رغم سخونة الأحداث التى تشهدها مصر حاليا ، إلا أنها لم تقلل من قدرها أو مكانتها على الساحتين الإقليمية والدولية أو حتى على مستوى العالم الإسلامى ، حيث ستستضيف أول قمة إسلامية بعد ثورة 25 يناير وذلك يومي 6 و7 فبراير المقبل ، لتؤكد للعالم أجمع بأنها قادرة حتى فى وقت الأزمات على القيام بدورها الريادي فى المنطقة. ومن المقرر أن يفتتح الرئيس محمد مرسي أعمال القمة التي تعقد تحت شعار(العالم الإسلامي.. تحديات جديدة وفرص متنامية) بكلمة يتناول فيها قضايا العالم الإسلامي ، كما سيتسلم رئاسة القمة لمدة ثلاث سنوات (2013 2016) من رئيس السنغال (الرئيس الحالي للقمة). وتكتسب هذه القمة أيضا أهمية خاصة ، كونها أول قمة إسلامية تعقد فى مصر منذ انطلاق منظمة المؤتمر الإسلامي خلال قمتها الأولى فى الرباط خلال الفترة من 22 إلى 25 سبتمبر 1969 على خلفية حريق الأقصى فى 21 أغسطس من نفس العام ، حيث طرح وقتها مبادىء الدفاع عن شرف وكرامة المسلمين المتمثلة فى القدس وقبة الصخرة ولإيجاد قاسم مشترك بين جميع فئات المسلمين. وتعتبر مصر إحدى الدول المؤسسة لمنظمة التعاون ، ولم يتوقف دورها عند هذا البعد التاريخي المهم فقد تواصل هذا الدور بجهود مستمرة لتعزيز التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء. وسوف يشارك فى القمة رؤساء وملوك 56 دولة عضوا فى المنظمة فيما عدا سوريا التي جري تعليق عضويتها خلال قمة مكة الاستثنائية في أغسطس الماضي..كما يشارك المراقبون بالمنظمة والأجهزة المتفرعة والمتخصصة والمنتمية لها فضلا عن عدد من المنظمات والوكالات الدولية المتخصصة والشخصيات الدولية المدعوة. كما سيسبق القمة اجتماعات كبار المسئولين لدول المنظمة يومي 2 و3 فبراير لمراجعة الإعداد لاجتماع وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي الذي يعقد يومي 4 و5 فبراير بغرض الإعداد النهائي للقمة والتداول حول كافة الموضوعات المطروحة على جددول أعمال القمة. وسوف تتصدر القضية الفلسطينية والاستيطان الإسرائيلي مناقشات القادة فى القمة الإسلامية ، إضافة إلى تطورات الأزمة السورية والأوضاع فى الصومال والمسائل السياسية ذات التأثير علي دول المنظمة وبؤر الصراعات في العالم الإسلامي ومكافحة ازدراء الدين الإسلامي ومعتنقيه فيما يعرف بالإسلاموفوبيا وأنشطة نشر قيم التسامح والوسطية وسبل التواصل مع المجتمعات غير المسلمة ووضع الجماعات والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء. كما سيتناول قادة الدول الإسلامية بالمناقشة عددا من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بالتنمية وبتعزيز جهود مكافحة الفقر وتحسين الأوضاع المعيشية للمسلمين ومناقشة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية بشكل عام وسبل التعامل معها وحماية مصالح دول المنظمة وتحديد كيفية السير قدما لبلوغ هذه الأهداف وفقا لآليات التعاون والتنسيق القائمة بين الدول الأعضاء. ولقد أسهمت جهود مصر ، التي اختصها الله في كتابه الكريم بصفة الأمان ، منذ أوائل القرن العشرين فى بلورة فكرة إنشاء كيان دولى إسلامى وهو ما انعكس فى مشاركتها بالمؤتمرات التى عقدت فى فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى مثل مؤتمر مكةالمكرمة لعام 1924 ومؤتمر العالم الإسلامى بمكةالمكرمة لعام 1926، كما استضافت فى مايو 1926 المؤتمر الإسلامى العام الذى دعا فى نهاية أعماله إلى وحدة العالم الإسلامى. كما شاركت مصر فى مؤتمر القدس الذى عقد عام 1931 وكان لها فيه مواقف مشهودة ضد الممارسات الاستعمارية فى المنطقة ، وساندت دعوة الشيخ أمين الحسينى بصفته رئيسا لمؤتمر العالم الإسلامى الذى عقد فى نوفمبر 1938 وشارك فيه ممثلون عن المجالس النيابية فى مصر وسوريا والعراق ولبنان والأردن وإيران إضافة إلى عدد من كبار العلماء وزعماء المؤسسات