نشرت الأهرام اليوم في صفحتها الأخيرة أن مصححي أوراق الثانوية العامة في مادة الجغرافيا فوجئوا بأغاني نانسي عجرم هي المكتوبة في الورقة وبالطبع لابد وأن المصححين أخذهم الذهول والدهشة مما رأوه ، خاصة وأنهم واخدين الحكاية بجد ، وبالطبع رفع الأمر لجهات التحقيق ومن المتوقع أن يلغي امتحان الطالبة في جميع المواد. وسأحاول الغوص في نفسية هذه الطالبة التي تركت أوارق الإجابة بيضاء إلا من أغاني نانسي عجرم ، لماذا فعلت الطالبة ذلك ، لماذا جعلت من نصوص عجرم مادة للإجابة بدلا من مقررات الجغرافيا ، هذه كارثة حقيقية وكأن البنت تريد أن تقول لنا إن نصوص عجرم وأغانيها وإعلاناتها ورقصاتها ومجونها هوعنوان عصركم ، وهو عنوان بلدكم التي انحطت إلي حد أنه لم يعد هناك أي محرمات . هل من المعقول أن تظهر نانسي عجرم كل دقيقة علي التلفزيون أمام أولادنا وبناتنا وهي ترقص وتفسق وتقدم علي أنها نموذج المرأة المعاصرة ثم بعد ذلك نطالب أولادنا بالعفة والأخلاق ، صحيح أنك تقول لي ولكن لا تتفرج عليها ، وهنا لب الموضوع ، وهو أن الدولة وقوانينها مهمة لحمايتنا وحماية أخلاقنا ، فمهما كانت قدرة الفرد أو بعض الناس إلا أن بقية المجتمع وفئاته من المراهقين والمراهقات لابد للدولة من التدخل لحمايتهم ، ومهما قيل عن أهمية الفرد والبيت وأنها الرافعة الأخلاقية المهمة للجماعة والمجتمع والدولة وأنا مقر بذلك وأدعو له ولكن كل ذلك في ظل مجتمع يعرف الضوابط ويضع القواعد والحدود وله وظيفة أخلاقية ومهمة إنسانية لحماية النشء من الانحراف . إنها كارثة أن تقتحم علينا نانسي عجرم بيوتنا وتخترق عقول شبابنا وتقدم لهم علي أنها النموذج أو الموضة في وقت نسعي إلي محو كل أثر للدين والأخلاق وللرموز الإسلامية والوطنية الحقيقية ، إن هناك شئ اسمه المجتمع هو الذي جعل نانسي عجرم انموذج هو الذي سوقها وهو الذي قدمها وهو الذي غلفها وهو الذي فتح لها قنوات التلفزيون مفروشة ، إن البنت أرادت أن تقول لوزير التعليم وللمصححين وللعملية التعليمية كلها ، وداعا للتعليم ، نريد أن نكون نانسي عجرم ، بلا هدة حيل في التعليم ، نريد القفز إلي أعلي لنكون نحن مثل اللبنانية نانسي عجرم . أين الأزهر ؟ أين المفتي .؟ لماذا يأخذون رواتبهم ؟ وهم قد أصدروا الفتاوي السياسية للحاكم قائلين بوجوب الخروج للاستفتاء لأنه كتمان للشهادة . أي شهادة ؟ وأين شهادتكم أنتم أمام رب العالمين وأمام الأمة ، التي لا تسمع منكم إلا الفتاوي السياسية لإدانة العلميات الاستشهادية في العراق ، لم نسمع فتوي واحدة منكم بحرمة ظهور الكليبات التي تظهر الشباب والشابات عاريات يمارسن الفسق علنا علي الطريقة الغربية . أصدروا فتوي بحرمة هذه الكليبات القطعية التي لا خلاف فيها ، وتحملوا أجهزة الدولة مسئولية مخالفة هذه الفتوي وكذلك القنوات الفضائية المجرمة . أصدروا فتوي بحرمة عرض هذه الكليبات الفاضحة وبحرمة مشاهدتها وتكونوا قد برأتم ذمتكم أمام الله . الشيخ نصر فريد واصل حين أصدر فتوي حرمة التدخين أثرت علي الكثير ومن الناس من ترك التدخين بسبب هذه الفتوي ،وصارت مرجعا في الموضوع رغم أن التدخين ليس بخطر إشاعة الفاحشة بين الشباب والشابات المسلمات " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون " . ماذا يفعل الأخ المفتي الجديد علي جمعة ( الدكتور ) ، هل شغلته هو أن يرد علي فتاوي المتصلين بدار الإفتاء هذا يقوم به مفتون عاملون في الدار وفي الأزهر وغيرها وأنا والله أفتي أحيانا في مسائل جزئية حين أسئل فيها ، ولكن المفتي الأكبر ماذا يعمل ياليته وأنا أظن أنه يكتب مقالا أسبوعيا في الأهرام يقول لنا ماهو برنامجه اليومي وماهي خططه لحماية أخلاق المسلمين ومنع إشاعة الفاحشة بينهم أم أنه الشيخ " هلال " علي حد قول الشيخ كشك يرحمه الله . وحين لا تحترم كلمة المفتي ولا فتواه عليه أن يستقيل من منصبه وهناك علماء كبار فعلوها ، إن العالم هو معلم السلطان وليس هو من ينتظر إحساناته وإنعاماته وصحيح منصب المفتي أمله وفخفخة وهيلمان ولكنه أيضا مسئولية ، أنا لا أتكلم عن شيخ الأزهر فأمره إلي الله وأنا أقرأ التاريخ العثماني كان هناك رجل اسمه خير الله أفندي كان الأتراك يسمونه " مفسد إمام " أي الإمام المفسد ، وأمانة العلماء ثقيلة وانتزاع العلم يكون بمجئ أئمة جهلة لكن أئمتنا يعرفون ويعلمون ، ولكنهم يكتمون ولا يبينون فانتزاع العلم بكتمانه والخوف من إظهاره ومن قبل فعقد العلماء مع الله "وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئسما يشترون" . إننا في عصر نانسي عجرم فهي أبرز معالم العصر المصري الردئ وهي استطالت بقامتها حتي لم نعد نري من خلفها صوتا يقول لها كفاية ... إن كفاية هي للعصر كله بما في ذلك فنانوه الذين دافعوا عن السلطان وهم أداته لأغواء الناس .