شككت صحيفة الجارديان البريطانية في تصريحات الحكومة المصرية حول نجاح الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء أحمد نظيف للولايات المتحدة الأسبوع المقبل ، معتبرة أنه من الصعب تصديق أن بوش كان متحمسا بشدة لموقف الحكومة المصرية، خاصة بالنظر إلى حالة الاهتياج التي سببها تعديل الدستور. وقالت الصحيفة في تقرير لها ، حول الأوضاع في مصر ، إنه لأمر جيد بالطبع أن يوافق مبارك بعد 24 عاما في الحكم على أن ينافسه أكثر من مرشح في الانتخابات الرئاسية المقررة في سبتمبر. لكن ليس جيدا تلك القواعد التي، في حقيقة الأمر، تسمح لحزب مبارك بأن يقرر من هو الشخص الذي يمكنه خوض الانتخابات. وعقدت الصحيفة مقارنة بين ما صرح به رئيس الوزراء المصري من ناحية وما قاله المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان عن اللقاء بين بوش ونظيف، وقالت إنه الاختلاف بين تصريحات الاثنين كانت طفيفة، إلا أن الأمر يشبه اللافتات التي يلصقها الناس في سياراتهم والتي تقول "نشكرك لعدم التدخين"، حيث تبدو أكثر أدبا من "التدخين محظور تماما"، إلا أنهما يشيران إلى نفس الغرض. وأكدت الجارديان أن الفارق ليس في هذه التصريحات أو تلك، وإنما الخطوط العريضة التي وضعها بوش للحكم على أداء الحكومة المصرية في المستقبل: وهي انتخابات تعددية حرة، وحملات انتخابية حقيقية لكافة الأطراف، وحضور مراقبين دوليين. ومضت الصحيفة قائلة " مما شهدناه حتى الآن، يبدو أن الأمر سيفشل على جميع الأصعدة " ، معتبرة أن ما تشهده مصر يعد اختبارا لها ولأمريكا، حيث يتعين على الأخيرة إثبات أن حملة دمقرطة الشرق الأوسط ليست أداة لتحقيق مصالحها فقط أو مصالح إسرائيل وإنما لصالح شعوب المنطقة. ورأت الصحيفة أن مصر، مثل لبنان وسوريا، تمثل اختبارا آخر أمام أمريكا، حيث يتعين على الرئيس بوش إظهار أنه جاد عندما يتحدث عن تشجيع الديمقراطية وأنه ملتزم بها بصرف النظر عن الاعتبارات الأخرى. وأشارت إلى أنه إذا لم يستغل ورقة علاقته بمصر، فسوف تتأكد الشكوك في أن الحرية مجرد سلاح آخر تستغله أمريكا لتحقيق مصالح واشنطن الشخصية. وأكدت الصحيفة أنه على صعيد حقوق الإنسان ة، فإن الوضع في مصر يتطلب انتباه دولي جاد معتبرة أن احتمال تحقق الديمقراطية في مصر أكثرة قوة منه في العراق أو لبنان، نظرا لاعتبارات منها : الشعور القوى بالوطنية بين المصريين، والنظام البرلماني غير الخاضع للعرقيات أو القبلية، مثل لبنان والعراق، فضلا عن أن مصر فيها حركات إصلاح ومعارضة متنامية في الداخل، ولا حاجة لاستيرادها من الخارج. وطرحت "الجارديان" سؤالا عما يمكن للولايات المتحدة فعله لدعم التغيير دون نتائج عكسية، مشيرة إلى أن واشنطن لديها أوراق مهمة للضغط على النظام المصري تتمثل في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع القاهرة ، المنتظر أن تبدأ في وقت قريب، وكذلك المساعدات التي تحصل عليها مصر سنويا من أمريكا والبالغة 2 مليار دولار، لكن الصحيفة حذرت في المقابل من أن الدعم المالي المباشر من الإدارة الأمريكية للتيارات المعارضة سوف يندرج تحت باب "النتائج العكسية". وأكدت الجارديان أن كسر ما أسمته "حاجز الخوف"، مثلما حدث في لبنان أوائل السنة الحالية بفضل المظاهرات العارمة والتعبير عن المشاعر التي طال كبتها، لا يمكن أن يتكرر في مصر بسبب الأساليب الوحشية والملتوية في أحيان أخرى التي يتبعها النظام الحاكم في مصر. وأشارت إلى أن حاجز الخوف انكسر جزئيا في لبنان بسبب اغتيال رفيق الحريري الذي مثل القشة التي قسمت ظهر البعير، وبفعل الدعم الفعلي الدولي الذي وفر الحماية والجرأة للمتظاهرين.