الإسلامية المختلفة، وذلك بتأييد مطالب الفلسطينيين وميثاقهم الوطنى وعلى وجوب دفاع المسلمين عن فلسطين ومساندة ثورتها بالدعم المالى وغيره. وفى عام 1954 تجددت دعوة إحياء فكرة الكيان الدولى الإسلامى أثناء اجتماع استضافته مكةالمكرمة ، حيث بحث فيه وضع ميثاق يشكل نواة هذا الكيان سمى فيما بعد "المؤتمر الإسلامى العام" وتم التوقيع على الميثاق المنشىء له فى مارس 1956، إلا أن هذا الكيان الذى كان مقصورا نشاطه على النواحى الدينية والثقافية لم يكتب له الاستمرار بعد انسحاب دول إسلامية مؤثرة منه، وتحول بعد ذلك إلى مؤسسة إسلامية مصرية تحت مسمى "المجلس الأعلى للشئون الإسلامية". وعقب الجريمة النكراء التى أقدم عليها الاحتلال الإسرائيلى بحرق المسجد الأقصى بتاريخ 21 أغسطس 1969 ، كانت مصر فى طليعة الدول التى استجابت للدعوة لعقد مؤتمر قمة إسلامى فى الرباط بالمملكة المغربية خلال الفترة من 22 25 سبتمبر عام 1969 لمناقشة هذا الموضوع. كما كانت مصر فى طليعة الدول التى أيدت أثناء انعقاد المؤتمر الدعوة لاستمرارية انعقاد المؤتمرات الإسلامية سواء على مستوى القمة أو على مستوى وزراء الخارجية، وإقامة كيان إسلامى دولى دائم تكون له أمانة عامة دائمة وذلك على حساب تيار آخر نادى آنذاك بأن تقتصر أعمال مؤتمر القمة على المهمة التى انعقد من أجلها وهى مناقشة القضية الفلسطينية. وتعد منظمة التعاون الإسلامي ثاني أكبر منظمة دولية على مستوى العالم بعد الأممالمتحدة وتضم 57 دولة عضوا بهدف دمج الجهود والتكلم بصوت واحد لحماية وضمان تقدم مواطنيهم وجميع مسلمي العالم البالغ عددهم ما بين 3ر1 مليار إلى 5ر1 مليار نسمة. ومنظمة التعاون الإسلامي هي منظمة دولية ذات عضوية دائمة في الأممالمتحدة ، كما أن الدول الأعضاء هي دول ذات غالبية مسلمة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغربها وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية، باستثناء جويانا وسورينام. وقد تم تغيير اسم المنظمة وشعارها في 28 يونيو 2011 لتصبح منظمة التعاون الإسلامي بدلا من المؤتمر الإسلامي ، ليعكس هذا التغيير تحولا نوعيا في أداء المنظمة وارتقاء كبيرا بفعاليتها كمنظومة دولية تعمل في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وفى مارس 1970 تبنى المؤتمر الإسلامي الأول لوزراء الخارجية في جدة إنشاء أمانة عامة للمنظمة كي يضمن الاتصال بين الدول الأعضاء وتنسيق العمل..وعين وقتها أمين عام واختيرت جدة مقرا مؤقتا للمنظمة بانتظار تحرير القدس، حيث سيكون المقر الدائم. وقد عقد المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية جلسته الثالثة، في فبراير 1972، وتم وقتها تبنى دستور المنظمة، الذي يفترض به تقوية التضامن والتعاون بين الدول الإسلامية في الحقول الاجتماعية والعلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية. وعقدت المنظمة مؤتمر القمة الإسلامي الأول فى الرباط خلال الفترة 22 إلى 25 سبتمبر عام 1969 ، والثانى فى لاهور بباكستان من 22 إلى 24 فبراير 1974 ، والثالث فى مكةالمكرمة والطائف 25 إلى 29 يناير 1981 ، والرابع 16 إلى 19 يناير 1984 فى الدارالبيضاء بالمغرب ، والخامس فى 26 يناير 1987 بالكويت ، والسادس فى 9 إلى 11 ديسمبر 1991 فى داكار بالسنغال ، والسابع فى 13 إلى 15 ديسمبر مؤتمرات القمة الإسلامية ، والثامن فى 9 إلى 11 ديسمبر 1997 بطهران ، والتاسع 12 و13 نوفمبر 2000 بالدوحة ، والعاشر 16 و17 أكتوبر 2003 بمدينة بوتراجايا بماليزيا ، والحادي عشر 13 و14 مارس 2008 بالعاصمة السنغالية داكار. كما عقدت المؤتمر الطارىء الأول فى 23 مارس لعام 1997 فى العاصمة الباكستانية إسلام آباد..والثانى فى 5 مارس 2003 بالعاصمة القطرية الدوحة ، والثالث يومي 7 و8 ديسمبر 2005 بمكةالمكرمة ، والرابع فى 14 أغسطس 2012 بمكةالمكرمة.