لغة النساء ، همس المشاعر، بوح الحنايا ، كشف الخبايا، التوق إلي الترابط والتواصل ،الخوض في غمرة الأشياء والوصول إلي لبها ، التماس معها الأرتباط بها ، الاستغراق في خضمها . تحتاج المرأة أن تتحدث عن مشاعرها ، وعن مشاكلها الحقيقية والمحتملة وهي لا ترتب المشكلات حسب أهميتها أو موضوعها فما دامت محبطة فهي محبطة من جميع المشكلات صغيرها وكبيرها ولا يعنيها أن تجد لهما حلولاً فورية ولكنها تنشد الراحة عن طريق التعبير عن نفسها وعن طريق تعاطف الطرف الآخر معها ويفهمه لمشاعرها وحديثها عن مشكلاتها يقلل من إحباطها وكلما وجدت من ينصت ويتعاطف معها خف الضغط عنها . في كتابة الطريف والهام "آدم من المريخ حواء من الزهرة" يتحدث الفليسوف الأمريكي د.جون جراي عن الاختلافات في استخدام اللغة بين الرجال والنساء وذلك عبر دراسته وملاحظته لأكثر من 25 ألف مشارك في محاضراته من الجنسين ومن مختلف الأعمار والطبقات فيقول " يتحدث الرجال والنساء لغتين مختلفتين فالرجل يتحدث للتعبير عن المعلومات بينما تتحدث المرأة للتعبير عن المشاعر وفي إجابته عن سؤال لماذا تتكلم النساء ؟ يقول تتكلم النساء لأسباب متنوعة بل أحياناً تتحدث النساء لنفس الأسباب التي تدفع الرجال للصمت وهذه أربعة أسباب معتادة لكلام النساء . 1- التواصل أو جمع المعلومات وهذا هو السبب الوحيد الذي يدفع الرجل للكلام . 2- لاستكشاف واكتشاف ما تريد قوله يصمت الرجل ليحاور نفسه فيما يريد قوله قبل أن يتكلم بينما تتكلم المرأة لتفكر بصوت عال . 3- حتى لا تشعر بالتحسن وتتخلص تدريجياً من الإحباط ن يصمت الرجل إذا كان محبطاً وينسحب ليسترد هدوءه . 4- لتتعرف على ذاتها بصورة أوضح ولتشعر بالتقارب فالمشاركة في مشاعرها يساعدها على الوصول إلى علاقة حميمة، يصمت الرجل ليكتشف ذاته فهو يخاف أن تسلبه العلاقة الحميمة قوته. هذا الفهم الحيوي لاختلافاتنا واحتياجاتنا يبين لنا لماذا يتنازع الأزواج كثيرا. ويؤكد ذلك ما أعلنته مؤخرا وكالات الأنباء من بلاد العجائب في آخر الدنيا، أنه هناك في الصين لغة حقيقية خاصة بالنساء وحدهم تسمى (النوشو) وهي لغة سرية لا تتحدث بها إلا النساء فقط وتحديدا في المناطق النائية بوسط وجنوبي الصين. ووفقا لخبراء اللسان فإنه ما من لغة في العالم قاصرة على جنس من دون آخر إلا النوشو، ولكن هذه اللغة قد اندثرت بوفاة "يانج هو يانبي" آخر امرأة كانت تتحدث بها في الصين وماتت عن 98 عاما ودفنت معها وثائقها المكتوبة بلغتها الخاصة جدا. عندما يتساءل الرجل عن جدية الوعد وصدق القول والوفاء بالعهد يقول هل هو كلام رجال أم كلام حريم؟ والحقيقة أن في هذا ظلم كبير فالمرأة تفي بوعدها وتقوم بأكثر من واجباتها، حتى أن آخر الأبحاث العلمية في لندن يقول "المرأة كائن يضحي من أجل الآخرين وأن هذه طبيعتها الفطرية، حتى أنها من الممكن أن تموت بأمراض القلب والضغط أثناء رعايتها لغيرها دون أن تهتم بمتابعة صحتها". ربما يأتي هذا الاتهام الظالم للمرأة من سوء فهم الدلالة اللغوية لحديثها فهي تتعهد بالقيام بأكثر مما تطيق من أعباء وتتحدث عن آمالها وتعبر عن تفاؤلها بأن كل شيء سيكون أفضل فإذا لم يحدث ما تمنت عده الرجال كلام حريم. في هذا الباب سوف أتحدث بلغتي الخاصة، لغة النساء، لغة لا تكتفي بالحواس الخمسة بل تلتقط بحاستها الأنثوية إشارات تستطيع هي وحدها أن تفك شفرتها بحاستها الأنثوية وتستخلص رموزها لتساعدها على رؤية أوضح وإحساس أنقى ومشاعر أكثر صفاء، وتستعين بكل ذلك لتكوين رؤية بزاوية منفرجة، رؤية تتجاوز المنظور لتكشف خبايا لا ترى إلا بعين القلب وحده