معلوم أن الكوارث والمشاكل موجودة فى كل الدول وفى جميع المجتمعات، لكن الشعوب المتحضرة تعالج مشاكلها بهدوء وتعقل.. بينما نحن فى مصر نعقدها ونزيدها اشتعالا وتفاقما كمن يخرب بيته بيديه..!! ولا بد من لحظة صدق مع الذات ومكاشفة لها، فكفانا تضليلاً وخداعًا لأنفسنا، ولنتأمل هذه الظواهر جيدًا ونفكر فى أسبابها وعلاجها: 1. عندما يبيع أصحاب المخابز نصف حصصهم من الدقيق فى السوق السوداء، ويخبزون النصف الآخر ويضعون كناسة الدقيق الذى يقع على الأرض فى العجين بما فيه من أتربة وحشرات.. فمن الفاسد هنا ومن الذى انْتُزِعَ ضميره؟ 2. عندما يشترى بعض الناس الخبز المدعوم ليطعموا به الماعز والأغنام والدجاج والبط والمواشي.. فمن الفاسد هنا ومن الذى انْتُزِعَ ضميره؟ 3. عندما يضع المزارعون كميات كبيرة من المبيدات الزراعية والهرمونات على الخضراوات والفاكهة لتنضج قبل أوانها، ولا يفكر أحد فى مدى خطورة ذلك على صحة المواطنين.. فمن الفاسد هنا ومن الذى انْتُزِعَ ضميره؟ 4. عندما يغش المقاولون فى المبانى ويسرقون نصف كميات الأسمنت المطلوبة، ويخالفون رخص البناء ويرفعون الأدوار، ولا يفكرون فى ضحاياهم الذين سيموتون تحت أنقاض المبانى وكأنهم يشيدون للناس قبورهم.. فمن الفاسد هنا ومن الذى انْتُزِعَ ضميره؟ 5. عندما يضع منتجو أعلاف الدواجن كميات كبيرة جدًا من (الجير) أضعاف أضعاف أضعاف المسموح به وذلك لتثقيل ميزان ما ينتجونه من علف، ثم نأكله نحن المصريين ويصاب 40% منا بعد ذلك بالفشل الكلوى بسبب الطعام الضار (من دجاج وخضار وفواكه..).. فمن الفاسد هنا ومن الذى انْتُزِعَ ضميره؟ 6. عندما لا يفكر كل واحد إلا فى مصلحته الشخصية هو فقط ولو على حساب أخيه ابن أمه وأبيه.. فمن الفاسد هنا ومن الذى انْتُزِعَ ضميره؟ 7. عندما نهمل أعمالنا ونقصر فيها فلا يعَلِّم المعلم تلاميذه، ولا يعالج الطبيب مرضاه، ولا يخلص المهندس فى عمله، ولا ينتج العامل ولا الفلاح.. فمن الفاسد هنا ومن الذى انْتُزِعَ ضميره؟ 8. عندما نخالف كل قواعد وقوانين المرور، ونهمل أبسط قواعد السلامة، ونصر على ارتكاب الأخطاء ونرفض الاستماع لأى نصيحة، ونكابر ونجادل فى كل كبيرة وصغيرة فى حياتنا رغم كثرة الحوادث والكوارث وبشاعة النتائج السلبية والآثار المدمرة المترتبة عليها.. فمن المسئول هنا ومن الذى يجب أن نحاسبه؟ 9. عندما نتحول إلى 90 مليون محلل سياسى ومُنَظِّر اقتصادى ومفكر أيديولوجى وخبير عسكرى.. فمن المسئول؟ 10. عندما نسمح لقنوات الفلول وصحفهم وكل وسائل إعلامهم الكاذب المضلل بأن تبث سمومها ليل نهار، وتغسل أدمغة المشاهدين، وتثير البلبلة بين المواطنين وتُحَرِّض على الفوضى والاضطراب، وتشجع على القيام بأعمال خارجة على القانون للتهييج والإثارة لتخويف المستثمرين كى تهرب الاستثمارات ويتردى اقتصاد البلد فيسقط النظام.. فمن المسئول؟ وكيف النجاة؟!! 11. عندما ينتهك بعض القضاة ورجال النيابة حرمة القضاء واستقلاله، ويدشنون عصر شريعة الغاب فى مصر ويهددون محامى الشعب بأسلحتهم.. فماذا تنتظرون بعد ذلك؟! 12. عندما يكتفى بعض المتدينين من التدين بالمظاهر والقشور الشكلية فقط، وإذا بحثت فى سلوكياتهم ومخالفتها لصحيح الدين لوجدتها بعيدة كل البعد عن الإسلام.. فما المخرج وأين السبيل؟!! 13. عندما يحارب العلمانيون والليبراليون واليساريون والحداثيون كل من يرفع لافتة إسلامية، ولا يدخرون وسعا ولا جهدا فى سبيل إفشال الإسلاميين وإقصائهم، وهم الغالبية الكاسحة وهوى الشعب معهم.. فمن المسئول؟ وما العمل لحماية المجتمع من التمزق والحفاظ على الوطن من التفكك؟! صدقونى إن الفساد يعشش فى مصر فى كل مكان، وهذه هى أكبر كارثة تركها لنا المخلوع ونظامه البائد.. ولا تتخيلوا أن الفاسدين (صغروا أو كبروا) سيسلِّمون بسهولة ويتركون سفينة الوطن تبحر نحو بر الأمان.. لأنهم يظنون أن ذلك ضد مصالحهم الشخصية.. وسيقف الكثيرون ضد أى محاولات للتغيير.. وسيستغل أعداء الوطن ذلك لتعويق المسيرة، وإفشال الثورة التى جاءت لتنسف منظومة الفساد.. فلا تظنوا أن الأمر سهل ميسور، فعندما ينخر الفساد مجتمعنا إلى هذا الحد فسيكون التغيير مؤلمًا وعسيرًا ولا شك، ولا بد من وجود آلام مبرِّحة تصاحب اجتثاث الفساد واقتلاع جذوره.. أيها المصريون.. علينا أن نصبر على عملية التطهير والبناء فستستغرق منا بعض الوقت وسيصاحبها كثير من الألم.. ولا تلوموا إلا أنفسكم فأنتم من سمحتم للمخلوع ونظامه الفاسد على مدى عقود طويلة بأن يصل بنا إلى هذا الحد من الفساد، وهذه المرحلة الخطيرة من التدهور الشامل فى كل شيء، ولن يستطيع السيد الرئيس محمد مرسى ولا أى شخص غيره علاج كل هذه المشاكل بضغطة زر، فبدلا من أن نعيقه ونعرقل مسيرته بما نثيره من فوضى واضطرابات، علينا أن نتقى الله تعالى فى مصر وننطلق للعمل والإنتاج، ونمنح المسئولين الفرصة الكافية وبعض الوقت لإصلاح ما أفسده المخلوع وعصابته!! [email protected]