اقتضت سنة المولى سبحانه التمهيد للأحداث الكبرى خصوصًا الرسالة القرآنية لتوجيه البشرية إلى يوم البرية, فالتمهيد لرسولنا صلى الله عليه وسلم بدأ,, -حيث بشر عيسى برسولنا ومبشرا برسول الله يأتى من بعدى اسمه أحمد ولم يبشر موسى بعيسى عليهما السلام. ثم جاء الإعداد, روحيًا وماديًا, بالتأسيس القرآنى الشامل كان خلقه القرآن وصولاً إلى التفرد المطلق حيث نصلى جميعًا ونقول فى سورة الفاتحة "اهدنا الصراط المستقيم" فى حين أن رسولنا هو الوحيد المؤكد أنه على الصراط المستقيم "يس والقرآن الحكيم إنك لمن المراسلين على صراط مستقيم",,, كل ذلك لتأهيله لهداية البشرية الأمر الذى يمثل ثقل الرسالة "إنا سنلقى عليك قولاً ثقيلاً"، وكذلك كانت النشأة البشرية لرسولنا "وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا" هذه النشأة هى أساس القدوة العصرية لرموزنا السياسية حيث كان للرسول جانبان متكاملان,,: - الأول: -جانب التبليغ المقدس ,,, والثانى: جانب التطبيق البشرى التبليغ عن الوحى وهو الجانب المقدس والمخصص لرسولنا فقط من دون كل البشرية ثم جانب التطبيق البشرى الذى يحتمل الصواب والخطأ حيث لابد أن يكون الرسول هو أول مَن يطبق ما يدعو إليه (أكرر أول مَن يطبق ما يدعو إليه) دون ادعاء قداسة والأمثلة معروفة حيث كان يغير قراراته بناءً على آراء الصحابة تطبيقاَ للشورى والإشارة خاصة لرموز القوى السياسية الإسلامية التى حازت الشعبية والأغلبية البرلمانية كما هو متوقع,, - أنتم أصحاب رسالة ومسئولية لا بديل لها فى مرحلة تاريخية لا مثيل لها من حيث المتغيرات فى موازين القوى العالمية التى ستشكل بناءً على التحولات المتوقعة فى منطقتنا العربية التى لا يمكن أن تكون( فى مناخ الحرية) إلا نتيجة للتوجهات الشعبية التى منحتكم ثقتها. وكما كانت لبعثة رسولنا بقريش دلالة لها قيمتها من حيث التأثير الاستراتيجى على محيطها فى حينها فإن مصر الوحيدة المذكورة بالقرآن وكنانة الله فى الأرض والكنانة تعنى الجراب الذى يحمى الناس من الاستخدام الخاطئ للسلاح الحاد, مصر هى رمز الاعتدال والوسطية فكريًا وجغرافيًا ومناخيًا, بشهادة كل زعماء ومفكرى العالم, مصر هى أقدم دولة مركزية تاريخية, الدولة الوحيدة التى حافظت على نفس حدودها الجغرافية، كما هى الآن ومنذ سبعة آلاف سنة وهى أقدم دولة دستورية وبرلمانية فى المنطقة,, -هذه الدولة بشعبها الذى قام بأهم ثورة سلمية حضارية فى التاريخ (شرحها يطول), أهم ثورة فى أهم دولة ولأول مرة فى العصر الحديث يصل حاكم ونظام حكم ذو خلفية ومرجعية إسلامية لمقاليد السلطة عن طريق ثورة سلمية شعبيه ثم آليات ديمقراطية نزيهة, باعتراف العالم, وليس عن طريق حركات أو انقلابات عسكرية مثل أفغانستان والسودان المنسوبين بالخطأ لنماذج الحكم الإسلامى,,, مما يعنى أننا لأول مرة تاريخيًا بعد سقوط الخلافة الإسلامية نجد أن المشروع الحضارى الإسلامى بالفعل "تحت الاختبار" فى مواجهة المشروع العلمانى الإمبريالى الغربى المتحالف مع الصهيونية العالمية,, أى أن مصر والمصريين هم الآن أصحاب أهم حدث حضارى سيؤثر على العالم فى العصر الحديث وهذا أيضًا باعتراف مفكرى العالم. - فإذا نجحت الثورة المصرية فى إقرار الإرادة الشعبية وآليات الديمقراطية وصولاً لتحقيق التنمية والنهضة الاقتصادية والاجتماعية فلابد أن ينعكس كل ذلك على المنطقة التى تمثل مسرح الأحداث الفارقة العالمية, ولذلك لاحظنا على مر المرحلة الانتقالية بعد الثورة قيام مختلف القوى العالمية بممارسة شتى الضغوط والإجراءات الفعلية على الأرض لإعاقة التحول الديمقراطى المصرى الذى يأتى بالإسلاميين بالانتخابات والهوية الإسلامية بالاستفتاءات, ولم نلاحظ ذلك مع تونس أو المغرب التى صعد بها أيضًا التيار الإسلامى بالانتخابات الديمقراطية.. وبالتالى, منتهى المراد فى توجيه العباد فى هذه المرحلة الفارقة هو أن نؤكد أن نجاح ثورة مصر سيمثل نقلة نوعية تاريخية للمنطقة بأسرها، فضلا عن تأثيرها عالميًا, وذلك فى إطار التكليف الحضارى بالاستخلاف وإعمار الأرض وهو تشريف للقوى السياسية الإسلامية ما بعده تشريف لا سابق منذ الخلافة ولا لاحق إلى النهاية,, وبقدر التشريف لابد أن يكون التكليف.. والله أعلم. [email protected]