إنهم متعصبون لفكرة وعندهم في سبيلها عقيدة المقاومة والمقاتلة والعنف الممنهج والمباشر، وعلى الرغم من ذلك إلا أنهم ينكرون العنف ويشجبون القتل ويعترضون على التخريب ولا يقبلون بترويع الآمنين ويرفضون إتلاف الممتلكات!! أي فكر مشوه هذا؟ بل أي فكر أصلاً واي عقل واي راي وأي وعيٍّ؟ إنهم يظنون أنفسهم في مهمة وطنية ويحملون رسالة سامية لتخرج الناس من وطأة الظلم والقهر الذي لما يبدأ بعد. أين كانوا من قبل أيام النظام الذي ظل قابعاً فوق صدور المصريين مدة 30 سنة الأخيرة على الأقل؟ هم صبية لا يفهمون حقيقة ما يفعلون ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحد؛ بل لقد تعداه إلى مرحلة الجهل المركب حيث إنهم يعتبرون أنفسهم فرسان العدالة وأمراء البسالة وأعداء النذالة وقامعوا الضلالة وماحقوا الضلمة وقاهروا العتمة ومظهروا النعمة ومكملوا الثورة ومنقذوا الأمة. تفكرت في كلمات هذا الشاب وافترضت أنه مقتنع بفكرته وأنه يراها هدفاً نبيلاً ويرى أنه ثائر وغاضب كما يقول ويكرر وأنه لم يعد أمام من سبيل إلا أن يسلك سبيل العنف " الذي ينحصر على حد زعمه ووهمه في إشعال حرائق بسيطة أو تلفيات صغيرة ببعض أجزاء المؤسسات النظامية وليست مؤسسات الدولة " الفتى يتكلم عن سبب هذا الهراء الذي سماه بياناً فقال: إنه قرر الخروج بهذا البيان لما رأى أن هناك مجموعات تستغل اسم حركتهم في أعمال التخريب والعنف والفوضى" فماذا تكون الفوضى إذاً إذا لم يكن تخريب وإتلاف الممتلكات المؤسسية فوضى؟ الفتى يقول: الكيان الحمد لله دخل مصر.!! الحمد لله؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ احنا كل اللي عملناه أننا المقر بتاع الإخوان المسلمين في شبرا ولعنا في البلكونة بسسسسسسسسسسس التوحيد والنور في كذا وكذا بسسسسسسسسسسسسس مش أي حد لابس ماسك ولا لابس أسود في اسود يبقى بلاك بلوك لالالالا د بالك: لما تلاقي بلكونة مؤسسة تابعة لنظام ولعت يبقى بلاك بلوك مش أي حاجة تاني!!!! العيال دي واعية ولا تايهة؟؟ تخيلت أن هذا الشاب لو كان مسلماً فلقد تسببت عوامل عديدة في إتلاف تصوره وإفساد مفاهيمه وانحراف معلوماته وبالتالي اختلال تصرفاته وتعاملاته وسلوكياته. ولو أنه لا يعي حقيقة الكارثة التي هو ومن معه مقدمون عليها بل هم مجرد أدوات وأصابع وقفافيز في أيدي من يحركهم ويدفع بهم ولهم في هذا الطريق فالتساؤل يبقى: من هو هذا الذي يقف خلفهم؟ ثم تساءلت: ماذا لو كان هؤلاء الشباب المغرر بهم والضحوك عليهم والمخترقة أفهامهم وعقولهم والمفيرسة أمخاخهم ومعلوماتهم، ماذا لو كانوا تابعين لتيار إسلامي أياً كان انتماؤه؟ طبعاً هذا التساؤل بات ساذجاً ومستهلكاً. ولا أخفي تساؤلي أيضاً: كيف نجح أعداؤنا في استقطاب هذه النوعية من الشباب المسلمين منهم والسيطرة على عقولها وأفهامها بينما لم يتأثروا بدعوة العلماء والدعاة الربانيين بنفس القدر ولا الدرجة؟ هل لأنهم ليسوا ممن تربوا على طلب العلم على أيدي العلماء؟ أم لأنهم لم يجدوا في أساليب الدعوة المعاصرة ما يتناسب وطبيعة العصر من تقدنيات ووسائل تجذب أنظارهم وتسترعي انتباههم؟ وهذا هو الإعلام الذي لا يفتؤ يعربد في عقول الناس ويبث كل فتنة وضلالة ويعبث في مقدرات الشعوب عن طريق تشويه الوعي الجمعي وتضليل الرأي العام وتخليق أجنة مهجنة من كل دناءة ورجس فكري وطفح كفري لينتشر في الناس ويسعى سعي النار في الهشيم. لست بحاجة إلى عقد المقارنة بين موقف الإعلام الذي حرص على تلميع وتقدير وتقديم هؤلاء والثناء على أفكارهم أو أفكار من يؤزهم ويدفع بهم ولهم وبين الهياج العصبي والغضب العنتري الذي قابلوا به الدعوة إلى إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للتعريف بتعاليم الإسلام عن طريق الدولة ومؤسسة الأزهر الشريف. و الوقت الذي يقرر فيه النائب العام المصري معاقبة كل من يقوم بتلميع هؤلاء المخربين وتقديمهم إعلامياً والثناء على منهجيتهم المرفوضة نرى الصحف والمواقع تتحدى ذلك رغم أنها هي التي طالما تنادت باحترام القضاء والحفاظ على قرارات النيابة وغيرها من أصنام العجوة التي يقبلون على أكلها أو إلقائها في صناديق القمامة وقتما استغنوا عنها. *إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]