لا أحق بطول حبس من لسان, بعض الألسنة تستحق العرض على النيابة, ثم على الجنايات, حتى تتعلم السكوت, أو تقطع, أو حتى يقضى الله أمرًا كان مفعولًا. عرضوا أكثر من مرة المناظرة على رجل في منتهى الذكاء, اسمه ابن دقيق العيد, وحاولوا تحريضه بشتى الطرق للتناظر, وكان عالمًا شيخًا للإسلام, فرفض.. ولما ضيقوا عليه الخناق, قال: "إني أحب الصمت".. مع أن ابن دقيق العيد لو تكلم, فكل كلمة من لسانه توزن بالذهب, وتفوح بالعنبر. لو راجعنا بعض تصريحات قادة من الإخوان, أو رموز محسوبين على السلفيين, لوجدناها في غير وقتها, وغير محلها, وغير مناسبتها.. وما ضرهم لو سكتوا, وما كان أسعدهم لو سكتوا.. بعضهم يبرر تصريحاته, بأنها إجابة عن سؤال, ولو راجع نفسه.. ثم صدق معنا ومع نفسه, لأيقن أن السؤال ملغوم, و أنه غير مضطر أن يجيب عن كل سؤال. ما أحوجنا إلى الصمت.. ما أحوجنا لتعلم السكوت, السكوت فضيلة, وكثير من الكلام رذيلة, ومعظم التغريدات على"توتير" فضيحة.. وأغلب ما ينطق به بعضنا باللغة العربية قنابل متفجرة, مع أن نفس لغتنا العربية, هي أبلغ لغة سجلت أمثالًا و حكمًا و أشعارًا و خطبًا عن فضل الصمت وفضيلة السكوت. حتى كتاب ربنا جل وعلا أثبت بغض الجهر بالسوء إلا في الموقف العصيب "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم, وكان الله سميعًا عليما".. فما بالنا بالجهر بالسوء من غير ظلم, بل من غير حاجة أصلًا و لا سبب.. يتطوع بعضنا ويتسابق للجهر بالسوء, وكأن السوء سوقًا رخيصة الأسعار, وسوف تنفد بضائعها, فأسرع والْحق قبل أن ينفد السوء من السوق. أيها المغردون و يا أيها اليوتيوبيون ويا أيها الفيسبكاويون, ارحمونا رحمكم الله, ومن كان منكم يؤمن بالله و اليوم الآخر, فليقل خيرًا أو ليسكت.. قالوا سكتّ وقد أوذيت قلتُ لهم إنَّ الجوابَ لبابِ الشرِّ مفتاحُ والصمَّتُ عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفُ وفيه أيضًا لصونِ العرضِ إصلاحُ أما تَرَى الأُسْدَ تُخْشى وهْي صَامِتة ٌ والكلبُ يخسى لعمري وهو نباحُ الله يرحمك يا شافعي, وبالله عليكم أيها الأسود كفاكم نُباحا, ويا أيها القراء الكرام, زودونا بكلام عن فضل الصمت. [email protected]