها مودود قبله على محور الموصل/حلب • وسرعان ما صار اقوى حاكم مسلم فى زمانه لانه طوع قدرته وموارده العسكرية فى خدمة الطلب العربى الاسلامى العام وهو الجهاد ضد الصليبيين . • وشيئا فشيئا تمكن من التغلب على النعرات الانعزالية فى كل بلاد الشام والعراق والجزيرة : ففتح حلب عام 1128 وحماة عام 1129 الى ان استولى على حمص 1143 م . • وهو ما أهله لتوجيه ضربته الكبرى للصليبيين ، بتحرير الرها عام 1144م ، بعد حصار دام 28 يوما فقط . • والرها كما نعلم هى اول امارة صليبية تقوم على ارض الشرق العربى الاسلامى. • وقد تسبب سقوطها فى صدمة نفسية عنيفة للصليبيين ، ترددت اصداؤها فى كل مكان . فلقد تم تحريرها بعد اقل من خمسين عاما من استيلاءهم عليها . • وبذلك اصبح وادى الفرات كله منطقة اسلامية ، كما ضمن للمسلمين السيطرة على طرق المواصلات التى تربط بين شمال الشام والعراق والجزيرة . فشل الحملة الصليبية الثانية : • و على اثر ذلك استنجدت وفود من الارمن ومن فرنجة الشرق بالبابا ايجينوس الثالث 1145- 1153 • وبالفعل تشكلت حملة صليبية جديدة وهى ما عرفت باسم الحملة الثانية ، ضمت قوات كل من كونراد الثالث امبراطور المانيا ، ولويس السابع ملك فرنسا اللذين اخذا شارة الصليب نتيجة سقوط الرها فى ايدى قوات عماد الدين زنكى ، ووصلا الى المنطقة نهاية عام 1147 اوائل عام 1148 . وكان مصيرهما هزيمة فادحة على ايدى المسلمين . • وكان عماد الدين زنكى قد اغتيل عام 1146 على يد بعض خدمه ، مما دفع الصليبيين الى محاولة استرداد الرها ، الا ان ولده نور الدين محمود تصدى لهم . • ثم حاولت الجيوش الفرنسية والالمانية شن هجوم على دمشق ولكنها باءت بالفشل . • وكان من نتيجة ذلك ان وقعت دمشق فى يد نور الدين محمود عام 1154 ، بعد ان كان حاكمها السابق أنر يستنجد بالصليبيين فى المرات السابقة . • و تم توحيد الجبهة الشمالية تحت قيادة نور الدين . • وكان من نتيجة تماسك هذه الجبهة وتوالى هجمات المسلمين على الصليبيين . ان اتجهت انظارهم الى الجبهة الجنوبية الضعيفة ، جبهة مصر التى كانت تعانى ضعفا سياسيا مزمنا تحت حكم الخلافة الفاطمية . [email protected]