أخطر ما في الأمر أن نتحول أنا وأنت إلى قطع شطرنج، يتلاعب بها النخبويون، من أجل تنفيذ مغامرة سياسية غير محسوبة، قد تدفع بالبلاد إلى أتون حرب أهلية، وسلسلة من الاغتيالات لا يعلم مصيرها إلا الله. أخطر ما في الأمر أن نستغل أنا وأنت، كجنود على طاولة الشطرنج، من أجل تنفيذ لعبة لحماية ملك، أو الإطاحة به من أجل سواد عيون مرشح آخر يسكب المزيد من الدماء لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة الآن. الأخطر من ذلك أن تتحول مصر، إلى لعبة، يبحث فيها كل طرف عمن ينجح في تحريك جنوده لإرباك الطرف الآخر، وربما الإجهاز عليه، وحرق قصوره الواحد تلو الآخر، وكأنها ملك له، أو عزبته، وليست قصورًا ملكًا للشعب. لعبة الشطرنج الشهيرة، الهدف منها هو قتل ملك الخصم، عن طريق محاصرته بالقطع التي تملكها, وعليك أن تحاول إضعاف دفاع الخصم وتصفية أحجاره شيئًا فشيئًا، وكنت أظنها لعبة، لكن النخبة في مصر -علمانيون وليبراليون وفلول وإسلاميون وأقباط- نقلوا أجواء اللعبة إلى الساحة المصرية، وبدءوا في تصفية الشباب أقصد "الأحجار" شيئا فشيئًا. أتحدى، أن يأتي أحد ببرهان على قتيل من النخبة أو نواب البرلمان أو الإعلاميين البارزين، أو القابعين في المكاتب المكيفة ممن يصدرون البيانات، ويطلقون التصريحات النارية، ويدوِّنون التويتات والتغريدات. لم يمت وزير أو فيل أو حصان على رقعة الشطرنج.. فقط تتساقط الأحجار من الصاوي إلى عماد عفت مرورًا ب"جيكا" والحسيني. الدماء لا تعرف الألوان والأيديولوجيات.. إخوانيًا كان أو أزهريًا أو قبطيًا أو يساريًا.. فقط نموت ونموت، ويحيا الملك. نموت ويحصد آخرون الغنائم، ندفع دماء خيرة شبابنا من أجل نخبة من المسنين، فقدوا الحكمة والعقل وهم على مشارف لقاء رب العالمين.. ندفع بالبيادق إلى أتون المعركة، ليحصل الفضائيون والقياديون هنا وهناك على مقعد تحت القبة أو حقيبة وزارية. "كش ملك" لم تكن مجرد اسم ل"جمعة" أو "مليونية" تم تنظيمها مؤخرًا، بقدر ما هى حقيقة أصبحت ماثلة أمام الأعين، وعلى أرض الواقع، كما أنها لم تعد مجرد خطوة نلعبها على رقعة الشطرنج، بل خطة بالمولوتوف يتم تنفيذها لحرق الاتحادية، ثم القبة، وربما عابدين والتين. تحريك القطع في الشطرنج يتم بعدد محدود من الحركات، حيث يسمح وفق قوانين اللعبة بتحريك الجنود خطوتين في أول حركة لهم، وبذلك تجنب خسارة الجندي في أول حركة له إذا كان هناك جندي مقابل يهدده، لكن اللعبة بنسختها المصرية، تم تمصير قواعدها، وبدلاً من التدرج من هجوم الحصان على البيدق، أو التربص بالقلعة، اختارت المعارضة أن تواجه النظام بآخر مرحلة في الشطرنج، ألا وهى "كش ملك"، وبإمكان الجنود فعل أي شيء، وفى أي اتجاه، المهم أن نحاصر الملك، ولا مانع من الإجهاز عليه، وحرقه، فاللعبة المصرية لا تعرف الرحمة، ولا تعبأ بقواعد النزال الشريف. الملك هو القطعة الأهم وليس الأقوى في الشطرنج على الأقل، لكن مصر هى الأهم والأقوى، وأكبر من أن تكون لعبة شطرنج يتلاعب بها سياسيون خرجوا من مضمار اللعب على رقعة الشطرنج الفعلية. بالله عليكم..لا تلعبوا بنا.. دماؤنا ودماء البيادق أغلى من دماء ملك أو وزير أو فيل.